كان شقيق والدي الأكبر يحب احتساء الشاي بشراهة لا تصدق فكل جلسة يشرب ما مقداره “كتلي وهو أكبر حجما من القوري” ويطلب المزيد وفي احدى الجلسات كان ضجرا فطلب ان يعمل له الاهل الشاي لكي يرفه عن نفسه كما يعتقد فقال لهم اعملوا لي ” چاي مثل دم الرذيل ” مما اثار فضولي فسألته كيف يكون نوع ولون هذا الشاي يا عم ، فرد عليَّ مستهزئا: انه اسود محترق وما هو الرابط بينه وبين دم الرذيل فقالها بحرقه يا بني ان دم “الرذيل ” يشابه بلونه الشاي الذي طلبته، حينها حمدت الله وشكرته ان عمي لم يضربني لشدة إلحاحي عليه ، لكني بدأت أتساءل في قرارة نفسي هل بالفعل ان دم الرذيل أسود كما وصفه عمي ربي يطيل بعمره ربما كان كلامه فيه نوع من الصحة ..؟؟
اليوم يتكرر المشهد ذاته أمامي فكلنا نعرف ان الشعب عندما انتفض طالب بالإصلاحات الجوهرية وليست الترقيعية التي اصطادت بشباكها الصغار وتركت أصحاب الكروش والعروش “يضربون ثريد” برؤوسنا وباتوا يمتلكون ” ثلاثة أرباع ” أملاك أغلب دول العالم.
فيما يقف رئيس الوزراء كالمتفرج على رقصات الطيور المذبوحة من شدة الألم فإقدامه واصراره على إقرار سلم الرواتب الجديد سيقضي على أحلام أكبر شريحة بالعراق ألا وهم الموظفين الذين يستلمون الفتات مقارنة بما “شفطه ولفطه” المسؤولين منذ 2003 وحتى يومنا هذا فبدلا من احالة هؤلاء الفاسدين للقضاء تعمد في استرجاع ما نهبه هؤلاء الأشرار من جيوب أولئك الموظفين الاخيار من خلال هذا السلم المشؤوم الذي وحسب التسريبات الإعلامية استقطع مخصصات اليتامى ليضيفها لسادة واشراف و”علية ” القوم وكأن الموظفين “حمالة الحطب ” وعليهم ان يتحملوا وزر غيرهم من المفسدين وان يكونوا أول المضحين والخاسرين في كل الأوقات والصعاب من أجل إراحة جيوب المسؤولين المتخمة أصلا بالسحت الحرام
فهل يعقل من يدعي العدل والمساواة والسير على نهج اهل البيت عليهم السلام ان يجعل غالبية الشعب في حيرة من امرهم والتفكير في كيفية توفير قوت عيالهم وتسديد ما بذممهم سواء للإيجارات أو للسلف … أو… أو … بحجة الإصلاحات بعيدا عن البحث عن وسائل بديلة وهل عجر مستشاريه ” فلتات زمانهم ” عن إيجاد الحلول الناجعة أم انهم بالأصل ناقمين على الشعب ” بالوجه مراية وبالكفة سلاية “… !!!
والسؤال الذي يتداوله الناس اليوم لماذا لا يضحي المسؤولين برواتبهم من أجل الوطن ليثبتوا وطينتهم التي طالما شككنا فيها وانهم أصحاب أفعال وليس اقوال وانهم جزء لايتجزء من هذا الشعب يشاركونه همومه طبعا ” بالمشمش “، مثلما ضحى ومازال يضحي “أولاد الخايبة ” الذين ما عادت المقابر تكفي لدفن جثامين أهاليهم ومحبيهم أم ان “الدياحة ” والرقص في نوادي وملاهي أوربا بصحبة أبنائهم أوربيو المنشأ عراقيو الاسم وبس، أصبحت سمة ملاصقة لأغلبهم.
ان الشعب بطبيعته لا ينتظر معجزة من المتصدين للمسؤولية بالتبرع بما لديهم لعيون العراق بل يريد إصلاحات ليست على حساب الفقراء ورواتب عيالهم بل تطال السارقين والمارقين وان تكون ناصعة البياض لا كشاي عمي سوداء “مثل دم الرذيل ” وتذكر ياقائد الاصلاحات قول الامام جعفر الصادق عليه السلام ” البغي أسرع الذنوب عقابا “والله من وراء القصد…!!!