17 نوفمبر، 2024 11:25 م
Search
Close this search box.

إطلاق النار على مروحيتين عراقيتين تتجسسان على العراق – 2

إطلاق النار على مروحيتين عراقيتين تتجسسان على العراق – 2

هذه الأسئلة وغيرها الكثير يمكن أن تساق في هذا الصدد.
ولكن الأهم: أعود واسال لماذا هناك توجيه من رئاسة الإقليم بالتهدئة الإعلامية ولم يكن هناك توجيه بعدم إطلاق النار على قوات جمهورية العراق التي يمكن أن تتوقع قوات البيشمركة ظهورها في أية بقعة من بقاع العراق بضمنها إقليم كردستان؟ ولماذا لم يصدر إعتذار رسمي؟ ولماذا تكررت لثلاث مرات؟
بصراحة، لم أجد تفسيراً لمجمل الأفعال والأقوال إلا بمحاولة قيادة الإقليم أن تتصرف مع الحكومة الفيدرالية والشعب العراقي وفق تكتيك أتقنته الدولتان التاليتان وتصرفتا بموجبه:
أولاً: الولايات المتحدة الأمريكية التي تنطلق منها عشرات التصريحات، حول بعض القضايا الهامة التي تريد تضليل الرأي العام العالمي حول موقفها منها، التي لا يشابه بعضها البعض ظاهراً إن لم تكن تبدو متناقضة بذكاء.
ثانياً: إسرائيل التي تفرض ما تريده على الأرض من طرف واحد رغم أنف الشرعية بجميع أنواعها وعلى رأسها الشرعية الدولية ورغم أنف الإتفاقات مع الفلسطينيين منفردين أو بمشاركة طرف أو أكثر في العالم بضمنه الأمم المتحدة والولايات المتحدة أو اللجنة الخماسية، ومن بعد ذلك تخرج، إسرائيل، على العالم، بعد أن إبتلعت ما إبتلعت، لتصيح وتولول بأعلى صوتها : نحن نريد السلام ونريد التفاوض دون شروط مسبقة وإن شريكنا الفلسطيني أما يريد محونا من الخارطة كما تتوعدنا حماس الإرهابية التي تقتل أطفالنا وأما تضع شروطاً مجحفة كالسلطة الفلسطينية!!!
وهذان التكتيكان تحاول إتقانهما حكومة الإقليم، كما يبدو، ومارستهما مع الحكومة الفيدرالية والشعب العراقي والراي العام العالمي سواءً في حوادث هذه الطائرات أو حوادث تحريك القطعات العسكرية أو تحديد المناطق المتنازع عليها من جانب حكومة الإقليم، منفردةً، أو إعادة تسميتها مرة ب”المناطق المقتطعة” ومرة ب”المناطق الكردستانية خارج الإقليم”(3) وهكذا، علماً أن كل هذا يُمارَس خلافاً للدستور العراقي الذي يعلن الجميع حبهم له وتعلقهم به والإنصياع لمقتضياته ولكن معظمهم يدوس عليه لأنه لا يريد أن يرى حكومة في بغداد تقوم بما تقوم به أية حكومة فيدرالية ديمقراطية في العالم، ويسمي هؤلاء هذا الرفضَ بالتحدي وبالوقوف بوجه الإستبداد والدكتاتورية والشوفينية والعودة للنظام الصدامي إلى غير ذلك من الإدعاءات الديماغوجية التي لا تجد، مع الأسف، الصدَّ الكافي من كثير من الإعلام العراقي  البائس المؤدلج أو الطغموي(4) الإرهابي أو النفعي أو السخيف التافه.
أعتقد أن هذه التكتيكات فاشلة ومكلفة على المدى البعيد لجميع مكونات الشعب العراقي بطموحاتها وأمانيها القومية والدينية والطائفية والإيديولوجية. وإن كانت قد نجحت الدولتان الممارستان لها، الولايات المتحدة وإسرائيل، فالنجاح نسبي وقصير النفس في حساب التأريخ ويعود لطائفة كبيرة من العوامل الأخرى التي لسنا بصددها الآن والتي لا تتوفر عليها حكومة إقليم كردستان والحزب الديمقراطي الكردستاني.  
من هذا فإن العودة إلى الطريق النضالي الشعبي السليم كفيل بتحقيق الأماني بأبهى صورها وبأنبل وأئمن السبل على أن تكون نقطة البداية هي وضع الثقة ثانية بالديمقراطية الفيدرالية العراقية المستقلة وتعاونُ الجميع على إنضاجها وإستكمال مؤسساتها الدستورية على أمل آن تكون نظرات الفرقاء العراقيين ثاقبة وبعيدة وتستوعب فهم هذا العالم المتغير وتطوراته المرتقبة وهي تحديداً:
– إن القوى الشعبية المنادية بالديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام في العالم آخذة بالتوسع،

