مع إقتراب العد التنازلي للإنتخابات العراقية العامة التي سيتم إجرائها في نيسان المقبل، خرج الزعيم الديني مقتدى الصدر على العالم ليعلن إعتزاله العمل السياسي و رفع الغطاء عن کتلته(کتلة الاحرار)، وهو قرار سرعان مانجم عن تقديم أعدادا ملحوظة من کتلته لإستقالاتهم من البرلمان و کذلك سحب ترشيحاتهم للانتخابات القادمة.
کتلة الاحرار الى جانب کتلة الحکيم، اللتين حققتا تقدما واضحا على حساب کتلة دولة القانون التابعة للمالکي في الانتخابات المحلية الاخيرة، بينت بوضوح و من دون أدنى شك بأنه من الممکن جدا سحب البساط بسهولة من تحت أقدام المالکي و إزاحته عن کرسي رئاسة الوزراء و جعل طموحه الى الولاية الثالثة هبائا منثورا، وهذه الحقيقة کانت معروفة لدى النظام الايراني و قطعا تمت دراستها من مختلف الجوانب، لکن النظام الايراني معروف عنه ولعه بتعدد الخيارات و کذلك تعدد الوجوه و التيارات التي يستخدمها في مناوراته و ألاعيبه السياسية، وخصوصا في العراق، ولذلك فضل أن يبقي خيار إبقاء المالکي لولاية ثالثة حتى اللحظات الحرجة حتى يستغله أفضل إستغلال و يدفعه لإستخراج کل مابحوزته من إمکانيات و قدرات من أجل خدمة أهداف و أجندة النظام الايراني في العراق، ويبدو أن المالکي قد نال رضا طهران في الوقت بدل الضائع!
الصدر الذي سبق له و ان أعلن الاعتزال و تراجع عن إعتزاله بعد أيام نزولا عند مطالب قادة التيار الصدري، يرتبط بعلاقة وثيقة مع النظام الايراني وهو على تردد و إتصال و تنسيق مع قادة النظام، وان هکذا قرار خطير و حساس يتخذه قبل فترة قصيرة نسبيا من الانتخابات العراقية العامة في نيسان القادم، لايمکن أبدا أن يکون قد إتخذه الصدر من تلقاء نفسه و من دون مشورة او معرفة و علم طهران، بل وان الاغلب قد تم إتخاذه على أساس إشارة او طلب خاص منها من أجل إفساح الطريق أمام المالکي لنيل الولاية الثالثة، ذلك أن إعتزال الصدر قد أدى کما هو واضح لحد الان الى تبدد تياره و إضمحلاله و بالتالي رجحان الکفة مجددا لصالح المالکي، الذي يبدو واضحا المستفيد الاکبر بل و الوحيد من هذا التطور(غير المفاجئ بالنسبة للمتتبعين لقضية ترشح المالکي لولاية ثالثة).
لو کانت الاوضاع باقية على حالها و لم يعتزل الصدر، فإن الاحتمال الاکبر کان خروج المالکي من اللعبة و بالتالي جعله مکشوفا أمام خصومه و الاهم و الاخطر من ذلك بکثير، سقوط هيبة النظام الايراني عراقيا من خلال إزاحة تابع و محسوب عليه، وهو ماکان سيدعو الى توظيف هذا الامر سياسيا لصالح التيارات الوطنية العراقية الرافضة لنفوذ النظام الايراني و الراغبة بتحديده و حتى إنهائه، ولذلك فإن رهان طهران قد تم حسمه لصالح المالکي الذي قدم خدمات”جليلة” لهم وعلى مختلف الاصعدة العراقية و الاقليمية و الدولية، ويکفي إستحضار مافعله بالمعارضين الايرانيين في معسکر أشرف و ليبرتي من مجازر و إنتهاکات فظيعة ضدهم، ومافعله و يفعله باالانبار و الفلوجة، و ماقدمه و يقدمه للنظام السوري، و الخدمات المجانية الاخرى المتعلقة بمساعدة النظام الايراني للإلتفاف على العقوبات الدولية و جعل العراق جسر و ممر موظف لهذا الهدف.
[email protected]