23 ديسمبر، 2024 12:45 م

إعترافات متأخرة ….

إعترافات متأخرة ….

في برنامجه الشهير على قناة الفلوجه ( شهادات خاصة ) الصديق حميد عبدالله . يستضيف في حلقة جديدة النصيرة الشيوعية السابقة ( نصيرة القيسي ). ومنذ اللحظات الأولى للإعلان عن الحلقة عبر فيلم فديو قصير على مواقع التواصل الاجتماعي وموقع الفلوجه , توالت ردود الافعال بين مؤيد ومعارض . وتلقيت شخصياً عدة أتصالات , كانت أحدها من الدكتور حميد عبدالله لشهادتي السابقة على تداعيات إعتقال فالح حسن ( أبو بهاء ) وإعدامه في كتابي الذي صدر في طبعته الاولى من دار ( فيشون ) في السويد ( سجين الشعبة الخامسة ), في حينها لم أدخل في تفاصيل الحدث ,لكنني أشرت بما يمليه عليه موقفي الشيوعي , ولتكن شهادة للتاريخ وبعد خروج زوجة المعدوم أبو بهاء على شاشة قناة الفلوجه السيدة ( نصيرة القيسي ) أبنة طبيب الاسنان المشهور والشهيد الشيوعي عبد الستار القيسي . سأتوقف عند تفاصيل الحدث بما وقع , وثمة من أتصل بي لمعرفته حول قربي وموقفي من تلك التفاصيل .

في شتاء عام ١٩٨٥ وصلت من قاطع ( سليمانية وكركوك ) عبر مدينة ( الرضائية ) الايرانية الى موقع ( لولان ) شريط المثلث الحدودي ( العراق , أيران , تركيا ) . كان تواً قد أسدل الستار على يوميات المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي العراقي من ١١ الى ١٥ تشرين الثاني في منطقة ( أرموش السفلى ) في لولان . كانت السجال محتدم في لقاءات الانصار الشيوعيين بين اليمين واليسار على تداعيات وقائع المؤتمر ونتائجه . كانوا رفاق الفرات الاوسط يلومون الرفيق باقر أبراهيم لموقفه بوقوفه بين مندوبين المؤتمر وأعلانه بعدم ترشيحه مره أخرى لقيادة الحزب , وأعفائه عن مهامه , ورفاق أخرون منتشين يعتبروه نصراً ساحقاً بازاحة الرعيل القديم من قيادة الحزب .

بعد أيام تهيأنا , مفرزة أنصارية من مناطق لولان الى قاطع بهدينان , هنا تعرفت على ( أبو بهاء ) لأول مرة وعلى عدنان الطلقاني ( أبو هيمن ) . وبلغنا رسمياً بالحيطه والحذر من الرفاق أبو بهاء وأبو هيمن لشكوك أثيرت حولهم بارتباطهم بأجهزة المخابرات العراقية وأنهم منعوا من حضور أيام وقائع المؤتمر أي حجروا في موقع بعيد عن خيمة المؤتمر في أرموش السفلى . في صباح ممطر وبارد من نهاية شهر تشرين الثاني تحركت المفرزة ضمت على ما أتذكر حكمة أقبال ( أبو قبال ) , كريم عرب ( أبو ماجد ) كانوا عائدين تواً من دورة حزبية في بلغاريا , والفقيد أبو ميلاد وأخرون لم تسعفني الذاكرة بأسمائهم , وكانوا معنا أبو بهاء وأبو هيمن . أستغرقت مسيرة المفرزة خمسة ليالي صعبة بسبب أجواء الطبيعة والطقس من أمطار وعواصف وثلوج . كانوا ( الرفاق ) أبو بهاء وأبو هيمن , كما كانت المخاطبات بيننا في وضع معنوي بعيداً عن التوقعات السيئة حول مصيرهم من خلال أستغلالهم لأي فرصة في الاستراحات بالهجوم على قيادة الحزب والتنكيل بوقائع المؤتمر , ويكررون ماذا سيتمخض عن الجبل الا ولادة فأراً . والتأكيد على معاني النضال في الداخل وأهميتها لحزب ثوري .

