23 ديسمبر، 2024 11:25 م

إشكاليات فترة الخلافة ومشروعية نقد الفكر الديني – 2

إشكاليات فترة الخلافة ومشروعية نقد الفكر الديني – 2

كان من ضمن العوامل التي ساعدت على الإنشقاق والفرقة بين المسلمين بعد وفاة الرسول غياب النصوص القطعية عن بعض المسائل الدينية المهمة كالجهاد  وقضية الزكاة .. وغيرها مماتشكل مقتربات من تلك النصوص  ولعلَ عدم الإجماع الكلي على من سيخلف الرسول إضافة  لمقتل عثمان وما طُرح حينها من قبل طائفة ما بأنه مصيب في أفعاله وطائفة أخرى بأنه على خلاف ذلك والنقد المباشر الذي وجه اليه كونه ولى مجموعة من أقاربه لحكم الأقاليم بل وأنتقدهُ أيضا من إنتقدهُ من أتباعه لإتباعهِ سياسة مرنة  ضد خصومة كل ذلك قد ساعد على توسيع رقعة الخلافات والتهيئة للمواجهة العسكرية بين الأطراف القادمة والتي عرفّت إتجاهات بعضها البعض ، وعند المرور بالمشاكل التي عصفت بالدولة الإسلامية أبان خلافة الراشدي الثالث لابد من إستذكار البعض من سيرته  فقد أسلم عثمان حين دعاه أبا بكر للدين الجديد وكان من أغنياء قريش وتاجرا معروفا من تجار بلاد العرب ومن ناحية النسب يجتمع والرسول في عبد مُناف وتزوج من إبنتي الرسول رقية وأم كلثوم وحين توفيت أم كلثوم وكما ذكر في طبقات إبن سعد فأن رسول الله قال له: ياعثمان لو لدينا الثالثة لزوجناك إياها وهو دليل على مايحضي به عثمان من فضائل لدى الرسول كما أنه وهب أمواله وما يملك للمسلمين ومن مواقفه تلك أنه جهز من ماله حملة تبوك بألف بعير وخمسين حصانا كما أنه إشترى بئر دومة وجعله سقاية للمسلمين وهو أول المهاجرين في الإسلام حين هاجر الى الحبشة مع زوجته رقية إبنة رسول الله وأتم هذه الهجرة بالهجرة الثانية الى المدينة ،
إضافة لما عرف عنه قبل الإسلام من الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة وقد بشره الرسول بالجنة ضمن العشرة المبشرة ، وأصبح خليفة  بعد أن طلب عمر بن الخطاب قبل وفاته طلب من الشورى الستة إختيار من سيخلفه لقيادة المسلمين فتم إختياره لهذا الأمر ،
مَثلَ مقتل عثمان البداية المتممة لإكتمال الفتن والإضطرابات وحين بويع علي بن أبي طالب إنشق عن هذه البيعة كل من الجناح الإسلامي المتمثل بمعاوية بن سفيان الذي كان واليا على الشام وكان السببُ كما أشيع لعدم البيعة المطالبة بدم عثمان والجناح الأخر المتمثل ب (عائشة- طلحة – والزبير ،) حيث حدثت المواجهة بين تلك الأطراف في معركتي الجمل وصفين ومانتج عن معركة صفين بالإحتكام الى التحكيم وظهور الخوارج كقوة مؤثرة في الأحداث السياسية  ولذلك لابد من إستذكار البعض من سيرة الخليفة الرابع علي بن أبي طالب الملقب بأبي الحسن وهو إبن عم الرسول وتزوج من فاطمة بنت محمد وشارك في غزوات الرسول كافة عدا غزوة تبوك حين إستودعه الرسول على المدينة وكان معروفا بشجاعته وعلمه وحكمته ومهابة خصومه له وزهده وتقواه فقد أسلم  وهوصبي وكان أول من أسلم من الفتيان وقد خصه الرسول حين قال له (أنت أعظم الناس عند الله ، وأولهم إيمانا وأوفاهم بعهد الله ) وكان من العشرة المبشرة ومن كُتاب الوحي كما أنه له مواقف عديدة في أحرج اللحظات التي مرت بها الدعوة الأسلامية منها مبيته في فراش رسول الله ليلة قرار قريش بأغتيال محمد،
 إن الإختلاف في علي بين أصحابه وخصومه يقوم على أن أصحابه يرون أن الله إختاره وصيا وإماما وخليفة للمسلمين وأن محمد بلغ عن ذلك في (خطبة الغدير ) لذلك فهم يعتقدون أن إختيار ابا بكر كان في الأصل إختيارا باطلا هكذا يرون ،أما خصومه فهم ينكرون هذا التنصيب ، المهم هناك إشارات ذكرها المؤرخون بأن الفترة التي حكم بها علي رغم الفتن والإضطرابات فأنها أشرت مستوى راقيا من التطور الفكري والإزدهار الأقتصادي والعمراني خصوصا في العاصمة الكوفة وكذلك أشرت تعاظم أمر الخوارج الذين بقوا يرون أن علياً لم يذعن لأمر الله وكانوا يحقون عليه العقاب  الى أن تمكنوا وبواسطة عبد الرحمن بن ملجم من قتله في مسجد الكوفة وهو يؤدي الصلاة  وذلك في رمضان 40  للهجرة ، والسؤال هنا أن الخوارج الذين يؤمنون بما يريد الله ويعتقدون به مطلقا ضمن فهم فرقتهم لمتطلبات الدين الإسلامي هل يجيزهم  هذا الإعتقاد قتل خليفة المسلمين وهو يؤدي الصلاة ،وهم الذين رفعوا شعارهم في مواجهة صفين (لاحكم إلا لله …) وقد أرتضوا في البدء التحكيم ولكنهم  حين قبلها عليٌ إعتبروا ذلك خروجا على حكم الله ، المهم أنهم بعد مقتل عليٍّ وكساد الأجواء السياسية لفترة من الوقت تكونت فرقتهم (نظاما وعقيدة  ) .
 تاريخا وفي مجال البحث التاريخي يعتقد المؤرخون أن هناك أدورا خفية كانت تمارس دورها لبث الفتن والإضطرابات  بعد فتح المسلمين لبلدان عدة وأجبار أهاليها على إعتناق الإسلام ومن هولاء من أحتل مواقع رئيسة في إدارة الدولة الإسلامية وخصوصا أبان الفترة العباسية ،
 لاشك بعد ذلك أن المجال أصبح ممهدا لتطور الفرق الإسلامية والتي تأثرت بشتى الإتجاهات رغم أن غالبيتها تأثرت بالفكر اليوناني وفلسفته وقد أخذت المجادلات تتسع وتطول في العديد من القضايا وعلى سبيل المثال العلاقة بين الإيمان والإسلام فقد أخذت ردحا من الزمن أدت الى ظهور المذاهب الكلامية ( المعتزلة – الأشاعرة – الماوتردية ) يصاحب ذلك الإهتمام بالفلسفة الإسلامية وتأسيس جدلياتها من قبل (الكندي – الفارابي –إبن سينا – إبن رشد ) ،
إن مايهمنا هو أن هذا التشعب في الفرق وفي الفلسفات وفي الأفكار أدى الى تعقيد فهم العقيدة الإسلامية بشكلها المبسط والذي يناسب غالبية العرب في ذلك الوقت ولربما غالبية البلدان التي تتوجه إليها جيوش الفتوحات لكن النتائج النهائية تبقى :
أن لاخلاف مابين الخلفاء الراشدين الأربعة في أمور العقيدة بل الخلاف كان في مسائل الأحكام الفقهية والفرعية منها بل كانت الشورى والإجماع هي السياسة المتبعة لمعالجة الإخفاقات ، لقد   نُظمت الدولة الإسلامية عقب وفاة الرسول وفق المصادر التي إستسقى منها (ولاة الأمر ) مبادئهم ، وكانت تلك المبادئ ترتكز على أحكام القرآن الكريم و السنة النبوية وكذلك التشريعات التي صدرت فيما بعد من قبل الخلفاء الراشدين وفق حاجات المجتمع الإسلامي ومعاييره لفهم النمط الجديد من التفكير لإنتقال  لدولة النظام وبالتالي فأن مايُشرع يجب أن يُلائم تلك التطورات في الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية،
إن التوسع الذي حدث نتيجة الفتوحات قد أضاف ثقلا جديدا لواجبات حكام البلدان المفتوحة  وذلك لخصوصية كُل من تلك البلدان وأنماط الحياة فيها والتشريعات والقوانين إضافة لإختلاف الموروثات والتاريخ الحضاري ، ولاشك أن التقييد بما ورد في  القرآن الكريم كان بمثابة تقيدا عاما لايمكن للمسلمين الإنحراف عنه كونه أو بالأحرى كون المسلمون ينظرون له أي القرآن بأنه الكلام المُنزل من الله عزوجل فقد كان التوجيه الإلهي يقضي بذلك أي يقضي بأن يحكم الجميع من خلال كتاب الله وفق القضايا التي وردت بها النصوص الصريحة  أما القضايا الأخرى والتي لم ترد بها نصوصٌ صريحةُ فكما ذكرنا في مقالاتنا السابقة فأنها كانت تحسم بالإجماع وهو الشعار الذي رفعته دولة الخلافة (الشورى ) والسؤال هنا هل كانت جميع النصوص الواردة في القرآن ملزمة التطبيق حرفياً ..؟
إن الله عزوجل أعطى للضرورات  حقها في الإحتكام الشرعي وحتى تلك التي قد يجبر عليها الإنسان كنتيجة لضعف أو مرض أووزرٍ ما  ( فمن إضطرَ غير باغٍ ولاعادٍ فلا إثمَ عليه .. ) وبالجانب الأخر أن الله عزوجل فوض الرسول في العديد من القول والفعل ولعله عزوجل أراد بذلك أن يعطي لمحمد مجالا أرحب في التصرف في الشؤون الدينية أي إثبات وجوده المعرفي تجاه مايشعر به المسلمون من حرج بأتخاذ موقف ما من قضية تفتقر الى النص القاطع وليس هذا فحسب بل أن الله عزوجل قدم بذلك أمرا لعباده على شكل نصيحة (ماأتاكم به الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فأنتهوا .. ) ولكي لاتكون هذه الآية سائبة  ودالة على كل شئ سيقوله محمدٌ وبالتالي لربما يسوغ للبعض من المسلمين  التمسك بما يقول محمد أو بما يفعل وأحلاله بديلا بما أتى به القرآن ولربما بأعتقاد هولاء البعض من المسلمين بأن محمدا سيستطع حل كل شئ خارج سياقات القرآن لذلك فأن الله عزوجل أراد تذكير رسوله بأن القرآنَ تذكيرٌ للناس بما يجب وجوبه عليهم وأنه أُرسلَ لهم وما عليك إلا أن تبين لهم هذا المُنزل من الله ليستطيعوا أن يتفهموا كلام الله وقصده ليتخذوه دليلا في حياتهم يقودهم للبر والتقوى في الحياة الحاضرة والى الفردوس في الحياة الآخرة ،
 إذن هنا كان الإلزام الديني يقوم على الإلتزام بما أتى به كتاب الله وبما يأتي به الرسول من قول وبما كان يقصد في فعله ذلك الذي تم التعارف عليه بالسُنة النبوية ، وهنا لابد من الإشارة أن أبابكر قد جمع القرآن صحائفاً ولكنه أي القرآن إكتمل قرأة موحدة في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان ، ويبدو أن محمدا قد أدرك قصد ربه بعدم توسيع دائرة أقواله وربما أفعاله وقد أراد محمدٌ كما هو المعتقد لدينا فيما أراد الله توضيحه لمحمدٍ أن لاتسطو السُنة النبوية على القرآن وتكون منافسة له وليست إكمالا للفقه الإسلامي لذلك فقد نهى الرسول عن كتابة سُنته (( لاتكتبوا عني )) بل حدثوا عني ولاحرج وأعتقد أن الأمر معروف بين أن تكتب وبين أن تتحدث ، كان موقف الخلفاء من السُنة النبوية وكما يبدو لي أنهم تعاملوا معها بشئ من الحذر، وهذا الحذر متأتياُ عن كيفية النقل ونوع النقل ومن الناقل وما وراء هدف النقل لذلك إعتمد الخلفاء في صحة القول أو الفعل للرسول أو تصحيحه إعتمدوا الصحابة وهم الأقربون له ، ولاشك أن ذلك في ماقال ولم يقل وما فعل ولم يفعل أو مانسب إليه وأسئ فهمه كان له تأثيرا سلبيا في بعض الحوادث المهمة ومنها على سبيل المثال حين رفض أبا بكر أن يعطي قطعة أرض لفاطمة بنت محمد من ميراث أبيها حين قال أبا بكر لفاطمة (سمعتُ رسول الله يقول نحن الأنبياء لانورث وما تركناه صدقة) وقد أثارت هذه القضية فتنة فكرية لايزال بعض المسلمين ينحازون بها لموقف أبا بكر وبعضهم يقفون ضد هذا الإجراء فالذين يقفون معه يعتقدون بأن أبا بكر لم يخرق سُنة الرسول والذين عاكسوا الأمر يعتقدون أن (الخرق ) لن يتكرر لأن لانبي من بعد محمدٍ كما أن محاولة إستبدال أسامة من حملته التي جهزت قبل وفاة الرسول وأستبدال قيادته لهذا الجيش (لصغر سنه ) بقائد أخر هي الأخرى من القضايا التي رفضها أبا بكر تحت (مفهوم ) إن  الرسول قد أمر بذلك الأمر وهو الآن أي التكليف لأسامه أصبح من سُنته ،،،
 يتضح الى جانب إتباع القرآن والسنة النبوية كمعيار أساسي دستوري لحكم المسلمين ما بعد الرسول فأن الشورى  والحوار مع العامة والتواضع وقبولهم المشاركة المجتمعية أشياء عُمل بها  في الدولة الراشدية وهناك أمثلة كثيرة  لهذا التمسك بالشورى والإذعان للرأي الصائب ومنهما قضية المهور التي أراد لها عمر سقفا محددا وأن يودع مافوقه في بيت المال وكيف خاطبته أمرأة بقول الله (وأتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا )  فكان رد خليفة المسلمين على هذه المرأة (أصابت إمرأة وأخطأ عمر ) كما أن موقف الخليفة الرابع علي بن أبي طالب مهما في أمر الإلتزام في القرآن والسنة كحالة فصل في المنازعات ومنها المنازعات الكبرى ويتمثل ذلك في رسالة أبا الحسن التي وجهها لمعاوية بن أبي سفيان ((… وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار إذا إجتمعوا على رجل واحد وسموه إماما كان ذلك لله رضى … ) …
لقد تشكلت قوانين الدولة الإسلامية كنتيجة لمبادئ القرآن الشمولية فكانت قوانين لما تحتاجه عامة البشرية ولم تكن لفئة أو لطبقة أو لشخص ما ،،،،
من المعلوم أن الخوارج قد كَفّروا الطرفين المتحاربين وقد سبق ذلك وعندما بويع علي بالخلافة رفض معاوية البيعة وكانت أسباب هذا الرفض كانت تحت ذريعة تسليم قتلة عثمان أولا ثم البيعة وعندما ألتقى جيشا الطرفين في صفين وكا ن النصر يلوح لجيش علي أوعز معاوية للجوء الى التحكيم بعد أن رفع جيش معاوية المصاحف على رؤوس الرماح ،
وكانت تلك الخطوه في باطنها يراد منها الإيحاء بأن معاوية لايريد إراقة الدماء وبأنه يرى أن الحل السلمي الذي سيقرره العاقلون المخولون للتحكيم سينهي هذا النزاع وبالتالي فأن معاوية بهذا التصرف والذي سمي من قبل الطرف الأخر بــ(الخديعة ) قد ضمن نسبيا ميل بعض المقاتلين من جند علي كما ضمن  في تلك الخطوة  الى حدوث إنشقاق بين الطرف الأخر ،، وقد حدثت فعلا تلك التوقعات وكان أكبرها وأهمها أن الخوارج رغم أنهم خرجوا على علي لكنهم بقوا خارجين على الأقطاب الثلاث (علي ومعاوية وبن العاص ) ومنتهزين الفرص لإحقاق( جزاء الله) الذي لايكتمل إلا بقتل الثلاثة  حسب مفاهيمهم ،
كانت الأجواء السياسية قد تلبدت تماما بعد معركة صفين وبقي النزاع قائما بين أهل الشام وأهل المدينة والكوفة أي بين الإتجاه الذي يمثله الخليفة الذي تم مبايعته من غالبية المسلمين وبين الطامح بالخلافة ومسيرا جنده إليها ،كان مقتل علي كما ذكرنا في 40ه على يد إبن ملجم قد أنهى فترة الخلافة الراشدية بأستشهاد الركن القريب من رسول الله وكان يمكن أن تستمر الفوضى بعد مقتل علي وتستمر الحروب والأضطرابات وكان من الممكن أن يؤدي الصراع على قيادة المسلمين بظهور شخصيات أخرى تطالب بالخلافة بل أن مساحة الحرب كانت قابلة للتوسع خارج الجزيرة العربية وبالأخص جبهة العراق ، بل أن المناصرين لعلي أوجدوا البديل بعد مقتل أبي الحسن حين قدمت وفود لمبايعة نجله الأكبر المعروف بصفاته الفريدة والحميدة ،
