23 ديسمبر، 2024 3:46 م

إصلاح الفساد وفساد الإصلاح..!

إصلاح الفساد وفساد الإصلاح..!

﴿وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا﴾ الأعراف
يُعرف الفَساد بمعجم المعاني: بالتَّلَفُ والعَطَب، الإضطراب والخلل، جدب وقحط وكوارث، وكذلك يُعرف بالْفِسْقُ، اللَّهْوُ وَالانْحِلاَلُ وَعَدَمُ احْتِرَامِ الأَعْرَافِ وَالْقَوَانِينِ، و مفهوم الإصلاح في الفكر السياسي والإجتماعي الإسلامي بأنه نقيض الإفساد، ويميز القران الكريم بين الإصلاح الحقيقي وإدعاء الإصلاح (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون).
الإصلاح : تغيير تدريجي جزئي سلمي كما بالحديث النبوي الشريف وقوله صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيديه، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).
كذلك يُعرف الإصلاح : بإزالة الفساد بين القوم، والتوفيق بينهم؛ وهو نقيض الفساد، وأيضاً التغير الى إستقامة الحال على ما تدعو إليه الحكمة، ومن هذا التعريف يتبين أن كلمة (إصلاح) تُطلق على ما هو مادي، وعلى ما هو معنوي، فالمقصود بالإصلاح: من الناحية اللغوية، “الإنتقال أو التغيير من حال إلى حال أحسن، أو التحول عن شيء والانصراف عنه الى سواه” .
بِما تقدم، أوضحنا إن الإصلاح :هو إنتقال من حالٍ سيئ لحالٍ أفضل، وهنا لا يمكن لدعاة الإصلاح السياسي والمجتمعي، أن يباشروا بمشروعهم؛ مالم تتوفر (الإرادة والحكمة والقوة) ولو إجتمعت هذه الخِصال، سيتآكل الفساد وتفسد عروقه؛ فلا يُمكن لفاسد أن يُصلح؛ أو يُطالب بالإصلاح، فالإصلاح لا يمكن أن يكون دعاية إنتخابية؛ وعلى المُصلح أن يتمتع بالمقبولية المجتمعية؛ كي يأخذ دوره للقضاء على الفساد بجميع أشكاله، سواءاً كانت سياسية، مجتمعية، وحتى دينية.
أغلب المشتركين بالعملية السياسية ومن جميع الكُتل، يُطالبون بـ “الإصلاح” وتسوية الفساد والمصالحة المجتمعية، وعلينا أن نذكر هنا إن أغلب المدراء العامين ووكلاء الوزرات وأغلب (الدرجات الخاصة)، ضمن المحاصصة والتفاهمات بين الكتل، أي يجب أن يكون الداعين للإصلاح والتسوية، أن يحاسبوا رعيتهم، وأن يسووا ما بذمتهم مع الشعب؛ ثم المطالبة والعمل للإصلاح، على أن لا تكون دعاوى القضاء على الفساد، حبراً على ورق، مطبوعة بملايين النسخ لتوزع على الناخبين !.
أن الطريق نحو الإصلاح لن يكون معبداً، وخالياً من العثرات؛ ولا يمكن القضاء على الفساد ألا بقدرة الدولة وتكاملها، وعلى الدولة أن تعمل على تطوير وإستيعاب الكفاءات وزجهم بمؤسسات الدولة؛ ويمكن أن يحصل ذلك بالنقاش والتداول العام الذى يحقق التواصل الإجتماعي بين الجماعات المختلفة والآراء المختلفة، عندها يمكننا القول: إن نوايا الإصلاح (جدية) وليست إنتخابية.