23 ديسمبر، 2024 1:46 م

“إستيقظ داءُ الكوليرا”!!

“إستيقظ داءُ الكوليرا”!!

من المعروف أن أول قصيدة في الشعر الحر للشاعرة نازك الملائكة بعنوان ” الكوليرا” وقد كتبتها في 27101947 , تأثرا بمآسي الكوليرا التي إجتاحت مصر في أربعينيات القرن العشرين.

ومنها:

” تشكو البشرية تشكو ما يرتكبُ الموتُ

الكوليرا

في كهف الرعب مع الأشلاء

في صمت الأبد القاسي حيث الموت دواء…”

وهذا المرض قد تخلصت منه الدول المتقدمة لتوفيرها شروط النظافة والوقاية الكفيلة بمنع إنتشاره والإصابة به.

وهو ينتقل بواسطة بكتريا تسمى ” فيبريو كوليرا” وتوجد في الماء والطعام الملوث ببراز الحاملين للبكتريا أو المصابين بالمرض , وللكوليرا علاقة قوية بالماء الغير صالح للشرب , وآليات التصريف الصحي للنفايات والفضلات.

وعندما تتحطم البنية البيئية التحتية تتأسد هذه البكتريا وتتوحش , فتفتك بالآلاف من البشر وبسرعة فائقة.

وعدم توفر الماء النقي وإزدحام الناس وتراكم الأزبال وتجمع الفضلات , وعدم الإلتزام بشروط النظافة كغسل اليدين بعد الذهاب للمراحيض , وغياب الثقافة الصحية الكفيلة بالسلامة والعافية , توفر المناخات المناسبة لهذه البكتريا لكي تنفث سمومها في الأبدان.

وتتميز الكوليرا بإسهال مائي مفاجئ حاد شديد يؤدي إلى الموت بسبب فقدان السوائل , وإضطراب نسب عناصر الدم كالصوديوم والبوتاسيوم وغيرها , مما يحقق عجزا في وظائف الأجهزة والأعضاء .

وخلال ساعات من أعراص الكوليرا يصاب المريض بالجفاف , وإذا فقد خمسة عشر بالمئة من سوائل جسمه فأن حالته تكون خطيرة , فتجدة شديد العطش , جاف الفم والجلد , وضغطه منخفض ودقات قلبه مضطربة ووعيه مشوش.

والإسهال يكون سريعا ومباغتا ويتسبب بفقدان سوائل الجسم بمقدار لتر واحد في الساعة , ويكون الإسهال حليبيا كسحالة الرز.

ويحصل الغثيان والتقيؤ قي البداية وقد يتواصل لساعات حتى ينتهي بالموت , ولهذا يُسمى المرض في مجتمعاتنا “أبو زوعة”.

وفترة حضانة البكتريا ما بين الساعتين والخمسة أيام , وأن خمسة وسبعين بالمئة من المصابين بالبكتريا لا تظهر عليهم الأعراض , لكنهم ينشرون البكتريا في محيطهم , أي يتسببون بإصابة الآخرين بالمرض وهم لا يشعرون.

والكوليرا من الأمراض الشديدة العدوى , ويمكنها قتل الأصحاء في غضون ساعات , أما خطورتها على المرضى فأنها أقسى وأسرع.

وتظهر البكتريا في عينات البراز , وسرعة التشخيص من ضرورات التداخل العلاجي الناجع.

ولمنع إنتشارها يجب توفير الماء الصالح للشرب , والطعام الصالح للأكل, والتصريف الصحي المعاصر , والإلتزام بشروط النظافة , والتعود على السلوك النظيف , ولا بد من التثقيف الصحي بمشاركة المدارس ووسائل الإعلام والمؤسسات الصحية والجمعيات المجتمعية في التوعية الصحية الدائبة بلا إنقطاع , وتتوجب اليقظة والنباهة وتشخيص الحالات بسرعة لمنع الإنتشار.

والنظافة من الإيمان , وإذا غابت النظافة حضرت الكوليرا وأخواتها!!