لم يجد الحسن من وسيلة ما لإخماد الفتنة وأنهاء سفك دم المسلمين غير القبول بولاية معاوية فقد أقدم في العام 41 ه على مبايعة معاوية وبهذه البيعة ضمن الحسن لمعاوية البيعة العامة لذلك تاريخيا سمي هذا العام بعام الجماعة وقد كان الصحابة قد ذكروا أن محمدا قد تنبأ بذلك اليوم الذي يبايع فيه الحسن معاوية بن أبي سفيان درءا لدم المسلمين حيث تحقق قوله حين وقتها قد قال وهو يشير للحسن (سيصلح أبنيَ هذا بين فئتين عظيمتين )
فالحسن الذي قال عنه رسول الله بأنه سيصلح بين فئتين عظيمتين هو أبن فاطمة بنت رسول الله وقد أراد والده علي بن أبي طالب تسميته (حرباً ) ولكن رسول الله أنعم عليه بأسم الحسن وقد أولاه الرسول في طفولته إهتماما إستثنائيا من الرعاية والمحبة وكان الحسن شبيها بجده رسول الله وعن مسلم ومسند من قبل عائشه أن الآية القرآنية (يريد الله أن يذهب الرجس عنكم أهل البيت … ) قد خصت الحسن والحسين وفاطمة حين إحتضنهما الرسول في جبته ونزلت بحقهما تلك الآية الشريفة ،،
فقد حمل الحسن من الصفات أنبلها وحفظ الكثير عن رسول الله وكانت له علاقات طيبة مع من تبقى من الصحابة وأبناءهم الى أن توفي مسموما وليست هناك من دلائل بأن أهل الشام هم من قتل الحسن ولكن الشبهات التي ترقى الى اليقين كانت تحوم حول السبئية والخوارج ،
في تاريخ الأمم وما ترك المؤرخون يشار الى أن سفيان والد معاوية كان من أواخر من أسلم وقد أسلم عند فتح مكه وكان من المجاهرين بالحفاظ على التقاليد الدينية في الجاهلية إلا أنه أسلامه جاء متأخرا وقد خصه الرسول عند فتح مكة بالمزية المعروفة (من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن )حاول معاوية بعد أن أصبح خليفة للمسلمين أن يزيل الألتباس القائم بينه وبين خصومه وخصوصا من أبناء الصحابة الذين يعتقدون بأنه قدم للخلافة من مبدأ القوة وليس من مبدأ المشاركة الجمعية للمسلمين لذلك فقد عمل على تقريب الوجوه المهمة في المجتمع الإسلامي ومنهم (عبد الله بن الزبير، عبد الله بن عباس ،عبد الله بن جعفر الطيار ،عبد الرحمن بن أبي بكر ..)
وكان معاويه قد أقدم على عدة مبادرات أخرى وصفت بأنها محاولة لسد الثغرات بين المسلمين لكن للمسعودي واليعقوبي رأيا أخر بمعاوية إذ ذهبوا أن سياسته كانت تتصف في جل أعماله تتصف بالمكر والدهاء الى جانب الحلم ، كذلك ذهب إبن خلدون في قول مشابه لذلك أو زاد عليه ،،
بالمقابل فأن جل المؤرخين قد أجمعوا على  قسوته في إدارته للدولة وقدراته في الحرب ، لكن العيب الأكبر والأهم أن معاوية قد إنحرف عن الأسلوب السياسي الذي إتبعه الخلفاء الراشدين في تولية الحكم وهو أسلوب الشورى ليتجه لنظام جديد أثيرت حوله وأثار هذا النظام الجديد العديد من الإشكالات التي أججت الصراعات فيما بعد في الدولتين الأموية والعباسبية وهو نظام الوراثة ،،

هامش // نكتفي بهذا الفصل كون الكتاب قيد الطبع
[email protected]