23 ديسمبر، 2024 12:17 ص

إسماعيل بن الإمام جعفر بن محمد الصادق “ع” ودعوى المهدوية

إسماعيل بن الإمام جعفر بن محمد الصادق “ع” ودعوى المهدوية

كان إسماعيل ابن الإمام الصادق اكبر إخوته وكان إسماعيل وعبد الله الملقب بالأفطح  وأم فروة من أم واحدة هي فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وكان أبوه عليه السلام شديد المحبة له والبر به والإشفاق عليه .
وقد نسبت إليه الفرقة المعروفة بالفرقة “الإسماعيلية ” نسبة إلية حيث قالت بإمامته ومن ثم ساقوا الإمامة في ذريته وإن كانت هي بالنتيجة أيضاً تفرقت وتشعبت إلى عدة فرق بعد وفاة الخليفة الفاطمي المستنصر بالله حيث تفرقت إلى نزارية ومستعلية والموجود اليوم منها طائفة البهرة وهم من المستعلية والتي انقسمت أيضاً إلى داودية وسليمانية  والأغاخانية وهم من النزارية الموجودين في الهند وبلاد أخرى وكذلك الطائفة العلوية في الشام حيث إن أصولها إسماعيلية ورغم ما نشر أخيرا من كتب الإسماعيلية وبعضها من النوادر التي لم تنشر من قبل  لا يوجد في هذه الكتب أي رواية أو إشارة بالنص على إمامة إسماعيل حسب دعوى الإسماعيلية أن الإمام الصادق عليه السلام نص على إمامة إسماعيل سوى تمسكهم بأنه أي إسماعيل أكبر أبناء الإمام الصادق وانه كان كثير المحبة له . وقد أشار إلى ذلك قديما الشيخ الصدوق حيث قال وهو يرد على الإسماعيلية  ” بِمَ قلتم إنّ جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) نصّ على إسماعيل بالإمامة ؟ وما ذلك الخبر ؟ ومن رواه ؟ ومن تلقّاه بالقبول ؟ فلم يجدوا إلى ذلك سبيلاً ، وإنّما هذه حكاية ولّدها قوم قالوا بإمامة إسماعيل ، ليس لها أصل”  .
كما أشار إلى ذلك أيضا الشيخ المفيد بقوله “إنّه ليس أحد من أصحابنا يعترف بأنّ أبا عبد الله ( عليه السلام ) نصّ على ابنه إسماعيل ، ولا روى راو ذلك في شاذ من الأخبار ، ولا في معروف منها” .
وورد في فضله أحاديث عديدة منها ما رواه الكشي في ترجمة عبد الله بن شريك عن أبي خديجة الجمال قال :
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :إني سالت الله في إسماعيل أن يبقيه بعدي فأبى ولكنه قد أعطاني فيه منزلة أخرى ,انه يكون أول منشور في عشرة من أصحابه ومنهم عبد الله بن شريك وهو صاحب لوائه  .
وقد علق السيد الخوئي على هذه الرواية كما في معجم رجال الحديث (هذه الرواية ظاهرة الدلالة  على مدح إسماعيل والسند صحيح)  .وكذالك ما رواه الصدوق عن أبيه عن سعيد بن عبد الله الأعرج قال:قال أبو عبد الله عليه السلام : لما مات إسماعيل أمرت به وهو مسجى أن يكشف عن وجهه فقبلت جبهته وذقنه ونحره ثم قلت :اكشفوا عنه فقبلت أيضا جبهته وذقنه ونحره ثم أمرتهم فغطوه ثم أمرت به فغسل ثم دخلت عليه وقد كفن فقلت : اكشفوا عن وجهه فقبلت جبهته وذقنه ونحره وعوذته ثم قلت : أدرجوه ,فقلت بأي شيء عوذته  .  قال :  بالقران .
