لم يمض شهر على مقالتي التي تناولت بها موقف الكاتبة الأيرلندية سالي رووث التي أعلنت عن تضامنها بشجاعة مع القضية الفلسطينية ومقاطعتها لإسرائيل حيث دعمت مقاطعتها بعد السماح لترجمة ونشر روايتها ” أيها العالم الجميل أين أنت؟” من قبل دار “مودان” الإسرائيلية وبقيت مصرّة على الرفض رغم زعل إسرائيل وأصدقائها وقرارها بحث المكتبات الإسرائيلية على بيع كتبها، ووصمها بالتهمة الجاهزة “معاداة السامية”، فأن دعوة رووث لا تني الى الاستمرار في حملة لمقاطعة إسرائيل، لم يمض شهر على هذا الحادث حتى بدأت إسرائيل بتلقي المزيد من اللطمات..
قبل سبع ساعات تنشر محطة البي بي سي خبراً عن طرد السفيرة الإسرائيلة من قاعة المحاضرة في كلية لندن للاقتصاد من قبل الطلبة وشيعت الى خارج القاعة “بالتهديدات” والصياح إدانة لإسرائيل، وتضامناً مع الشعب الفلسطيني، وإزاء هذا الحدث” الجلل” الذي منيت به إسرائيل عبّرت إدارة المعهد عن استيائها وتضامنها مع السفيرة الصهيونية لدولة إسرائيل ” تسيبي هوتوفلي” للمشاركة في نقاش ينظمة طلبة الجامعة حول مستقبل الشرق الأوسط..كما عبرت وزيرة الداخلية البريطانية عن امتعاضها وإحراجها لما حصل للسفيرة ووعدت بالتحقيق.. وكانت المناسبة لعقد هذا الملتقى هو الذكرى الثالثة والثمانين لما يعرف ب” ليلة الكريستال” التي تزعم فيها إسرايل عن قتل أكثر من تسعين يهودياً والسؤال للسفيرة ولروساء حكومتها: كم من الفلسطينيين قتلوا في مذبحة ديرياسين وقبية.. وقانا من قبل الجزار شمعون بيريز والهجوم على جنين من قبل شارون، ناهيك عن المذابح بحق الأسرى المصريين؟! لقد انسحب السفير الفلسطيني من المشاركة وحسنا فعل..
وفي النرويج استمراراً لحملة الدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني التي تزعمتها “هيومن راتس وتس” والتضامن مع السجناء في إسرائيل، فإن حملات مقاطعة إسرائيل تتصاعد والصراع مع أصدقاء إسرائيل مستمر قاده رئيس االحكومة النرويجية ورئيس حزب العمال الشخصية المرموقة ” يوناس غارستوره” حيث قدم دعما مجزياً بخمسين مليون كرونة نرويجية أيأقل بقليل من ستة ملايين دولار أمريكي، بمثابة لطمة كبيرة لإسرائيل التي تعادي إنروا وتطالب بإلغائها ، وأونروا هي منظمة أممية للغوث وتقديم الدعم الاقتصادي والتعليمي للشعب الفلسطيني، وصرح غارستوره : إنه مع القرار الاممي 194 الذي أكده قرار 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة..وقد ثمنت هذا الدعم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.
وفي مصر يزداد الدعم لمقاطعة “التطبيع” الذي تقوده القوى اليسارية وتحديدا طلبة الجامعات فقد حدث في مدينة ذهب على البحر الأحمر حيث هناك مراكب سياحية انتبه طلبة الجامعة المصرية الى وجود شبان إسرائيليين على متن المركب السياحي فانتظم الطلبة وبصوت حماسي واحد مع الرقص في إنشاد أغنية ” دمي فلسطيني” مما حدا بالشبان الإسرائيليين أن يغادروا المركب خائبين!
ما ذكرته هي مجرد أمثلة، حريٌّ بالمطبعين العرب وأخص الخليجيين وتحديداً الأماراتيين حيث أصبحت الجالية اليهودية جد واسعة وتضم المقيمين من الإسرائيليين الطامحين في نيل الجنسية الإماراتية والتزاوج مع الإماراتيين ” كَصة بكَصة!”، وهكذا تقاطع الخضروات والفواكه اللبنانية بسبب واهِ مفتعل متعلق بقضية الأستاذ جورج قرداحي لتستورد الفواكه والخضروات والالكترونيات لا سيما برامج بيجاسوس للتجسس والاختراق الألكتروني من “الشقيقة” إسرائيل..
وها هي الإمارات والبحرين تقيم مناورات عسكرية حميميمة مع إسرائيل في البحر الأحمر وبالقرب من قناة السويس تحت إسم “اتفاقيات إبراهيم” لمدة خمسة أيام مع المشاركة الأمريكية بعد مرور عام على توقيع اتفاقية التطبيع مع إسرائيل!
والسؤال: أما يخجل هؤلاء المطبعون حكومات وشعوبا في الوقت الذي تتسع دائرة الشرفاء من مثقفي وفناني وإعلاميي وطلبة العالم وهو يمارسون تضامنهم الإنساني الذي تتسع دائرته بينما تتقلص دائرة التضامن القومي وحتى الديني مع أبناء جلدتهم الفلسطينيين؟!
https://www.bbc.com/arabic/world-59230229
https://nabd.com/s/95879234-070263/
https://www.bbc.com/arabic/live/59237131