7 أبريل، 2024 2:28 م
Search
Close this search box.

إعتزال الصدر نهضة وطنية وليس تخلّي عن الوطن

Facebook
Twitter
LinkedIn

في البداية لابد لي أن أقول مهما حاول الكاتب أن يصل الى صياغة جميلة من العبارات وتجميع أفكاره بشكل جميل فإن قلمه يرتجف بخشوع حين يعتزم الإبحار في أمواج الشخصيات الوطنية  الكبيرة لأنه عاجز عن توصيفها فضلاً عن تقييمها فكيف بي وأنا أقف بين يدي جبل شامخ أدهش الشعب العراقي وغير مجرى التأريخ المعاصر لبلاد الرافدين بل امتد أثره في بلدان شتى , إنه مقتدى الصدر.

– كثر الحديث عن موقف السيد مقتدى الصدر من العملية السياسية وانعزاله عنها فهناك من يقول إن الصدر عجز عن تغيير حالة البؤس التي يعيشها الشعب العراقي وهناك من يقول إن موقفه هذا هو تكتيك سياسي لحصد أكبر عدد من المقاعد لكتلة الأحرار وهناك من ينظر بنظرة ضيقة لهذا الخطاب ويقول إنه يعطي المجال لرئيس الوزراء حتى يحصل على الولاية الثالثة وهناك من يقول إن الصدر تولدت لديه حالة من الغضب والإنفعال بسبب الممارسات الحكومية المحملة بأوزار الأزمات والتي تضر مباشرةً بالمواطن العراقي على جميع المستويات وأهمها المستوى الأمني الذي أصبح أمراً مستصعب حله وحلم عراقي يصعب تحقيقه , وما أراه بوصفي متابعاً لجميع تحركات هذا القائد بل وقارئ لفكر أبيه وعمه من قبله أستطيع أن أقول بأن السيد أراد إحداث صدمة للشعب العراقي شعبا وسياسيين تنبههم لحقيقة ما يجري من بدايات صنع دكتاتورية لا تقل ظلما وتعسفا عن دكتاتورية صدام وأن مثل هكذا صدمة أو هزة لايحدثها إلا شخص بحجم وقيمة مقتدى الصدر وقد فعلها من قبله عمه محمد باقر الصدر .. بل فعلها قبلهما أبو الأحرار الإمام الحسين (ع) حين رأى حجم الظلم والفساد المنتشر بالأمة لايمكن فضحه إلا بدماء مقدسة كدماء الحسين … ومن المعلوم أن الشعب العراقي ومنذ استشهاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو يندم على عدم نصرته ويتباكى من أجل أن يمن الله عليه بحاكم مثله حتى إذا منَّ الله عليه بهذا الحاكم انقلب الشعب على عقبيه وخان الحاكم الحق واستمرت هذه الحالة طويلآ إلى أن وصلت المرحلة مع الشهيدين الصدرين فتخلى الشعب عن الأول وبكى على مقتله ومن الله عليه بالثاني فتكرر التخلي من الشعب تجاه هذين القائدين العظيمين الذين خاطبا الشعب بخطاب وطني وحدوي لا يفرق بين شيعي وسني ولابين عربي وكردي بل كان خطابهما خطاب الدين الواحد وخطاب الوطن الواحد .. إنه خطاب الإنسانية التي هي أساس العلاقة بين البشر.. فخاطب الشهيد الأول جمهور الشعب قائلآ : ((أنا معك يا أخي السني بقدر ما أنا مع أخي الشيعي .. وأنا معك يا أخي الكردي بقدر ما أنا معك يا أخي العربي )) بل نجد السيد أبوجعفر قدم في خطابه السني والكردي على أبناء مذهبه الشيعة وأبناء قوميته العرب وأي إنسانية فوق هذه الإنسانية ؟؟؟ نعم مقتدى الصدر هو الفرع الباقي من هذه الشجرة التي أصلها في الأرض وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بأمر ربها.. فلو اقتضى أمر الله .. أو اقتضت مصلحة البلد بأن يضحي المقتدى بدمائه الطاهرة لما تأخر عن ذلك .. ولكن ألا يكفينا نحن العراقيين أن نفقد في كل مرحلة وفي كل جيل قائداً فذاً لاتجود الدنيا بمثله في كل يوم … ألا يكفينا تلك التجارب التي مر بها العراق لنتعرف من خلالها على الواقع المر والمستقبل المظلم الذي ينتظر العراق .. ألم يحذر الشهيد الأول الشعب العراقي ورجال الدين والسياسيين من خطر صدام حسين فصاروا يهزؤن منه ويتهمونه بتعطيل البلد ، فالقائد الضرورة وعدهم حينها بمشاريع تنهض بالبلد وأهله كمااليوم  يعدنا المالكي بقانون البنى التحتية وغيرها من القوانين التي شابت رؤوسنا ولم نر منها شيئاً بل صرنا نتهم أشرف الناس ونشهر بهم  من أجل قوانين هي مجرد حبر على ورق ، بل أصبحنا مستعدين لقتلهم كما فعل آباؤنا من قبل حين خذلوا الشهيدين الصدرين.
وبعد … فإن الصدر لايريد أن ينهي حياته على يد أتفه الناس .. ولا يريد لنفسه أن يذهب ضحية لمطالباته من أجل شعب لا يعرف عدوه من صديقه … فجاءت هذه الصدمة أو لنسميها الصعقة الكهربائية لتهز ضمير الشعب ولتعيد الدماء لروح هذا الشعب العظيم الذي دجنه الظالمون فأصبح يرزح تحت نير الظلم والجهل والخداع والتضليل … فمقتدى الصدر بما يمثله من إرث وتاريخ ودين و وراثة شرعية لعائلة كريمة مضحية .. بكل هذه الأمور وبهذه الحركة التي فعلها مؤخراً ينبغي أن يثير فينا الحمية من أجل الدين والوطن .. ويجب أن تزيح عن أعيننا حجاب التضليل وعن أسماعنا الإعراض عن سماع كلمة الحق .. فالواقع مر والمستقبل مرعب ولا نكتفي بالسكوت كما كنا .. بل لنتفاعل مع هذا الرجل الذي يريد بنا خيراً وإلا فلا نبكي ولا نتباكى من ظالم صنعته أيدينا .. ولا نكرر خطابنا للحسين (( يا ليتنا كنا معك )) فإن كنا صادقين بخطابنا للحسين فها هو حفيده قد منَّ الله به علينا .. وكما كان الحسين للمسلمين والإنسانية عامة فإن الصدر على نهج الحسين سائر ومن أجل حقوقنا ثائر  فلننصره جميعاً بعيداً عن كل عناوين التفرقة .

وأخيراً أقول : تحيتي لك يا ابن الطاهرين ودعائي لك ياسيد المقاومين وسلام عيك يوم ولدت ويوم وقفت مع أبيك تقارع البعث وسلام عليك يوم قاومت المحتل حين جبن غيرك وسلام عليك وأنت تقاوم هذه الطغمة الفاسدة التي تريد بالعراق وبأهله سوءاً
ولعن الله من ظلمك ومن خانك ومن عاداك من المشرق والمغرب .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب