أبشع تقليعة في عالم السياسة العراقية بمشهدها المنحط هذا ، أن يظهر لنا قيادي حزبي حتى القحف في منظمة بدر الرفيق محمد مهدي البياتي، لينبؤنا ويعرّفنا بحقيقة إنتماء ملايين العراقيين الذين لم ينتموا لحزبه أو بقية الأحزاب الإسلاموية المتنفذة والقابضة على مصائر البلاد والعباد ..
“حقيقتنا” أيها السادة إننا بعثيون..!
ليس إستنتاجاً ، بل “حقيقة” قالها لنا الرفيق البياتي بملء الفم والثقة والتوكيد عبر شاشة إحدى الفضائيات قال الرفيق ” من لم ينتم لأحزابنا فهو بعثي” ، عطفاً على مقولة الرفيق صدام حسين حين أوجز كل التنوع السياسي العراقي بعبارة مشهورة يعرفها الرفيق البياتي جيداً وهي :
” العراقي بعثي وإن لم ينتمي ”
والمفارقة إن العراقيين من غير الحزبيين كانوا يحاججون الرفاق الذي يطالبونهم بالإنتماء إلى حزب البعث بمقولة القائد الضرورة بالقول ” السيد الرئيس يقول ، العراقي بعثي وإن لم ينتمي ، وذهبت هذه القاعدة الذهبية مضرب الأمثال في البلاد طولاً وعرضاً، وفي بعض المجالس الموثوقة كانت موضع سخرية !
الرفيق البياتي الذي أراد أن يديننا نحن ملايين “البعثيين ” ويوبخنا لأننا لم ننتم إلى أحزاب الفساد هذه ، قد كال لنا المديح بجهله ، فشرف للعراقي اليوم أن لايكون منتمياً لطبقة فاسدة حتى النخاع ، هي وأحزابها الفاسدة ، ويمنحنا رغماً عنه صك البراءة الكاملة من كل هذا الخراب الذي حل بالبلاد وسيحل بها بسبب هذه الأحزاب الإسلاموية وببركاتها مجتمعة ..
حتى لايزعل علينا البياتي سنقول عنه السيد البياتي فربما تخدش جهاديته كلمة رفيق ، التي هي أصلااً ليس من أدبيات حزب البعث تأريخياً !
السيد البياتي نفسه هو بعثي وإن لم ينتمي ، اذا طبقنا عليه معيار القاعدة الذهبية ، وتنطبق على ملايين العراقيين ، فالبياتي إذن في مأزق حقيقي هو وأحزاب السلطة ،إن كانت تتطابق رؤيتها مع رؤية السيد البياتي ، وعليه أو عليهم أن يجيبوا على السؤال التالي :
كيف سيتعاملون مع ملايين البعثيين وفق الدستور الذي يحظر حزب البعث ؟
هل سيحيلون هؤلاء الملايين إلى هيئة المساءلة والعدالة ؟
هل سيزج بهم بالسجون ؟
هل سيطردهم من مؤسسات الدولة الديمقراطية الجديدة ؟
حقيقة عليه أن يجيبنا ، بما سيفعله بنا أو سيفعلونه بنا وهم من بيدهم السلاح والسلطة والمال ، يقول لنا فعلا عن إستراتيجية التخلص من ملايين البعثيين ، ومن باب الإنسانية ، عليه أن يمهد لهم الطريق لمغادرة البلاد إلى بلاد الله الواسعة وشعوبها التي تعاطفت مع العراقيين بالضد من “رؤية” السيد البياتي الفاشية بكل معانيها !
على السيد البياتي ، أن يخبرنا ماذا سيفعل مع مئآت الآلاف من المحتجين في ساحات الاحتجاجات !!
وقد تبيّن له أن لافائدة مع هؤلاء البعثيين بالاغتيالات والتعهدات سيئة الصيت والإتهامات الباطلة ..
ما العمل كما تساءل الرفيق لينين البعثي !
من المؤسف أن يكون البياتي بهذا المستوى وهو الوزير السابق لحقوق الإنسان في كابينة العبادي ، ولله العلم عما فعله في تلك الحقوق وهو بعقلية إلغاء الآخر بهذه الأعداد المليونية !
سيكون من العبث دعوة السيد البياتي للمراجعة الحقوقية والسياسية والإنسانية والديمقراطية ، لفكرة هي من أصل وتأصيل حزب البعث وتحديداً القائد الضرورة الذي كان لايرى غيره إلا من خلال المرآة !!