شهادتي تقول … كانت لهم فرصة مناسبة ومتاحة للهروب الى مواقع السلطة لو كان لهم أدنى شك بمصيرهم الذي سيؤول الى نهاية حياتهم .. مررنا بقرية أسمها ( جمجو ) وسط ربايا وتحركات السلطة كان هروبهم أسهل من رقراق الماء لو تدفق , لكن ربما لم يفطنوا ماذا ستخبيء لهم الايام والاقدار .
وصلنا الى مقرات ( زيوه ) على ضفاف نهر الزاب الصغير , وكنت معهم في الفصيل المستقل التابع للمكتب السياسي لتنظيمات الداخل , وكانوا الرفاق أراخاجادور ( أبو طارق ) , عمر الشيخ ( أبو فاروق ) , حميد مجيد موسى ( أبو داود ) في قيادة الموقع والتنظيم مع عشرات من الكوادر الحزبية ( المهمة ) والمهيأة لعمل الداخل .

ابو بهاء .. يمارس حياته بشكل طبيعي في الفصيل المستقل من حراسات الى خفارات , وكنت شخصياً معه بنفس الغرفة للمبيت مع مجموعة رفاق لا يقل عددهم عن ١٥ رفيقاً . كانت ردود أفعاله غاضبة أحياناً في الحديث عن وقائع المؤتمر ونتائجه وسياسة الحزب بشكل عام , وحتى أسألته كانت شديدة ولاتخلوا من الشك أثناء المحاضرات من قبل رفاق المكتب السياسي سواء كان أبو طارق أو أبو فاروق أو أبو داود حول سياسة المؤتمر الجديدة . بين عصرية وأخرى ينسل معه أحد رفاق المكتب السياسي في التمشي الى داخل الوادي , ونحن لنا الظاهر فقط أما ماذا يجري من أحاديث لا أحد يعرف فقط كنا نتلقى توصيات بالانتباه . يبدوا لي ومن خلال تطورات الاحداث , بدأ الحزب يتحرك بشكل جدي للوقوف على تداعيات هذا الملف , كنت حينها مبلغ بالتهيؤ الى الذهاب الى بغداد مع مجموعة رفاق الشهداء أبو أحمد وأبو سرمد ناحية ( الدغارة ) , أبو سالار وأبو بشرى ( السماوة ) والفقيد علي الجبوري ديالى ( جديدة الشط ) , وسلام العجيلي ( محمد عرب ) . في يومها وشوش في آذني ( أبو هيمن ) في فضاء مطبخ الفصيل , أذا تريد أعطيك تلفوني عندما تصل الى بغداد أتصل بي لنشكل قيادة في الداخل , وهذه قيادة جبانة , مباشرة أرعبني الخوف , وبلغت قيادة التنظيم بتلك السابقة الخطيرة في العمل السري , بقى أبو هيمن بين صفوفنا متحدي الجميع بدون تردد ولاخوف , في ليلة أختفى من الفصيل , وعرفنا فيما بعد أن أحد أعضاء المكتب السياسي زجه الى بغداد على مسؤوليته تنكيلاً بموقف قادة تنظيمات الفرات الأوسط , وحسب المعلومات التي تواردت لنا قضى على ماتبقى من بقية الخطوط التنظيمية .

توصلت قيادة الحزب عبر محلية ( دهوك ) بقيادة أبو روؤف بالتنسيق مع عميلنا المزدوج ( شهاب ) , الذي نقل المعلومة الى الحزب في نزول أبو بهاء الاخير الى الداخل وأيقافه من قبل مفرزة وسط الطريق وأطلاق سراحه عبر كلمة سر أو أتصال تلفوني سريع ليواصل طريقه الى بغداد , لتنقل المعلومة الى قيادة الحزب عما حدث , وبدأت الشكوك تحوم على عدة رفاق ذهبوا الى بغداد بنفس الفترة الزمنية وعلى نفس الطريق .

قرر عقد المؤتمر الرابع في ( تشرين الثاني ) عام ١٩٨٥ دعا الحزب مندوبيه من الداخل , وكان أبو بهاء واحد منهم , وبدأت الشكوك تزداد حوله أستناداً الى تقرير العميل ( شهاب ) الوقت والتاريخ ولون بشرته .
بات الرفاق في الحزب أمام منحى خطير لو طال به الزمن سيكثر اللغط ويثير البلبلة ويكسر حاجز الصمت , فلابد من قطع الشك باليقين , فتم ترتيب لقاء مباشر بين المتهم ( أبو بهاء )والعميل المزدوج ( شهاب ) عبر محلية دهوك . في أطراف مدينة العمادية تم اللقاء بين شهاب الذي جاء عبر رفاق محلية دهوك ومن فصيلنا ( المستقل ) تحركت المفرزة بقيادة ( أبو طالب ) , الذي هو أيضا نفذ به حكم الأعدام في مدينة ( شقلاوه ) بعد ما أدين بتعاونه مع أجهزة البعث في مطلع التسعينيات , وعلي العقابي ( ابو برافدا ) , وملازم آزاد , وأبو بهاء بعد أن بلغ سوف يشارك بمفرزة أستطلاعية حول المنطقة وربما راوده أحساس أنعشه قليلاً سوف يذوب الجليد لأعادة العلاقة من جديد , وبهذا راح عن ذهنه هنا سوف تنتهي قصة حياته .
في اللحظات الأولى من اللقاء أشار العميل شهاب بأصبعه الى أبو بهاء , قائلاً هو هذا فخر منهاراً فجرد من السلاح معتبريه معتقلاً بأمر حزبي . قبل وصول المفرزة الى مقر الفصيل المستقبل وصل الخبر الى أجهزة الامن حيثيات اللقاء ودوافعه فاعتقلت السلطات العميل شهاب وساومته على جريمة أغتيال أبو روؤف ورفاقه وبدم بارد أغتال ثلاثة رفاق .
وصلت المفرزة سالمة الى الفصيل المستقل وزج ببو ببهاء بغرفة , كانت مناماً لبعض رفاق , تحولت خلال ساعات الى زنزانة أنفرادية , وبدأ معه التحقيق والضغط المباشر والشديد , وظل لفترة ليس قليلة يهتف بالشيوعية وحياة فهد , لكن بعد فترة شعر لامفر من الخلاص وقدمت له بعض التطمينات من بعض الرفاق لو تحدث بشكل صريح وواضح سوف ينقذون حياته , لكن الذي تم عكس ذلك . أدلى أبو بهاء أعترافات كاملة لمحققه الذي كان يجري تحقيقاً يومياً معه في وادي ( زيوه ) , وقبل سنوات كانوا قادة تنظيمات محلية البصرة من ضمنهم أبو زكي يتباهون أن بينهم مناضل بمستوى أبو بهاء . أعترف أبو بهاء بارتباطاته المشبوهه مع أجهزة المخابرات منذ نهاية السبعينيات في أعتقاله أبان الحملة على تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي وبعد أطلاق سراحه ترك العراق بأتجاه سوريا وبيروت وعدن وعاد من بعدها الى كردستان العراق مع زوجته عبر معبر القامشلي . من الجيل عاد الى بغداد الذي سبقته زوجته وحسب أدعائه بسبب سوء الاوضاع في الجبل والصراع الداخلي عدت الاتصال مع أجهزة البعث وعملت وكيلاً لهم وسكنت في بغداد مع عائلتي وباتت زوجتي على علم بارتباطاتي الجديدة وعملي مع أجهزة البعث . اليأس والغبن الذي تعرضا له بين صفوف الشيوعيين هو الذي دفعا للاتصال والتعاون مع أجهزة الدولة القمعية .

نصيرة القيسي … في شهادتها الخاصة وتعقيباً على بعض الاعترافات ……..

تقول أن بعد أحتلال العراق زارها الشيوعيين مع باقات ورد ؟.
ذهبت الى مقر الحزب لتسأل عن مصير زوجها ولم تتلقى رداً واضحا ً ؟.
في عام ٢٠٠٢ ذهبت الى أربيل والتقت ب هناء أدور وسألتها عن زوجها ؟.
في محاولة أخرى ذهبت الى قصر المؤتمرات وألتقت بحميد مجيد موسى وقدمت نفسها أنها زوجة أبو بهاء وتهرب من الحديث معها بحجة هو تعبان .. وأن هو حسب أدعائها كان غير قيادي في الحزب وربما لم يعرف زوجها ؟.
تدعي أن مهند البراك هو الذي أطلق النار على زوجها ؟.
تلك الأدعاءات بعضها غير واقعية ولاحقيقية ولا تمت بصلة الى تطورات الاحداث بحاجة الى أدلة وشهود ووقائع .
أيلول العام ١٩٨٦ , أجري أتصال هاتفي بعد تكليف من قيادة الحزب للتأكد من وجود ( نصيرة القيسي ), حسب المعلومات التي وصلت عبر أبو بسيم , أنها تعيش في بيت أمن وبناتها يمارسن حياتهن بشكل طبيعي حضانة ومدرسة . سألتها عن أبو بهاء فقالت لي في سفرة سريعة ويرجع .. وأنتهت المكالمة .
العميل شهاب لاقى مصيره الحتمي على يد قوات البشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني .