لايوجد أهم من عقيدة الإنسان وإيمانه بالقنوات التي توصله إلى بر الأمان
و يحصل من خلالها على راحة الفكر و القلب وتحفزه للعيش بأمان في عمق الأزمات،
ولايكترث لما يجري حوله من بلايا و نوائب ، فتجد المؤمن شامخا لاتهزه العواصف
ولايميل معها حيث تميل ، ونحن كمسلمين موالين لأئمة أهل البيت يعترضنا إشكال في كيفية استقاء المعلومة التي تثبت عندنا هذه العقيدة و لاتجعلها في مهب الريح .
فمن الثابت أن النص القرآني قطعي الصدور لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وتواتره واتفاق المسلمين عليه أمر بلغ الغاية في البداهة حتى أضحى من المسلمات ، في حين أن الكم الهائل من التراث الحديثي مختلف فيه ، حذر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) من أخذ كل ما ورد عنه حتى قام خطيبًا : ( أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدًا فليتبوء مقعده من النار ) .
ولأجل قطع الطريق على من تسول له نفسه الكذب أننا أمرنا أن نعرض مايرد علينا من روايات وأحاديث على القرآن الكريم ، فقال (صلى الله وآله وسلم): (إذا جاءكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله تعالى فما وافق كتاب الله فاقبلوه وما خالفه فاضربوا به عرض الحائط ) ، هذا هو المنهج الحق في الوقوف على المعاني الإلهية التي تجذر العقيدة وتزيدها وضوحا وفهما وترفع عنها اللبس .
ومسألة العرض على كتاب الله تنسجم مع دعوة القرآن إلى التدبر فيه فمالم يكن القرآن مفهوما بدرجة ما للمتلقي لن يتسنى له العرض على مفاهيم القرآن بصورة صحيحة ، فتغدو عملية العرض مشوهة ولن تؤتي ثمارها المرجوة منها .
لكن وللأسف الشديد ما نلمسه وبصورة مفرطة هو العكس ، حيث نضع أيدينا على تلك العقلية الذهنية التي تحكم التراث الحديثي بالقرآن و مفاهيمه حتى تجده يحفظ العشرات من الأحاديث ولايكاد يصل إلى عشر انسبة في حفظ آيات القرآن ، متناسين قوله تعالى ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ ) النحل – 89 ، وفي بيان هذه الخصوصية ، قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إِنّ اللّه تبارك وتعالى لم يدع شيئاً تحتاج إِليه الأُمّة إلاّ أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) وجعل لكل شيء حداً، وجعل عليه دليلا يدل عليه، وجعل على مَنْ تعدى ذلك الحد حداً ) .
ودفعا لهذه الإشكالية لاينبغي ارتضاء أو قبول كل ما يرد علينا و ينسب إلى أئمة أهل البيت إلا بعد عرض ذلك على أصول القرآن ومفاهيمة التي لاتقبل التناقض بحال فإن لم يتيسر لنا ذلك راجعنا أهل الاختصاص فيه ، وهذه المنهجية ستؤسس لقراءة صحيحة لمفاهيم القرآن وستزيد من ربطنا بالمفاهيم القرآنية وتجعل منها أكثر رواجا في ثقافتنا وعلنا في ذلك نثير الكثير من المسائل التي نبحث عنا في طريق الوصول إلى الحقيقة الناصعة .