* التاريخ ومن يكتبه ! .. ففي الحروب : إذا كتبه المنتصر ، فأعلم أن الوقائع لم تكن حقيقية ، لأنها كتبت بنشوة النصر ، وإذا كتبت من قبل المهزوم ، فإنه سيبرر هزيمته – أي أيضا ستكون الوقائع غير حقيقية ! . وهذا الأمر ينطبق ويسري على الكثير من الأحداث والوقائع .. فالواقعة المأساوية / مثلا ، في إغتيال الرئيس الأسبق جون كينيدي – الرئيس 35 للولايات المتحدة الأميريكية في دالاس عام 1963 ، من قبل لي هارفي أوسولد . لا زالت لحد الأن / عملية الإغتيال ، محل نقاش وجدل وشك ! ، وما كتب في التاريخ عن واقعة الإغتيال من الممكن أن تنسف ! ، والادارة الحالية –لترامب ، ستنشر الألاف من الوثائق التي كانت تحت درجة من السرية والكتمان ! – ولكن أيضا ، ليس كل الوثائق سوف تنشر ! .. أي لا زال التاريخ ، غائبا عن كتابة الحقائق كاملة – في ما تم بالضبط في إغتيال كينيدي : هل القاتل كان ” أوسولد ” وحده ! ، أم كان هناك شركاء ! ، ومن خطط ! ، ومن نفذ ! ، ومن كان المستفيد ! ، ومن المتضرر ! ، وكيف لبندقية القاتل الغير ألية / كالبنادق الحديثة ، أن تنفذ كل هذه الإصابات بكينيدي بهذه السرعة ! .. هذه كلها تساؤلات ! .
* ” قاتل القاتل ” .. وقاتل الرئيس جون كينيدي – لي هارفي أوسولد، قتل أيضا ، بعد أن أنكر كل الإتهامات المنسوبة إليه ( أنكر أوزوالد الاتهامات ، وذكر أنَّه «كبش فداء» . بعد ذلك بيومين ، أصاب مالك النادي الليلي المحلي ، جاك روبي ، أوزوالد برصاصة قاتلة على البث المباشر في الطابق السفلي من مقر شرطة دالاس / نقلا عن The New York Times ) .. فالقاتل قتل وذهبت الحقيقة بعيدا ، عن كل ما كتب في التاريخ ! .
* في هذا المقام ، سأستعرض أيضا ، ما حدث في سوريا ، ففي 8 ديسمبر 2024 ، إنهار نظام الأسد ، خلال هجوم واسع شنته قوات المعارضة – قادت “ هيئة تحرير الشام ” هذا الهجوم .. ولكن هل من المعقول ان يسقط نظام إستمر لعقود بأيام / سيطر حافظ الأسد على السلطة عام 1971 إثر انقلاب عسكري ، ولم تشتبك هيئة تحريرالشام ، بأي معارك مفصلية مع قوات الأسد ، كأنها عملية إستلام وتسليم ! ، نعم الأن / في شهري شباط وأذار ، بدأت بعض الإشتباكات بين الهيئة وفلول نظام الأسد ، ولكن من سير الأحداث سيتم السيطرة عليها .
* ” الشيطان يكمن في التفاصيل ” بدءا الهجوم التي شنته الهيئة كان بدعم أساسي من الجيش الوطني السوري المدعوم من قبل ” تركيا ” ، أي أن تركيا قادت الهجوم بشكل أو بأخر ، وأكيد بتنسيق ودعم خارجي / قطري .. ! . التاريخ ماذا سيكتب هنا ! . هل نظام الأسد سقط / وهرب الأسد الى روسيا ، وأنتصر الجولاني – الشرع لاحقا ! ، أم أن نظام الأسد أسقط بتكتل إقليمي ، والشرع كان حلقة أخيرة ، حتى يضفى على السقوط سمة قانونية وطنية أمام العالم ! . أي بمعنى أخر أن السوريون هم من غيروا نظام الحكم وليس دول أخرى ! – علما أن الهيئة تضم ألاف المجاهدين العرب و الأجانب ! .
* النظام الجديد في سوريا ، لا يستطيع ان يخرج من شرنقته الإرهابية السابقة / بل التي كان عليها قبل أيام من سقوط الأسد .. ونتيجة للتطرف المتزمت للإسلام السني للهيئة ، فقد هجمت مجاميع من الهيئة على مناطق مختلفة من سوريا هدفها القضاء على الأقليات – بحجة تطهير فلول النظام السابق ، فقد ورد في موقعBBC / التالي ( قال المرصد السوري لحقوق الإنسان ، الجمعة، إن أحياء فقيرة ذات غالبية من الطائفة العلوية في دمشق شهدت تصاعداً في حملات التحريض والكراهية ضدها عبر الإنترنت .. وذكر المرصد أن أعمال العنف التي شهدتها منطقة الساحل في غربي سوريا بدءاً من السادس من مارس/ آذار ، خلفت 1383 قتيلاً مدنياً على الأقل ، غالبيتهم العظمى من العلويين ) .
* ذكرت فيما سبق حادثتين الأولى ” إغتيال كينيدي ” والثانية ” إسقاط الأسد ” / على سبيل المثال وليس الحصر .. فهل حقا أن لي هارفي أوسولد بمفرده هو من قتل كينيدي ! .. وعجبا ماذا سيكتب مستقبلا في التاريخ عن سقوط سوريا – تحديدا ! .. وهل هيئة تحرير الشام / والجماعات المنضوية تحت أجنحتها ، هي التي أسقطت الأسد بهجومها ، أم أن الأمر هيأ وجهز لها ، وهيئة تحرير الشام ، دخلت على الجاهز ونسب لها النصر ! .. كل ذلك سوف لن نعلمه ، دون كتابة حقيقية صادقة لتاريخ تلك الواقعتين .
خاتمة : 1 . تاريخنا معظمه مزيف ، وواقعنا مرقع ومدلس ، وماضينا كتب من قبل أزلام السلطة ، أما التاريخ فواقعه مجهول . 2 . ولا زلت أرى ، أن التاريخ الحقيقي “ لمعظم ” الأحداث والوقائع والمعارك .. لم يكتب ولن يكتب بعد ! .