18 ديسمبر، 2024 10:54 م

إسماعيل الوائلي .. سلمان رشدي عراقي

إسماعيل الوائلي .. سلمان رشدي عراقي

لم يجرؤ احد في التاريخ (النيل من الرموز الوطنية والاسلامية) المحترمة في العالم الاسلامي وباسفاف واضح لاعلاقة له بالمعرفة والثقافة والاستخدام النبيل للمصطلحات النفسية والمعرفية كما تجرا رجل المخابرات الكويتية في العراق اسماعيل الوائلي. لكن من هو اسماعيل الوائلي الذي كتب ولازال سلسلة من المقالات الضعيفة التي لايجمعها جامع وليس فيها رابط وهو يكيل الاتهامات والشتائم ويلصق بالامام السيستاني نعوتا شبيهة بنعوت رشدي في الايات الشيطانية سيما وان الإمام السيستاني ليس رجلا عاديا بقدر ماهو مرجع امة ويتعاطى معه وكانه متهم في غرفة احتجاز ايام ماكان مخبرا يكتب التقارير على ابناء جلدته من العراقيين في المخابرات الكويتية؟. اسماعيل الوائلي وقبل ان يتطاول على مرجع الامة وذاكرتها الشعبية وضميرها الحي لابد من جولة في سيرته السابقة لكي يتعرف العراقيون من سياسيين ومثقفين وكتاب ومتابعين على هويته الشخصية وسيرته الذاتية وسلوكه الامني وماضيه البعثي الاسود وتاريخه القريب في سرقة الاموال العراقية ايام ولاية اخيه على البصرة وعبر رواية السلوك والدراية بالهوية الشخصية يستطيع المرء ان يكون فكرة عن خصم الامام وهي جدلية لازالت مستمرة في التاريخ وستبقى فالامام لايكون خصمه الا منافق او مجرم او سارق قوت المحرومين والفقراء ومثلما اصاب الذهول والارباك عبد الرحمن بن ملجم المرادي وهو واقف في بوابة كوفية وقد القي القبض عليه بعد مقتل الإمام سيصيب ارباك مماثل الوائلي وهو يحاول تشويه الامام بجراة مخبر الامن. والمرادي والوائلي في ملة التشهير من امة واحدة وربما من ام مشتركة. قبل أن نعرج على (السيرة الذاتية) لسارق أموال الشعب العراقي ينبغي أن نذكره إذا كان لديه أذنا واعية ونذكر القراء بأن المرجعية الدينية مكان محترم لا يتناوله إلا الدعاة المتطهرون ولا ينال من اهميته ودوره وتأثيره وقداسته الإنسانية إلا السراق والمداهنون والمنافقون وهي مقام اجتماعي في الأمة وقيمة شرعية في الإسلام والفقهاء الذين يتسنمون هذا الموقع لا يأتون إليه كما يأتي الضباط العرب إلى القصور الملكية أو الجمهورية بقوة السلاح والجبروت والدبابات والمدرعات ووشاية الإقليم وخطط الدول وتحريض المحلي وسرقة الأموال وتكديس السلاح في مجمعات نفط الجنوب وجباية الأموال وامتصاصها بطريقة تقنية فريدة من أمعاء المحرومين والفقراء وتقديمها لأولي النعمة بل يأتون عبر الاكثرية الساحقة من آراء الفقهاء ومن أهل العلم وتنزيه النخبة العارفة بأحوال المرجعية الدينية وهي حالة يختلط فيها ما هو شورى بما هو قانون في الديمقراطيات الحديثة والإمام السيستاني أصبح مرجع الأمة والزعيم الروحي للحوزة العلمية في النجف مركز الحضارة العربية والإسلامية عبر خيار قبول الغالبية العظمى من العلماء بعد وفاة زعيم الطائفة أبي القاسم الخوئي (رض) عام 1992. والسيد رجل أقرب في منهجه لمنهج عبد الرحمن الكواكبي الذي يولي أهمية استثنائية للخصوصية الوطنية ويغطيها بمروءة الفكر الإسلامي ويدعو إلى الحرية وصيانة المجتمع الإسلامي من موبقات الحضارة الغربية