ليس غريباً على آل الصدر السعي للإصلاح في كل ميادين الحياة ، فتاريخهم حافل بالجهاد والإصلاح الديني والسياسي والإجتماعي ، إلا أن الظرف أو المرحلة التي عاشها المقتدى ، تختلف تماماً عن كل المراحل التي عاشها السيدان الشهيدان الصدران ، والسيد موسى الصدر ، والسيد محمد الصدر ( رئيس الوزراء العراقي في العهد الملكي ) ، فظرف المقتدى معقد إلى حد اليأس – كما عبر هو عن هذه الحقيقة بالتشاؤم – ، فظرفه هو ظرف :
1 – الإحتلال الذي لم يشهد له مثيل في تاريخ البشرية من خبث ولؤم ومكر … إلخ .
2 – ظرفه ظرف الهجمة الهمجية الناصبية التكفيرية التي أهلكت الحرث والنسل ، حيث لم يكن متصدياً لها غيره وغير جنده البواسل ( جيش الإمام المهدي – ع – ) .
3 – ظرفه ظرف الفساد السياسي الذي تمثله طبقة حاكمة متسلطة بإسم الدين والمذهب ، فسعى إلى محاربته بكل ما أوتي من حكمة وبطرق قانونية وسلمية ، حفاظاً على سمعة المذهب الحق الذي دمرته السياسات الرعناء للمالكي وحزبه .
3 – ظرفه ظرف الفساد الأمني الذي لم يمض من أيام العراقيين يوم إلا كان دامياً ، مخلفاً الأيتام والأرامل والثكالى ، كان النصيب الأوفر منها للشيعة في ظل الحكومة ( الشيعية ) !! .
4 – ظرفه ظرف الفساد الإقتصادي المتردي الذي جعل المجتمع يعيش في حالة من الطبقية الفاضحة ، وفي حالة نهب وسلب في الأموال ( أموال الشعب ) .
5 – ظرفه ظرف الفساد الأخلاقي المخزي الذي يعيشه المجتمع العراقي عامة بعد الإحتلال خاصة . إذ كان للمجتمع دور كبير في رفض الإصلاح الأخلاقي الذي كان يتبناه الصدر القائد .
6 – ظرفه ظرف الإنهيار الأمني الفضيع الذي خلفته حكومة المالكي ، والذي أنتج عن دخول داعش للعراق وسيطرته على ثلث مساحاته ، وذهاب الكثير من شبابنا ضحية لذلك .
7 – ظرف التدهور السياسي والمظاهرات الداعية للإصلاح في خضم المؤامرات الشرقية والغربية والداخلية التي لا تريد للعراق خيراً سوى مصالح تلك الأطراف .
في كل تلك الظروف وغيرها طرح السيد المقتدى هذه المبادرة للإصلاح في كل تلك الميادين ، عسى أن ينتج شيء في صالح الشعب ( المتيه ) .
ولكني أقول : إنها مبادرة فاشلة ، وذلك للأسباب التالية :
1- إن أمريكا لا تسمح لكل حركة إصلاحية تصدر من المقتدى ، فهو عدوها الأول .
2- إن الجارة الشرقية لا تسمح لكل حركة تصدر من هذا الرجل ، بل وتسعى إلى إفشالها ، وخير دليل على ذلك : مبادرة سحب الثقة التي قادها المقتدى لإخراج المالكي من الحكومة وإبداله بآخر من داخل التحالف الوطني ويحصل عليه التوافق الوطني .
3- إن الأحزاب ( الشيعية ) لا تقبل بهذه التحركات ( الصدرية ) وتسعى إلى إفشالها بكل ما تملك من مكر ودهاء !! .
4- إن المجتمع ( الشيعي ) – بأكثره – لا يحب تحركات المقتدى الإصلاحية ، لأن فيه ميولات شرقية وعلمانية وتحزبية ، وإن أحب بعض منهم فإنه يخضع لقيادات لا ترى رأي المقتدى !! . ومنهم من يمدح بقلبه ولسانه ولكن لا يعمل عمل المقتدى !! ، وبالتالي فـ { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } .
فهذا وغيره من العوامل كفيلة بفشل كل تحرك يقوم به المقتدى يهدف إلى إصلاح كل الأوضاع العراقية المتدهورة ، حتى يذوق المجتمع العراقي الويل والثبور من عصيان هذا الرجل ، والدليل على هذا عصيان المجتمع ( الشيعي ) لحركته في سحب الثقة عن المالكي التي أدت إلى دخول داعش ومجازر سبايكر والصقلاوية و أنهر الدماء الجارية إلى اليوم وغداً . وما سيأتي أدهى وأمر !!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم