كان العراق في عهد الحكم العثماني عبارة عن قرية كبيرة و كان مصدرا ً للأموال لخزينة الدولة العثمانية و المقاتلين للجيش العثماني. و كان العراق يغرق عندما يفيض دجلة و الفرات لأنه لم تكن هنالك سدود لحجز مياه الفيضانات و الجهل يعم البلاد لشحة مؤسسات التعليم و تفشي الأمراض لإنعدام المؤسسات الصحية.
بعد سقوط الدولة العثمانية و إقامة دولة العراق كدولة ملكية دستورية بدأ السياسيون العراقيون ببناء الدولة وفق الأسس الحديثة للدول، و تزايد معدل البناء بعد تزايد موارد الدولة نتيجة لإكتشاف النفط و تصديره. و في هذا السياق بدأ بناء السدود و نشر التعليم و فتح المؤسسات الصحية في أرجاء العراق. و لكن رغم كل ذلك كان الشعب يخرج في مظاهرات ضد الطبقة السياسية الحاكمة يتهمها بالتقصير في بناء العراق لعمالتهم للأجنبي، و من المفارقات فإن أغلب المتظاهرين كانوا من الذين يتعلمون في المؤسسات التعليمية التي سعى لإقامتها هؤلاء السياسيين المتهمين بالعمالة. و عليه حال قيام الجيش في 14 تموز 1958 بإقتحام القصر الملكي و إسقاط الحكومة قام الشعب بسحل السياسيين بالحبال إنتقاما ً لتقصيرهم في بناء العراق لعمالتهم للأجنبي. و من يومها لغاية 9 نيسان 2003 عانى الشعب العراقي الكثير من الحكم العسكري الدكتاتوري و حتى أصابه الإنحطاط في القيم المجتمعية. بعد سقوط النظام العسكري الدكتاتوري و أقامة دولة العراق كدولة جمهورية دستورية بدأ سيناريو العهد الملكي يعيد نفسه أو يعاد إحداثه حيث الشعب يخرج في مظاهرات ضد الطبقة السياسية الحاكمة يتهمها بالتقصير في بناء العراق لعمالتهم للأجنبي. و أخذ البعض يصرح علانية بأن السحل سيكون مصير السياسيين الحاليين مثل سياسيي العهد الملكي، و حتى أن من ضمن الذين يحذرون السياسيين من السحل هم سياسيين من ضمن الطبقة السياسية الحاكمة. و إذا ما حدث إسقاط للحكومة بقوة عسكرية على غرار ما حدث في 14 تموز فسيتكرر سيناريو سحل السياسيين و سيكون أسوأ من سابقه لعظم الفساد المستشري حاليا ً و سيعاني الشعب العراقي أكثر من ذي قبل من الخراب و ربما سوف يتشرذم هذه المرة إلى تجمعات بشرية متناحرة تعيش على هامش الحياة.
في كلا العهدين الملكي و الجمهوري يمكن لكل شخص المشاركة في العمل السياسي و التغيير بالطريقة السلمية عن طريق صناديق الإنتخابات و لكن هذا الإسلوب يجده الشعب العراقي صعبا ً و يلجأ بدلا ً عنه إلى إسلوب السحل ليمعن المزيد من الأذى في نفسه.