ويدعو إلى هوية المواطنة وأن لا يكون المجتمع مستلباً خاضعا لتأثيرات الآخر مثلما يؤكد على متابعة القضايا الجوهرية والتدخل الشرعي في الضرورات الاجتماعية والسياسية والتوغل في التدخل إذا ما ادلهمت الخطوب وأوشك المناخ الشعبي من الهبوط في سحيق الحروب الأهلية التي لا يقر لها قرار. حدث ذلك في متابعته للمادة (58) من الدستور العراقي.. ففي ظل الجدل الدائر حول هوية الدولة وأمام تحدي تيار سياسي حاول أن يذهب بها بعيداً عن مناخها المحلي والعروبي والإسلامي أصر الإمام أن دين الدولة هو الإسلام لكنه لم يصر على أن يكون الإسلام الحاكم وجوهر النظام.. لم يكن الإمام مع دولة للإسلام قدر ما كان مع خيار اسلام الدولة وهو ما يطرح في الواقع شرط احترام الدولة للإسلام دون أن تكون الدولة ملزمة بتطبيق الشريعة الإسلامية في مسائل الحكم وإدارة شؤون البلاد. لقد صال اسماعيل الوائلي وجال في استيراد المصطلحات المعرفية لاثبات عقده النفسية إزاء مرجعية دينية عرفت بالتماسك والهدوء والأريحية والمصداقية الفكرية والسمعة الوطنية الطيبة والواقعية في الملمات وأقولها للوائلي ولأجهزة المخابرات العربية والأجنبية التي اشتغل الوائلي معها وقدم لها خدمات لا تنسى.. لولا حكمة الامام وروحه المحمدية الجامعة الكبيرة لما بقي رجل سني بعد أحداث تفجير معمارية الإمامين العسكريين عليهما السلام في سامراء ولولا تسامحه وخطابه الوطني وعدم انسياقه وراء ردات الفعل العاطفية الشيعية في مواجهة مشروع ردات الفعل الطائفية لبعض الجماعات السنية لدخل العراق في حروب الطوائف وأزمة الهوية الوطنية الواحدة ولكان الناتج أقاليم متناحرة ومدن متقاتلة.
إن الإمام السيستاني هو الذي حفظ وحدة العراقيين وحمى المصالحة الوطنية ورسخ ثوابت المستقبل وهوية النظام وربما كان الزعيم الوطني الذي هدأ روع الملايين وهي تزحف نحو مرقد الإمام العسكري وفي ذهنها خيار عسكري واحد هو الانتقام والثأر من القتلة وربما من الطائفة السنية التي ظن بعض الشيعة أنها تقف خلف القتلة. الإمام طيلة فترة ما بعد سقوط النظام كان صمام أمان الأمة ولولا صبره وروحه الاسلامية ووطنيته العراقية لكان من الصعب قيام سلطة عراقية وعملية سياسية ولو كان شيوخ الإسلام السعودي أو بعض وهابية الإسلام الكويتي من الذين جاورهم الوائلي أيام ما كان يعمل مخبرا في الكويت كانوا على رأس هذه التجربة العراقية لكانت السعودية أكثر من بلد والكويت ربع حمام دم!. إن المرجعية الدينية التي اشتغلت بالقضايا الاستراتيجية ولم تهبط إلى التفاصيل هي التي خلصت العراق من حمامات الدم التي كانت مشرعة الأبوب في انتظار كتائب العراقيين ولولا حكمة المرجعية لهدمت صوامع وبيع ومساجد وتحول العراق أثرا بعد عين وهو عين ما كان يريده ويسعى إليه ضباط الوائلي في أجهزة الأمن والمخابرات الأجنبية والعربية. في الوثائق الوطنية هنالك مجسم أمني شخصي لاسماعيل الوائلي.. شخصية مغمورة (كاتلة الهبري) لم يسبق أن كان له نشاط فكري أو معرفي أو سياسي أو فكري سوى ولعه بالمصطلحات الغربية وربما ألح عليه أصدقاءه في البصرة كثيرا بضرورة كتابة المصطلح كما هو وارد في المعجم بسبب سوء خطه الاملائي وعدم درايته باللغة الانكليزية.
