23 ديسمبر، 2024 12:53 ص

إستقالات “عكرف لوي”   

إستقالات “عكرف لوي”   

اليوم وبعد نحو13 عاما من التغيير ومع كل ما يحيط بالكتل السياسية من مشاكل وإشكالات على صعيد بناء الدولة فإنها لاتزال ترى إنها صاحبة فضل لاينسى على العراقيين بلادا وعبادا. فهي تحتكر كل شئ .. البرلمان والحكومة وهي من تصنع التوافقات وتعقد الصفقات وتساوم على الانتخابات. هي من تختار الرؤساء والوزراء والوكلاء والمدراء وهي من تشتكي منهم جميعأ. والواقع انها تريد إحتكار كل شئ حيث لايمر شئ الا من خلالها.اخر أفضال هذه الكتل السياسية على العراقيين هي إعلانها ان وزراءها  في الحكومة وضعوا إستقالاتهم تحت تصرفها. وهي في حال وافقت على إستقالات معاليهم سوف ترفعها من خلال كتب رسمية الى دولة رئيس الوزراء الذي يتوجب عليه مخاطبة وزرائه من خلال كتلهم. فلا سلطان له عليهم الا عبر الكتلة. فاذا الوزير ابدع فالكتلة هي التي يجب ان تشكر لانها اختارت وزيرا درج على أن يأتي بـ “السبع من ذيله”. وفي حال أخفق الوزير فإن الكتلة هي من تعلن محاسبته او ربما البراءة منه.هذا الواقع الحكومي لاينسجم مع مايريده الناس ويتظاهرون منذ شهور من اجله. فالناس تريد وزيرا مهنيا يعمل في اطار فريق متكامل مع رئيس الوزراء وليس ممثلا لكتلته في الحكومة. فالحكومة ليست شركة مساهمة بل هي حتى وان كانت منتخبة من الشعب فان الوزير المرشح من هذه الكتلة او تلك هو ممثل الشعب العراقي كله. وهو من يرسم سياسة الحكومة لا سياسة الكتلة او الحزب او المكون.هذه القصة لاتتعامل معها الكتل السياسية. كل الكتل والاحزاب والمكونات دون استثناء. وهي حتى وان عرفتها فانها سرعان ما تحرفها وتبدا بوضع المزيد من القصص والعراقيل والشروط وصلت اخيرا الى حد التعامل مع طلب العبادي بالتغيير الجوهري وكانه هبة منها وليس مطلبا جماهيريا. فهذه الكتل افرغت هذا الطلب من محتواه حين اعلنت ان وزرائها وضعوا استقالاتهم تحت تصرفها.الوزير في هذه الحالة اصبح محميا مرتين. مرة من الكتلة لانه وضع استقالته تحت تصرفها ومرة من رئيس الوزراء نفسه الذي تمت مصادرة ارادته بكيفية التعامل مع التغيير حين ياتيه قرار البت بمصير الوزير من كتلته لا طبقا لقناعات رئيس الوزراء. فمن يقول ان رئيس الوزراء يسعى لاقالة وزير ناجح؟ وكيف يمكن للكتلة ان تضع  كل وزرائها في ميزان واحد وهو الاستقالة الجماعية كما لو كان الامر مجرد اسقاط فرض لا اكثر.هذه الكتل للاسف صادرت حتى ثقافة الاستقالة المعدومة اصلا لدينا في العراق مثلها مثل المعارضة اوحكومة الظل التي لاوجود لهما لوجود قناعة لدى الجميع ان من لايشارك في الحكومة سيفقد السلطة والنفوذ, وبالتالي فـ “الطايح رايح” وهوتعبير عراقي بامتياز لايشاركنا فيه احد. ولكي لايحصل التغيير الجديد الا  عبر ارادتها فانها حولت هذه الاستقالات الجماعية للوزراء الى ما يمكن تسميته بـ “الكعرف لوي” .