18 ديسمبر، 2024 9:58 م

إصلاحات “الدم” لن تجدي نفعا!

إصلاحات “الدم” لن تجدي نفعا!

مع استمرار سيل الدماء التي تنزف على مدى أيام بفعل آلة قتل السلطة الحالية والمليشيات الداعمة لها، وهو ما يمكن وصفه بشن الحرب غير المسبوقة على شعب أعزل.
استصدر مجلس النواب المرتبك سلسلة قرارات ترقيعية وليست إصلاحية، فضلا عن إنها لا توازي قطرة دم من دماء الشباب المنتفض في ميادين العراق.
ومن جملة ما أصدره المجلس إيقاف رواتب قانون رفحا سيء الصيت، ولم يلغِ القانون، كما أوقف عمل مجالس المحافظات والأقضية والنواحي، ولم يلغها أيضا، كما أوقف صرف امتيازات الرئاسات الثلاث والبرلمانيين والوزراء والوكلاء، ولم يلغها، ما يعني أن الايقاف سيعقبه لاحقا الاستمرار بمنح الرواتب والامتيازات.
ما صدر عن مجلس النواب وهو أس البلاء في العراق، أقل ما يقال عنه، لعب على عواطف وتوجهات المنتفضين والالتفاف على مطالبهم، التي تعدت الخدمات، ليرتفع سقفها إلى إسقاط العملية السياسية برمتها.
وتبدو هذه الإصلاحات المخضبة بدماء العراقيين، محاولة لكسب الوقت، والعودة مرة أخرى على ما كان عليه الوضع من فساد وافساد ونهب لأموال الشعب.
لو كان مجلس النواب بكامل أعضائه ومن خلفه رموز الفساد -رؤساء الأحزاب- صادقا لكان اتخذ قرارات واضحة لا لبس فيها، أقله تتمثل باستعادة الامتيازات التي تمتعت بها الرئاسات الثلاث والوكلاء والمستشارين والنواب واصحاب الدرجات الخاصة وغيرهم طيلة السنوات الماضية، وبأثر رجعي، وإلغاء قانون التقاعد، والأهم من ذلك كان على المجلس أن يحسم موضوع الأموال المنهوبة واعادتها وتقديم السراق للقضاء، واحالة قضايا الفساد في العتبات “المقدسة”، وديوان الوقف “السني”، والعديد من قضايا الفساد التي حصلت على حساب الشعب، والكشف عن القناصين القتلة وهم على مقربة من المجلس.
قانونيون يؤكدون أن ما زعمه مجلس النواب من إصلاحات هي لامتصاص النقمة، وليس لها أي قوة قانونية، لأن قوانين الامتيازات والصلاحيات لا تلغى ولا تعدل إلّا بقوانين، وليس بقرارات سياسية.
لذلك لم يتأخر رد الجماهير عليها، حيث خرجت جموع غير مسبوقة لتعبر عن فرضها لهذه القرارات، وانضمت إليهم جموع من الطلبة بمختلف أعمارهم، لا سيما عدد من النقابات المهنية، متحدين حظر التجول، الذي فرضته السلطة الحالية، لقمع الانتفاضة ولو بسفك الدماء.
مطالب الجماهير واضحة لا لبس فيها، ولم تعد قابلة للتجزئة كما السابق، لأن وعي الجماهير تصاعد، ولم يعد يثق بالسياسيين الحاليين، كما باتت تدرك جيدا -الجماهير- أن الخلاص الوحيد من الوضع القائم، هو إسقاط النظام القائم الذي لا يشبه نظام في العالم، لما قام به من فساد وافساد في المجتمع، وإجرام بحق الشعب من أجل الحفاظ على مكتسبات القائمين عليه.