“أعتذر أولاً من الشعب العراقي، وثانياً من الطائفة الشيعية، لأنني لعبتُ دوراً قبل حرب ٢٠٠٣ لإضفاء الشرعية الدولية على “المعارضة العراقية”، هؤلاء لا يستحقون أن يحكموا أحداً، التأريخ سيسجل أنه ليس هناك تجربة سياسية فاشلة بحجم فشلهم، وخاصة المتشيعين منهم، فشل ستضربُ به الأمثال لأجيال، فشل لا مثيل له لا في القرن العشرين ولا هذا الذي نعيش مآسيه الآن”.
بهذه الكلمات يُختم صاحب جمهورية الخوف روايته “الفتنة” الصادرة عن دار الجمل حديثاً، والتي ستأخذ الكثير من النقاش، كما تأويل بعض فصولها، لكن؛ من المؤكد أن ما أقترفته معارضة الأمس، خاصة الشيعية منها فاق الوصف، أجهزت على بقايا وطن، أحالته لخرائب ونهباً لها، يُكمل أحد أهم، وأبرز الداعين للتغير “أنا لا أعتذر عن مواقفي السياسية الداعمة لتحرير العراق من نظام البعث، أعتذر عن دعمي السياسي والمعنوي الذي لم يعنِ شيئاً في حينه للعراقيين داخل العراق، ولكته كان يعني الكثير لآخذي القرار في الخارج”، إعتذار مؤلم، وخيبة أمل كبيرة، سنوات مضت ونحن نؤشر مكامن الخلل، ندفع بالحجج، كانت علامات ظهور نظام طائفي أبشع وأقسى تلوح في الأفق، كل الدلائل تشير لذلك، ممارساتنا اليومية، مؤسساتنا، شوارعنا وطقوسنا، نحن “الشيعة” من أفشل المشروع، فشلنا أكبر من سوانا، الإنتقام، وخطاب المظلومية لا يسهما ببناء وطن، كان الواجب تفهم المعنى الحقيقي للأغلبية السكانية “٥٥-٦٠%”، في ضمان حقوق بقية المكونات والدفاع عنها، باتوا ينفرون منا فرادى وزرافات، لم يعودوا بأمان معنا، متهمون، ملعونون على الإسم والعشيرة كما كنا بالأمس، ليس هذا عراق ما بعد صدام حسين، ليس حلمنا، وما تماهى منهم وأنخرط في مشروع ساستنا، لصوصٌ، يقتاتون فتات سرقاتنا، للصمت أثمان تُدفع، وحُصص تُوزع.
لما أعتذر مكية، أي حال أجبره على ذلك؟كان حالماً مثلنا، نحن بسطاء هذا العراق بسقوط الصنم، عراق جديد، بلادُ عدالة إجتماعية بعد عقود ظلم، عراقُ تسامح، لا إيغال في إذلال الناس لحظة نشوة نصر لم نُسهم في صنعها، كان علينا إدراك عدم قدرتنا الحكم منفردين، وهذا ما كان، الفشل في كل مكان، العالم يتحدث عن مفاسد رموزنا، ومليشياتنا المسلحة التي تتحكم بمفاصل الدولة وتسيرها، لم نمتلك الحكمة، كما نُبل المنتصر، الناس تتوسلنا مواطنة حقيقية لا غير، فأشبعناهم تُهم، وقوانين إرهاب بمقاسهم، حصرناهم، لا خيار ثالث لهم ما بين البعث وقوى الظلام، أعيدوا قراءة إعتذار مكية، مرات ومرات كما فعلت، تدركون حجم الألم.