وقد استنتج الشيخ الصدوق من هذه الرواية فوائد شرعية راجعها في تعقيبه على هذه الرواية من كتاب إكمال الدين وإتمام النعمة .وكذالك رواية فضالة بن أيوب في كتاب الزهد للاهوازي حيث روى عن سيف بن عميرة عن ابن مسكان عن عمار بن حيان قال : اخبرني أبو عبد الله ببر ابنه إسماعيل له وقال : ولقد كنت أحبه وقد ازداد إلي حبا إن رسول الله صلى الله عليه واله أتته أخت له من الرضاعة فلما أن نظر إليها سر بها وبسط رداءه لها فأجلسها عليه ثم اقبل يحدثها ويضحك في وجهها ثم قامت فذهبت ثم جاء أخوها فلم يصنع به ما صنع بها فقيل : يارسول الله صنعت بأخته ما لم تصنع به , وهو رجل فقال : لأنها كانت أبر بأبيها منه  . وقد ذكرت بعض روايات تذم إسماعيل ذكرها السيد الخوئي في المعجم وأجاب عنها من أراد فليراجعها .
قال الشيخ المفيد في الإرشاد : وكان قوم من الشيعة يظنون انه القائم بعد أبيه والخليفة له من بعده  إذ كان اكبر إخوته سناً ولميل أبيه إليه وإكرامه له فمات في حياة أبيه بالعريض  وحمل على رقاب الرجال إلى أبيه بالمدينة حتى دفن بالبقيع وروي إن أبا عبد الله جزع عليه جزعا شديداَ وحزن عليه حزناً عظيماً وتقدم سريره بلا حذاء ولا رداء وأمر بوضع سريره على الأرض قبل دفنه مرارا كثيرة وكان يكشف عن وجهه وينظر إليه يريد عليه السلام بذالك تحقيق أمر وفاته  عن الظانين خلافته له من بعده وإزالة الشبهة عنهم في حياته ولما مات إسماعيل رضي الله عنه انصرف عن القول بإمامته بعد أبيه من كان يظن ذالك فيعتقده من أصحاب أبيه عليه السلام وأقام على حياته شرذمة لم تكن من خاصة أبيه  ولا من الرواة عنه وكانوا من الأباعد والإطراف فلما مات الصادق عليه السلام انتقل فريق منهم إلى القول بإمامة موسى بن جعفر عليه السلام بعد أبيه وافترق الباقون فريقين:
 فريق منهم رجعوا عن حياة إسماعيل وقالوا بإمامة ابنه محمد بن إسماعيل  لظنهم إن الإمامة كانت في أبيه وان الابن أحق بمقام الإمامة من الأخ وفريق ثبتوا على حياة إسماعيل وهم اليوم شذاذ لا يعرف منهم احد يومأ إليه وهذان الفريقان يسميان بالإسماعيلية  والمعروف منهم الآن من يزعم أن الإمامة بعد إسماعيل في ولده وولد ولده إلى آخر الزمان  ..
وكذالك قال في كتابه الآخر الفصول العشرة في الفصل الثامن وهو يستعرض الفرق التي قالت بمهدوية بعض الأئمة حيث قال : وقول أوائل الإسماعيلية وأسلافها إن إسماعيل بن جعفر هو المنتظر وانه حي لم يمت  .

قال إبن أبي خلف الأشعري في كتابه المقالات والفرق وهو في تعداد الفرق التي تفرقت بعد الإمام الصادق قال (وفرقة زعمت إن الإمام بعد جعفر ابنه إسماعيل بن جعفر وأنكرت موت إسماعيل في حياة أبيه وقالوا كان ذالك يتلبس  على الناس لأنه خاف عليه نفسه عنهم  , وزعموا إن إسماعيل لا يموت حتى يملك الأرض ويقوم بأمور الناس  وانه هو القائم لان أباه أشار إليه بالإمامة بعده وقلدهم ذالك له واخبرهم انه صاحبهم والإمام لا يقول إلا الحق فلما اظهر موته علمنا انه قد صدق وانه القائم لم يمت وهذه الفرقة هم الإسماعيلية الخالصة . 