– إن الأقتصاد الصيني سيتفوق على الإقتصاد الأمريكي وسيصبح أكبر إقتصاد في العالم في غضون أقل من عقد من الزمن. ولهذه الحقيقة تداعيات سياسية وإقتصادية وعسكرية مهمة،

– إن الصين والهند ستصبحان مركز ثقل العالم سياسياً ليس بأبعد من (15) سنة.

– إن أمريكا ستكتفي ذاتياً من الطاقة وقد تقوم بتصديرها في موعد لا يتجاوز عام 2020 بفضل التكنولوجيا المتقدمة حسبما صرح بذلك الرئيس الأمريكي باراك أوباما قبل أيام. وإذا أضفنا إلى هذا العامل الهام جداً عاملاً هاماً آخر وهو توقع إرتفاع إنتاج النفط العراقي إلى ما قد يفوق العشرة ملايين برميل يومياً حسب تصريحات نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة الدكتور حسين الشهرستاني وحسب ما شهدنا على أرض الواقع من إرتفاع معتبر في الإنتاج خلال السنتين الأخيرتين بعد جولات التراخيص الشفافة – بعد كل هذا سيتضاءل إعتماد أمريكا وأوربا على نفوط وغاز السعودية وقطر وجميع الدول الشمولية والتي تغمط حقوق الإنسان وتغطي إنتهاكاتها بأموالها الطائلة الريعية الكسولة وإبتزازها العالم الصناعي بواقع الحاجة لبضاعتها. وسيطال ذلك إسرائيل أيضاً وهي الغامطة لحقوق الشعب الفلسطيني والضامنة لخضوع هذه الدول الشمولية والحاضنة لها ضد شعوبها.

وهذا يعني، من وجهة نظر الرأي العام الأمريكي والأوربي والعالمي، بأن الحجة قد سقطت عن هذه النظم الشمولية وينبغي توجيه الضغوط الشديدة عليها للإنصياع للمعايير الدولية فيما يخص الأخذ بالنظام الديمقراطي وإحترام حقوق الإنسان، وإلا فستواجه العزلة وربما المقاطعة والحصار.

– إن العراق قد قطع مراحل أساسية طيبة رغم كونها في بداية الطريق وقد شهد على ذلك السيد مارتن كوبلر ممثل أمين عام الأمم المتحدة في العراق الذي صرح قبل أيام بأن أوضاع حقوق الإنسان في العراق ترقى إلى المعايير الدولية وهو يقصد ما منجز منها وما يجري إنجازه وما مفتقد يتم في إطار ذلك الطموح. كما خلى التقرير السنوي لمنظمة الصحافة الدولية المنشور قبل أسبوعين من إسم العراق بخصوص الدول التي لها سجناء رأي أو صحفيون سجناء.   
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3): برر بعض المتحدثين بإسم التحالف الكردستاني صدورَ قرار ملزم من رئيس إقليم كردستان السيد مسعود برزاني بتسمية “المناطق المتنازع عليها” (وهو التعبير المثبت في الدستور العراقي) ب”المناطق الكردستانية خارج الإقليم” – برروا ذلك بإشارة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي في بعض خطاباته الأخيرة إلى هذه المناطق ب”المناطق المختلطة”.
أعتقد أن هذا تبرير واهٍ للأسباب التالية”
3.1- أصدر السيد البرزاني قراراً رسمياً ملزماً بالتسمية الجديدة، بينما أطلق السيد المالكي التسمية شفاهاً.
3.2- إذا إفترضنا، جدلاً، أن السيد المالكي قد أخطأ، فلماذا يقابله السيد البرزاني بخطأ أشد؟
3.3- كما قال القيادي في حزب الدعوة وإئتلاف دولة القانون النائب كمال الساعدي فإن تعبير “المناطق المختلطة” هو تعبير ديموغرافي حقيقي محايد لا يشير إلى عائدية هذه المناطق بل يصف حالتها السكانية وحسب. أما مسمّى “المناطق الكردستانية خارج الإقليم” فهو مصطلح سياسي معبّأ بمفهوم عائدية المناطق إلى كردستان وإنتهى الأمر.   
(4): للإطلاع على “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و الطائفية” و “الوطنية” راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995

أحدث المقالات