إن مطالب يوم الجمعة في ساحة التحرير ببغداد وباقي محافظات الوسط والجنوب ، والتي رددت على لسان المتظاهرين لاقـت تأييداً كاملاً من قبل المرجعية العليا، والنخب العلمية الوطنية المخلصة، ولعل جلّ هذه المطالب (القضاء الفساد الإداري والمالي وتوفير الخدمات)، وقد تطرقت في مقالات سابقة ولوحت بان على المؤسسات الحكومية ان تترك الأنظمة التقليدية التي كانت السبب الرئيس في تفشي الفساد الإداري والمالي وضعف الخدمات، هذه الأنظمة التي أرهقت البلد وكادت ان تقضي عليه لا سامح الله ، وفي اعتقادي الحل الأفضل والأكثر مقبولية لدى الجميع اعتماد خطة لتطبيق مفهوم الحوكمة الالكترونية في مؤسسات الدولة كافة ، ولعل سائل يسال ، وما هي الحوكمة الالكترونية ؟
فأجيب وباختصار (انها النظام الذي يعمل للوصول الى رضا المستفيد (المواطن) ). والجدير بالذكر ان مطالب المتظاهرون تتمحور في مستويين من مستويات الحوكمة الالكترونية، الأول (حكومي -مواطن) والثاني (حكومي -اعمال)، أي بمعنى توفير الخدمات وإيجاد صيغ تعاقد صحيحة وسليمة وغير فاسدة، وأود هنا ان اشير الى اننا نمر بمعطف تاريخي سيحدد مستقبل العراق، ولعل الإصلاحات التي حدثت وتحدث في أروقة الحكومة جيدة الى حد ما؛ ولكن المهم والمهم جداً هو اجراء إصلاحات تتعلق :
ببناء المؤسسات وفق منهاج الحوكمة الالكترونية، وأوكد على مصطلح الحوكمة الالكترونية وليس الحكومة الالكترونية، كون ان الثاني يعني استخدام الشبكات وتكنولوجيا المعلومات في تقديم الخدمات، دون وجود معايير محددة كما هو موجود في الحوكمة الالكترونية، ومعاييرها العشرة (الشفافية، المشاركة، العدالة والمساواة، الموثوقية، الفاعلية، المساءلة، الاتقان الإداري، التنبؤ، الخدمة التنظيمية، التكاملية) فضلاً عن نظام الحكومة الالكترونية.
فاذا جرى اعتماد المعايير آنفاً لبناء مؤسسات الدولة، يصبح لزاماً على أي شخص يتقلد المسؤولية العمل وفق هذه المعايير، فالمشكلة مزدوجة في المكين والمكان فطالما بدأنا بتغيير المكين علينا ببناء المكان وبشكل علمي وسليم، وليكن شعارنا.
(العمل لإيجاد بيئة مؤسساتية وخالية من الفساد).