أما من العامة فقال صاحب الملل والنحل فقال تحت عنوان الإسماعيلية (الواقفية قالوا إن الإمام بعد جعفر إسماعيل نصا عليه باتفاق من أولاده إلا إنهم اختلفوا في موته في حال حياة أبيه فمنهم من قال لم يمت إلا انه اظهر موته تقية من خلفاء بني العباس وعقد محضرا وأشهر عليه عامل المنصور بالمدينة ومنهم من قال الموت صحيح والنص لا يرجع قهقري والفائدة من النص  بقاء الإمامة في أولاد المنصوص عليه دون غيره فالإمام بعد إسماعيل ابنه محمد بن إسماعيل ).
 أما صاحب مقالات الإسلاميين فقال:
والصنف السابع عشر من الرافضة يزعمون إن جعفر بن محمد مات وان الإمام بعد جعفر ابنه إسماعيل وأنكروا أن يكون إسماعيل مات في حياة أبيه وقالوا لا يموت حتى يملك لان أباه قد كان يخبره انه وصيه والإمام بعده .
أما باقي كتب الفرق فليس فيها أزيد مما ذكر وقد تسال فتقول إن النصوص السابقة ليس فيها أي تصريح بالاعتقاد بان إسماعيل ابن الإمام الصادق هو المهدي حيث لم يرد أي نص بتسميته بالمهدي.( قلت) صحيح لم يرد نص أطلق فيه على إسماعيل بأنه المهدي ولكن ما صرح من أقوال فيه تدل على ذالك وان لم يرد باللفظ ( المهدي ) خاصة حيث قال الشيخ المفيد من إن بعض الشيعة كانوا يظنون انه القائم بعد أبيه وهو وان كان ظاهر إنهم كانوا يرون انه هو الإمام بعد أبيه حيث أن المراد من القائم بعد أبيه القائم بالإمامة كما هو واضح ولكن تصريح الشيخ الأخر بأنه أقام على حياته شرذمة قليلة يدل على إن هناك من كان يرى عدم موته وان حي وإنهم ثبتوا على اعتقادهم هذا كما هي عبارة الشيخ ,  فإذا ضممنا هذه القرينة إلى فعل الإمام الصادق بالكشف عن وجهه عدة مرات وإشهاده على موته ليؤكد موته للناس  إضافة إلى القرينة الأخرى وهي  كلام الأشعري في المقالات والفرق وبالتحديد عبارة لا يموت حتى يملك الأرض والتي أيضا ذكرت في كلام الشهرستاني وصاحب مقالات الإسلاميين وهي صفة لم ترد إلا في أوصاف الإمام المهدي عليه السلام .
 إضافة إلى إنه بالفعل بعد وفاة إسماعيل هناك من أنكر موته وقال بان الإمام الصادق ما قام به من إظهار لموت إسماعيل إنما هو للحفاظ عليه من السلطات وإلا حقيقة هو غير متوفي وقد شوهد في البصرة وقد شفى مقعداً  وبالتالي بضميمة هذه القرائن بعضها إلى بعض يحصل لا اقل الاطمئنان بوجود من ادعى المهدوية في إسماعيل ابن الإمام الصادق ومن خلال البحث نتبين أن إسماعيل كان يقوم بأدوار في حياة الإمام الصادق ربما كانت سياسية واجتماعية أخذت الطابع السري خوفاً من السلطات القائمة يدل عليه تأكيدات الإمام الصادق لإثبات موته وزعم أتباعه أن الإمام الصادق أظهر موته تقية كما مر في كلام سعد الاشعري ,  لكن هذه السرية تطورت فيما بعد في أولاده إلى منحى أخر اشد سرية وتكتماً مما فتح الباب للفكر الباطني أن يجد أرضية مناسبة لينتشر في صفوف دعاة الإسماعيلية  .