كأنها باحة طرشان ( مع شديد احترامي للشرفاء من بهم صمم ) , ليس فيها قائل أو مستمع , تلك هي حال كابينة السياسيين العراقيين , أو ممتهني السياسة الجدد , تعلموا قفل ربطة العنق , وتجاهلوا توقيتات تفعيل وقفلة اللسان , ليغدو العراق شيئا فشيئا مسرحا للتهريج , خارج البروتوكولات والعرف الدبلوماسي , حكومة ضعيفة النطق , سياسيون لا يميزون بين قبة البرلمان وسوق ( الدلالوة ) على كولة إخواننا الكويتيين , آخر تلك الفوضى واللغو الطائش , كانت حول صفقة الأسلحة الروسية , ليخرج علينا طبالو وفيفيات سياسة ( مع الاعتذار لخصر فيفي عبده الجميل ) , كل يصرح حسب هواه , وكل يحاول تمرير مشروعه الحزبي والشخصي حسب مبتغاه , في بلد يمتلك اكبر عدد من المؤسسات والقنوات التي تعالج أمورا كهذه , لكنها للأسف عاطلة عن العمل والقدرة , فلو حدث أمر كهذا في أي بلد يحترم مؤسساته الرسمية , ويتعامل مع هكذا موقف بجدية من اجل الوصول إلى الحقائق , وليس التسقيط السياسي والتهريج الإعلامي , لاستطاع بحنكة سياسية وقانونية أن يصل إلى الحقائق دون أدنى ضرر , بل على العكس وبحكم طبيعة الإشكال فإنها ستتعامل مع الأمر على قدر من القيمة للحد من ظواهره أو تكراره , لكننا تركنا هذا كله , لنتجه إلى الدكتور الدباغ تارة نتهمه وتارة نقيله , وهو في الجانب الآخر يوجه تصريحات ومطالبات واضحة للحكومة لحثها إلى إجراء تحقيق وإعلانه , بإشارة واضحة منه لتحدي الحكومة بموقفه من جانب , ومن جانب آخر يحمل لغة تهديد بان الحكومة تعرف المتورطين وتحاول إثارة فوضى إعلامية لتحويل مسار القضية الأصلي , وهنا كسب الدباغ جولة مهمة , في حين تراجع الموقف الحكومي درجات كبيرة , كما إن أسس الحملة ضده بناءا على موقفه هذا قد تدحرجت وانكشفت غاياتها , حيث يستطيع المتابع البسيط ليصل إلى استنتاج منطقي والذي لا يقبل القسمة على اثنين من خلال ربط الأمرين معا , ( إصرار الدباغ على التحقيق من جهة يؤكد مصداقية براءته , وتسويف الحكومة من جهة أخرى يؤكد تراجعها أما عن كشف المتورطين أو ان الأمر برمته هو عبارة عن فبركة حكومية للإطاحة بالدباغ لغاية يعرفها شاهبندر التجارة السياسة أو زبانيته ) , وذلك ما يوضحه موقف الدباغ المعلن للتحقيق , المستجد الأخطر هو الموقف الروسي الأخير , والذي يشكل علامة مميزة في جهل الساسة العراقيين , حيث استندت تصريحات الكثيرين منهم على تقويلات اثبت الموقف الرسمي الروسي عدم صحتها , وبذلك خرج سياسيونا كأركوزات لا تجيد أدوارها , ولا خجل لها على خشبة مسرح احترافي , والآن وبعد هذا الموقف واستهجان الخارجية الروسية على تصريحات مراهقي ساستنا , فمن يتحمل شائبة العلاقة مع دولة مؤثرة في الواقع الدولي كروسيا , بعد أن خسرنا المحيط المجاور باستثناء ( إيران ) التي تعلو ولا يعلى عليها , وحتى الحليف الاستراتيجي أميركا أضحينا خارج حساباتها المستقبلية , بعد تذوقها مرارة عبثنا وجهلنا السياسي , وهي الولودة الحقيقية لعراق ما بعد 2003 شئنا أم أبينا , أو تنافخنا وطنية أو كابرنا أو تغاضينا السياسة علم المصالح المتبادلة , تحكمها مطابخ متخصصي الصناعة وليس طبالو مواقف أو مراهقي محطات فضائية أو رجال يجيدون العراك , انفعاليون متأثري غريزة غير منضبطي النفس , لا يعلمون كيف يسير العالم بحسابات المصالح .
[email protected]