في دولة منشأ الإرهاب “السعودية” والمركز الأول لتصديره، قادت الولايات المتحدة مؤتمر “جدة” تحت عنوان “التحالف الدولي لمكافحة الارهاب” لكنها أنهته بقرار إعادة هيكلة التنظيمات الارهابية بالمنطقة تحت لواء أكبر جيش موحد للارهاب يتخذ من الأراضي السعودية معسكراً له، وتتعهد بتسليحه وتدريباته الولايات المتحدة وبريطانيا، وتتقاسم مسؤولية تمويله دول الخليج.
فالولايات المتحدة لا تسعى للقضاء على “جبهة النصرة” و”داعش” التي صنعتهما لتفكيك دول المنطقة وابتزاز أنظمتها السياسية وضمان تواجدها فيها، لأن أي حرب حقيقية على الإرهاب سيعيد ما بين (20-30) ألف إرهابي- حسب تقديراتها- إلى أوروبا والسعودية وبعض دول الخليج وسيشكلون خطراً على مصالحها وأمن الأنظمة الخليجة التي تمثل ذراع المخططات الأمريكية بالمنطقة. بل هي تحرص على إعادة تلميع هذه التنظيمات الارهابية بتصفية بعض تشكيلاتها القيادية التي بدأت تشب عن الطوق، أو إنتهت المهمة المرسومة لها، ثم تقديمها لدولة المنطقة والعالم مجدداً تحت مسمى جديد.
ويبدو أن “الجيش الحر” في سوريا- الذي صنعته أمريكا والسعودية وقطر وتركيا ودعمته بالمال والسلاح والمجاهدين، وعاث في الارض إرهاباً- ظلت قياداته تحت السيطرة ترقباً لتقديمه كبديل للتنظيمات الارهابية الأخرى ولنظام بشار الأسد، لذلك أقر مؤتمر “جدة” فتح معسكرات باسمه على الاراضي السعودية ليكون المظلة التي تحتضن الآلاف من عناصر “داعش” و”جبهة النصرة” التي لم يعد أمامها غير خيارين: الأول- إعلان البراءة من تنظيماتها والالتحاق بالمعسكر السعودي الجديد الذي أقره مؤتمر جدة، والثاني: فقدان التمويل ومواجهة القتل في العراق وسوريا باسم التحالف الدولي ضد داعش والنصرة.. ولا خيار ثالث للعودة الى بلدانهم!!
في العــــراق، تمت التهيئة لهذه المرحلة الجديدة من (إعادة هيكلة الارهاب) بإعلان صريح عن تشكيل (الكتائب الشعبية الحره) في الموصل بنفس طريقة “الجيش الحر”، حيث تعهدت الولايات المتحدة بتسليحها وتوسيعها الى صلاح الدين والانبار، وتعهدت السعودية وقطر بتمويل ذلك، لتكون هي المظلة الجديدة التي تستقطب تحت لوائها مجاميع العناصر الارهابية العراقية من كل التنظيمات التي قاتلت مع داعش وارتكبت مجازر الابادة والتطهير العرقي للأقليات في تلك المحافظات.
وبالتالي فإن حلم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” في الخلافة على العراق وسوريا ستخرجه الولايات المتحدة بسيناريو جديد، وتحت مسميات جديدة، ومشروعية دولية، لكن بنفس الأدوات: بقيادة أمريكا والناتو، وبتمويل خليجي، وبجيش من المقنعين باسم “الأحرار”، بعد أن كان اسمهم “إرهابيين”!!!