19 ديسمبر، 2024 1:39 ص

إعادة النظر بمكاتب المفتشين العموميين

إعادة النظر بمكاتب المفتشين العموميين

يمنح قانون المفتشيين العموميين امتيازات كبيرة جدا ، ومغرية للغاية لاتوازي على اي حال من الأحوال منجازاتهم طيلة السنوات الماضية ، فدرجاتهم الوظيفية تقر بدرجة وكيل وزير ولهم حق صرف اموال كبيرة سنويا ، بالاضافة إلى أنه لايحق لاي احد ان ينقل أو يحاسب أو يراقب عمل موظفي مكاتب المفتشيين العموميين الا المفتش العام نفسه.
 
يُثار بين الحين والاخر سوال بشان من يراقب المفتش العام؟، ومن  يقر ّ بنزاهته من عدمها؟، يجبينا قانون المفتشيين العموميين لسنة 2011 في المادة ( 3 ) اولاً ” لا يجوز نقل المفتش العام او تنسيبه او اقالته او احالته على التقاعد او مساءلته انضباطيا او احالته على التحقيق الإداري الا بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على توصية من هيئة النزاهة “.
 
بالتأكيد ، لااحد يراقب المفتش ولايتابعه الا هيئة النزاهة ،ولاتوجد لدينا احصائيات دقيقة عن عمل مكاتب المفتشين ومشاريعهم السنوية الامر الذي يوصف بغنه “سيء ومخيب ” لتجربة العراق في مكافحة الفساد في مؤسساتها  الرسمية .
 
اعتقد أن الوقت مناسب لتشكيل هيئة عليا من مجلس النواب ومنظمات مجتمع المدني محلية ودولية دولية ومؤسسات حكومية لتقيم اداء المفتشيين وتتعامل معهم على اساس منجزاتهم السنوية، كم استردوا من اموال ؟ كم احالوا موظفين فاسدين بالفعل إلى هيئة النزاهة ؟ وليس عبر اعاقة مشاريع مهمة  أو فتح مجالس تحقيقة مع موظفين ابرياء !
 
المرحلة حرجة وضرورة لتغير استراتيجة مكافحة الفساد في هذه المكاتب التي نتخوف من ان تتحول إلى دائرة ضباط الامن في المؤسسات الرسمية .
 
وينبغي من المسؤولين في هذه المكاتب البحث والتقصي عن جرم الفساد لا تتبع وشايات مجهولة المصدر فحسب من دون التأكد منها .
 
“الوشاية  الوظيفية ” مرض عقيم يعاني منه موظفين يمتازون بالعقد النفسية أو آخرين لايرغبون باداء وظائفهم الموكلة إلهم على اكمل وجه لذلك يلجأون إلى كيد التهم والتكهنات بلا دليل واضح   .
 ولاارى تبريرا منطقياً لاعتماد الوشاية بالدرجة الاساس لمكافحة الفساد واجتثاثه من مؤسسات الحكومة بل انه لايناسب الامتيازات والاموال الهائلة التي تخصص لتلك المكاتب سنويا من موازنات الدولة ، فعمل مكتب المفتش العام أوسع واكثر أهمية عبر بحث استقصائي وشاق .
 
 
لقد اسهمت الوشايات الكيدية في هجرة الموظفين الذين يتمتعون بالنزاهة إلى هجرة تحمل المسؤوليات فيي دوائرهم اتباعاً للقول المأثور ” رحم الله امرأ جب الغيبة عن نفسه” .
 
ومعلوم إن قانون المفتشين العموميين لايوضح على الأطلاق مدى العلاقة بين المفتش والوزراء او رؤساء الهيئات المستقلة، وجعلها قابلة للتأويل والتفسير المتعدد وهذا الأمر يضر سلبا على مستويات الفساد في تلك المؤسسات .
 
وبالتأكيد لست بصدد مناقشة مسالة إلغاء تلك المكاتب أو تجميدها في الوقت الحاضر ، فهذا سيسهم برفع نسبة الفساد المالي والإداري داخل المؤسسات الحكومية، لكن أنا مع اعتمادها آلاطر القانونية والإدارية في استدعاء الموظفين والتحقيق معهم بشفافية واضحة ، والتأكد من اصل الوشاية ودقتها .
 
ننتظر من مجلس النواب العراقي ومن لجنة النزاهة النيابية بالتحديد موقفاً واضحاً من التعامل مع الوشاية وقبل كل هذا اختيار مفتشين يمتلكون الكفاءة والقدرة على متابعة ملفات فساد حقيقية ومملومسة ويبتعدون عن المطالبة بامتيازاتهم وايفادتهم وسكنهم وحمايتهم  التي ركز عليها قانون المفتشيين العموميين .
 
ملخص القول أن، مؤسسات الدولة بحاجة إلى مكافحة جادة وجذرية لكافحة منابع الفساد المالي والإداري من خلال منظومة مؤسساتية تتعامل بمهنية عالية لاتتعامل بانتقائية مع الموظفين ولاتفكر بعقلية الوشاية .

أحدث المقالات

أحدث المقالات