22 ديسمبر، 2024 11:30 م

إستفتاء كردستان هل سيحقق الدولة الثامنة؟

إستفتاء كردستان هل سيحقق الدولة الثامنة؟

استفتاء أو طلاق غير بائن من طرف واحد، ورفض دولي “ماعدا إسرائيل” وتهديد عملي بدبابات تركية وقصف جوي، ومناورات عسكرية وقصف مدفعي على الحدود مع إيران، مع إيقاف كافة الرحلات الجوية من والى الإقليم، أما بغداد فقد لوحت بأسلحتها السياسية عشية الاستفتاء.
لا أحد يستطيع أن يوقف عملية الاستفتاء، وعلى الاكراد تحمل نتائجه، فهذه المجازفة هي أهون من مستقبل المصير الأسود الذي ينتظر الإقليم، هكذا وصف مسعود بارزاني الاستفتاء، فالرجل يصر عليه برغم النصائح من الأباعد والأقرباء، وكأن الحلم هو الاستفتاء وليس حلم الدولة.
الانفصال وتكوين دولة كردية بدأ كحلم قبل قرن من الزمان، ولسبع مرات متعاقبة ولم ينجح، حيث بدأت تظهر ملامح الدولة بعد سقوط الدولة العثمانية، إثر معاهدة “سيفر”، لكن بعد ثلاث سنوات أسقطتها معاهدة “لوزان” التي وضعت أراضي الدولة الموؤدة تحت قبضة أتاتورك الحديدية.
مملكة كردستان بقيادة الملك البرزنجي “الذي نصب نفسه ملكا” في شمال العراق، كانت الدولة الثانية وسقطت في يونيو/حزيران1924، ونتيجتها هروب ملكها الى ايران، وفي أذربيجان قامت جمهورية كردستان الحمراء عام 1923 بقيادة “حجييف” وبإيعاز من “لينين” وسقطت أيضا عام 1929، كما أُعلنت جمهورية آرارات الكردية المستقلة في العام 1927، لكن سرعان ما قضي عليها عام 1930على يد الجيش التركي.
أما جمهورية مهاباد الشعبية الديمقراطية فقد أعلنت بواسطة زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران قاضي محمد في 22 يناير/كانون الثاني 1946 وعاصمتها مهاباد، لكنها انهارت بعد نحو 10 أشهر، ونتيجتها إعدام زعيمها، وهروب وزير دفاعها مصطفة البارزاني الى الاتحاد السوفيتي آنذاك.
كل هذه المحاولات سقطت وانهارت بعد فترة قصيرة، سواء وجدت دعما أم لم تجد، ومحاولة الاستفتاء هذه، لم تجد دعما الا من اسرائيل، التي تربطها علاقة حميمية بعائلة البارزاني منذ عام 1963، وتوطدت هذه العلاقة بعد سقوط بغداد عام 2003، وشملت التعاون العسكري في مجال التدريب والاستخبارات، والتعاون الاقتصادي خاصة تصدير النفط الى اسرائيل.
محليا سيؤدي الاستفتاء الى تشدد مواقف بغداد، وسقوط التحالف الشيعي-الكردي، وهذا ما نوه عنه ضمنا زعيم التحالف الوطني يوم أمس، حينما عاتب قادة الأكراد بشدة بقوله “صبرنا كثيرا عليكم، والاستفتاء سيفقدكم الكثير”، أما العبادي فقد اتهم قادة الكرد بالفساد، وطلب بتسليم المنافذ الحدودية والنفط الى المركز، في تهديد واضح وصريح لأول مرة، مما ينذر بحرب اقتصادية ترنحت منها دول كما في حصار قطر، فكيف بإقليم محاصر إقليميا ودوليا، إلا من جرعات الأمل التي تتلقاها بكثرة سرا، ومن شخصيات وقيادات تدعمها إسرائيل علنا.
عموما الاستفتاء جري لغاية شخصية قريبة المنال، عكس المعلن، ونتائجه لا تعدو كونها انجاز شخصي لرئيس الإقليم المنتهية ولايته منذ سنتين، وكسب للجماهير “المتعطشة” قبل انتخابات الاقليم القادمة، لذلك نرى إصراره الذي كان بروحية الاسد المقاوم، بالمقابل تحمل تبعاته السلبية على الشعب الكوردي، لا تصمد أمامها أجوبته الناعمة والناعسة، وشخصية الحمل الوديع التي بدا عليها في مؤتمره الصحفي يوم أمس.
الاستفتاء جرى والمجازفة استمرت، فهل يستطيع قادة الكورد تحقيق حلم الدولة الدائمة، أم سيكون بداية لسقوط الدولة الكوردية الثامنة؟