أمضى سنوات وهو يرتدي الزيتوني في البعث العربي العراقي وكانت له صولات وجولات في مدينة البصرة في كتابة التقارير والبراعة في فنون الوشاية.. كان بعثيا مرضيا عنه في الفرقة الحزبية وكرم أكثر من مرة لأنه قدم أصدقاء له للمقاصل وغرف التحقيق تأكيدا لولائه الحزبي وتتويجا لتاريخ من النضال المشترك في البعث العربي. بعد التغيير خلع الزيتوني وارتدى جبة الفضيلة مستثمرا وجود أخيه في الحزب محمد مصبح الوائلي وبعد أن كان يتغنى بأناشيد البعث العربي وصيحات القادسية صار يتحدث ضد المرجعية الدينية ويتغنى بالناطقة والساكتة.. فتصور يا رعاك الله. الوائلي وبعد أن آلت وزرة النفط للشيخ اليعقوبي في حكومة ما بعد التغيير جلس (ركبة ونص) لها فأدار برذيلة أموال النفط التي تجبى لحزب الفضيلة مستغلا وجود الشقيق على رأس المحافظة وحصة الحزب في الوزارة. اتكأ على شقيقه الوائلي فأدار مهمة الضغط بتعيين مدير عام لنفط الجنوب من الفضيلة كشرط لقبول الدكتور ابراهيم بحر العلوم وزيرا للنفط وبعد أن استبب الأمر عاث في الوزارة ونفط الجنوب فسادا ولازالت صفقاته المشبوهة تزكم الانوف. لا أعرف سر سكوت الدكتور حسين الشهرستاني أيام ما كان وزيرا للنفط على موبقات اسماعيل الوائلي لكن معلومة سربت من الوزارة تقول بأن سكوته كان مرهوناً بسكوت الوائلي على شقيق الشهرستاني السيد محمد رضا الشهرستاني. عندما وصلت رائحة فساد اسماعيل إلى هيئة النزاهة وصدر قرار بمتابعته على المستويين الأمني والقضائي فر الأخير إلى الكويت وافتتح ديوانية وبدأ يستقبل فئات مختلفة من المجتمع الكويتي وعبر الديوانية ارتبط بالمخابرات الكويتية بصلة أمنية وعمل بذمة الشيخ عذبي الفهد الصباح وهو مسؤول كبير في المخابرات الكويتية ودخل في فترة سابقة إلى العراق مع كتائب القوات الأمريكية ووصل إلى تكريت ويعد المسؤول الأول لعمليات الاغتيال والتفجير التي استهل بها بعض الدول الإقليمية العهد العراقي بعد صدام حسين لكن عذبي استبعد من جهاز المخابرات الكويتية نهائيا وبقرار الأمير بعد أن فاحت رائحة جرائمة وللتاريخ القرار الأميري صدر بحق عذبي الصباح بعد أن قدم الدكتور موفق الربيعي مستشار الأمن القومي سابقا وشيروان الوائلي وزير الأمن آنذاك معلومات مؤكدة للجانب الكويتي تتضمن اساءات عذبي يعاونه اسماعيل وقد جرى القرار هذا بعد أن استنفذت المخابرات الكويتية عملها في العراق وأدى المهمة الأمنية بنجاح أما اسماعيل الوائلي فتم تهريبه إلى ألمانيا. الخطير في الأمر أن عذبي اختفى عن المشهد الأمني لكن الصحافة الكويتية بقيت تكتب عن (عاهرة الوشاية الأمنية كما تردت وتغسل غسيله الوسخ أيام ما كان مخبرا). الوائلي انتقل بعد أداء مهمته الأمنية بنجاح إلى ألمانيا مع عشرات الملايين التي حصل عليها في مضارباته أيام نفط الجنوب وتزوج من امرأة ألمانية من أصول يهودية لطالما كانت تفخر أنها تتحدر من أسرة تعرضت لمحارق الهولوكوست. في إطار نفس المهمة وبعد تجميده في ألمانيا وتزويده بجواز سفر وجنسية ألمانيتين زار اسرائيل سرا. في معلومات الوثائق العراقية فإن اسماعيل لم يقطع صلته بحزب الفضيلة ولا زال يؤدي الحقوق الشرعية بتحويل مليون دولار للحزب وتردد في الوثائق الوطنية ايضا أن الوائلي ينتمي إلى الخط الفقهي الذي يجيز سرقة الأموال العراقية وتخميسها لاحقا شريطة أن يعود ريع الخمس لمرجعية الحزب ذاته. هذا العميل وبعد كل هذا التاريخ الحافل بالوشاية والزيتوني وكتابة التقارير يتحدث بغلظة ويتفلسف على الغلابة متوهما أنه ينال من إمام الأمة. والغريب أن هذا العميل الذي كان بالأمس القريب يتمسح بأحذية الأمراء الكويتيين ويقبل كتف شيخه الأمني عذبي الصباح يفجر عبقريته الفذة حين يتحدث بمقالات ضعيفة عن الساكتة والناطقة وتقسيم الحوزة والمرجعية وأهل العلم إلى فئتين متناقضتين مع أنه لا يعرف الساكتة والناطقة وهي مصطلحات وافدة لم تألفها ساحات الفكر والثقافة الإسلامية إلا بعد التغيير على يد فئة ضئيلة لا يربطها بأصالة الفكر رابط ولا بمناشئ الشريعة الإسلامية ساحل. أود أن أقول في نهاية هذه المقالة التي يبدو أنني قد أطلت فيها مع (واحد) لا يستحق الرد ما يلي: علي عليه السلام أوصد بابه ربع قرن هل كان في فعل الإيصاد ساكتاً عن الخط وهو علي فكيف يسكت علي السيستاني عن ترسيخ كلمة الحق وهو امتداد علي وسليل الإمامة؟. إن السكوت في مراحل الثرثرة احتجاج والصمت في لحظة الهلوسة عبقرية والسيستاني فذ في مراحل الثرثرة وبطل احتجاج يعرف كيف يوظف الموقع والمرجعية وتأثير كلمتها في واقع هذه الأمة ومن كان بيته كتاريخه فلا يرمي الناس بالشيفزوفريميا .