23 ديسمبر، 2024 7:09 م

إصلاحات العبادي بين العجز والقفز؟!!

إصلاحات العبادي بين العجز والقفز؟!!

لا يختلف اثنان على ان الإصلاح والتغيير نحو الأفضل مفهوم يكمل المسيرة الديمقراطية لاي بلد يملك مقومات الدولة ، فالإصلاح بتعريف قاموس “وبستر” للمصطلحات السياسية بانه “تحسين
النظام السياسي من أجل إزالة الفساد والاستبداد” . ويعتبر الإصلاح السياسي ركنًا أساسيًا مرسخًا للحكم الصالح ، ومن مظاهره سيادة القانون و الشفافية و المشاركة الشعبية في إتخاذ القرار والعدل وفعالية الإنجاز وكفاءة الإدارة و المحاسبة والمسائلة والرؤية الإستراتيجية ، وهو تجديد للحياة السياسية ، وتصحيح لمساراتها ، ولصيغها الدستورية ،والقانونية ، بما يضمن توافقًا عامًا للدستور ، وسيادة للقانون ، وفصلا ًللسلطات ، وتحديدًا للعلاقات فيما بينها ” وهو ما معمول به في ادارة اغلب الدول العربية ، والتي منها العراق .
إذن عملية الإصلاح خطوات مهمة ترافق عملية التطور البنيوي في اسس الدولة ، وهو اساس مهم في تعديل المسارات الخاطئة في جميع الاصعدة ، خصوصاً بعد حكم ثمان سنوات من حكومة هشة ذات قرارات ارتجالية لا تخضع لاي قواعد القانون او الدستور ، والتي جعلت البلاد تعيش حالة التخلف والتراجع في كافة الجوانب ، كما انها وفرت ملاذات آمنة للمفسدين حتى أمست ثروات البلاد تهرب الى الخارج تحت غطاء القانون ويومياً.
لا شك ان الإصلاحات الحكومة الحالية برئاسة السيد العبادي تحضى باهتمام كبير سواءً على الجانب الجماهيري او السياسي ، كما انها تحضى بقبول وتأييد المرجعية الدينية العليا والتي وقفت مع هذه الإصلاحات من اجل إصلاح المنظومة السياسية وإيجاد روية واضحة في ادارة الدولة من جانب ، ومحاربة الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة ، ولكن امام هذه المعطيات علينا ان نتساءل لماذا الان هذه الإصلاحات ؟ مع العلم ان السيد العبادي كان رئيساً للجنة المالية في مجلس النواب ، وكان يملك جميع حسابات الدولة مقدماتها وخاتمتها، دون إلقاء الضوء على اي ملف من ملفات الفساد في حينها ؟!!
خطوات السيد العبادي في الإصلاح اصابها التلكوء ، وحملت بين أسطرها الارتجالية الواضحة ، والاهوائية والتي كانت سبباً في خراب البلاد وتمزقها ، كما انها حملت استعداء واضح لشخصيات تمثل كتل سياسية حصل السيد العبادي على مباركتهم في تولية رئاسة الوزراء ، كما ان هذه الخطوات انتقائية دون ان تكون شاملة لجميع مفاصل الدولة ، ناهيك عن إقصاء وزراء من مناصبهم وبقاء الوزارة كبناء وكادر وهيكلية فاعلة ، فالتغيير شمل الوزراء دون الوزارة ، فأين الإصلاح في هذا الجانب ؟! .
الشي المهم في هذه الإجراءات ام القسم منها يتعارض مع بنود القانون والدستور ، والبعض الاخر يتعارض تماماً مع التوافق بين الكتل السياسية والتي على اساسها تشكلت الحكومة ، بل وأسس النظام البرلماني والديمقراطي الجديد ، ووالدي يعتمد بصورة كلية على القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية ، الامر الذي يجعل السيد العبادي في وضع محرج امام تنفيذها ، خاصة فيما يتعلق بنواب رئيس الجمهورية ، والذي بحسب التقارير الإخبارية ان الأخير رفض قرار إلغاء مناصب نواب الرئيس ، مما جعل السيد العبادي يشعر بالحرج ام موقف رئيس الجمهورية ، وغيرها من إجراءات استعجالية غير مدروسة ، ولم تخضع لمعايير التوافق السياسي ، منا يعرضها للاهتزاز وفقدان قوتها عند عدم تنفيذها ، كما ان هناك بعض الإجراءات الإصلاحية كانت خلف الاضواء ولم تخضع هي الاخرى للتوافق السياسي او قبول أطراف التحالف الوطني على الأقل ، والذي هو الاخر أمسى نائم لا يعرف ماذا يجري ” نايم بالظل ورجليه بالشمس ”  .
ان الإصلاحات شي مهم كما قلنا سابقاً في تصحيح المسار الخاطىء ، وتعديل مسار العمل السياسي ، ولكن مع ان يخضع لضوابط تقوي خطواته ، وتعطيه الحصانة والقوة امام اي رياح تحاول ان تكسر حصانته ، لان السيد العبادي استطاع امتصاص غضب الشارع العراقي بوعوده الإصلاحية، لكن الجميع يدرك أن تلك الوعود ربما تكون مجرد حبر على ورق، اذ لا يمكن تطبيقها امام التوازنات السياسية وربما ما سيقوم به هو مجرد مناقلة بين المسؤولين الذين سيستمرون بالحصول على رواتبهم ومخصصاتهم ومكاسبهم، ما يعني استمرار الفساد في مؤسسات الدولة ، واستمرار سيطرة الفاسدين على كافة مؤسسات الدولة واستمرارهم بالفساد ، لهذا يجب التخلّص من كل العناصر الفاسدة داخل الحكومة ومؤسساتها، وهي محاولة لبناء مؤسسات دولة على أساس مهني وخاضع لمعايير التوازن السياسي .