23 ديسمبر، 2024 7:25 م

إستشهاد قاض : حذار ثم حذار من ثورة الحليم إذا غضب

إستشهاد قاض : حذار ثم حذار من ثورة الحليم إذا غضب

إستشهد مساء أمس الجمعة سعادة القاضي مولود عبد الله الحيالي قاضي محكمة بداءة الطارمية بعد مهاجمته داخل داره من قبل مجموعة إرهابية مسلحة باسلحة رشاشة  مما أدى الى إستشهاده في الحال…خبر سيكون عابرا بعد سويعات قليلة من نشره في وكالات الأنباء المقروءة والمسموعة والمرئية وسينسى في اليوم التالي وكأن شيئا لم يكن. القاضي انسان تحين ساعته ويموت، وتلك هي سنة الحياة التي لاينكرها أي انسان. ولكن…..إغتيال قاض تلو آخر وتساقط العشرات منهم في بلد لم يذق طعم الإستقرار يوما، هو أمرا يدعو الى التوقف عنده… ما المقصود من وراء إغتيال القضاة؟ أهو موضوع شخصي؟؟ أم هو ثأر ممن تصدوا لأعتى هجمة إرهابية عرفها البلد منذ عدة قرون؟؟

 القضاة ليس لهم ديدن أو هاجس سوى تطبيق القانون وهم يصدرون أحكامهم العادلة دون إكتراث لمن يقف أمامهم، مسلم كان أم مسيحي أم يهودي، سني أم شيعي، عربي أم كردي، ان ما يعنيهم هو ما بين أيديهم من أدلة أو وقائع في القضية المنظورة أمامهم. لم إذن يقتلون وبدم بارد؟؟ ومن وراء ذلك؟؟

من المفارقات الواضحة للعيان هو ماحصل في نفس مكان وزمان إغتيال هذا الشهيد إذ تعرض مدير شرطة الطارمية الى محاولة إغتيال ايضا، نجا منها بإعجوبة رغم أنها كانت عبوة ناسفة…أنجاه الله تعالى بالطبع ولكن ألم يكن لسيارته المصفحة دور في ذلك؟؟ ألم يكن للعدد الكبير من حراسه ومرافقيه دور؟؟ هذا الضابط ومهما علت رتبته هو عضو ضبط قضائي يوجب عليه القانون الإنصياع لأوامر القضاء وتنفيذها، لم إذن يترك القاضي الذي يعمل هذا المدير ومن هو أعلى منه بإمرته تحت رحمة الجلادين من القتلة والإرهابيين، فيدخلون داره الخالية من أبسط مقومات الحراسة ويقتلونه هكذا على مرأى ومسمع و (قبول)  من الجميع؟؟

القضاء العراقي هو صمام أمان هذا البلد فإنتبهوا يا رجال هذه الدولة في كل السلطات، إن المؤامرة كبيرة ولايمكن تصور أبعادها، فإغتيال أربعة قضاة في فترة لاتزيد على شهر وفي أكثر من بقعة من بقاع العراق لدليل واضح على دفع الأمور دفعا نحو الإنفجار بعد القضاء على صمام الأمان هذا وترك الحبل على غاربه للقتلة والسفاحين وأصحاب الأجندات الخارجية لكي يزيحوا هذه المؤسسة العريقة من طريقهم لكي يعود البلد الى حمامات الدم والفوضى العارمة التي عاشها في أواسط العقد الماضي.

هل تريدون إرهابنا بإغتيالكم لرموز القضاء في العراق؟؟ لن تستطيعوا ذلك…إن أحكام الإعدام العادلة التي صدرت بحق عتاة الإرهابيين والمجرمين قد أصدرها قضاة ولم يصدرها أعضاء مجلس نواب أو وزراء أورئيس هذه السلطة أو تلك. لم إذن يرتع أولئك بخيرات هذا البلد ويتنعمون بما توفره لهم كتلهم ومناصبهم وأحزابهم من سيارات مصفحة وإجراءات امنية صارمة بينما يترك القضاة لوحدهم بصدور مكشوفة لمواجهة كل هذا الكم الهائل من الحقد والكراهية ولايلتفت اليهم أحد؟ لم تسكت يا مجلس القضاء الأعلى الموقر وأنت ترى أبنائك القضاة يتساقطون الواحد تلو الآخر لا لشئ الا لإيمانهم بما إستشهدوا من أجله؟

لقد آمنوا وآمنّا بالعدل والحق والقانون، آمنّا بوجوب أداء رسالتنا والدفاع عن المظلومين وإعادة الحقوق الى أصحابها وحفظ دماء الأبرياء…آمنّا وآمنّا…… وآمنتم أنتم قبلنا بمبادئ هذه المهنة النبيلة والمقدسة، فلم نترك لوحدنا؟؟ هل تسمعنا يا إستاذنا الجليل معالي السيد رئيس مجلس القضاء؟؟؟ هل تسمعنا يا دولة رئيس الوزراء؟؟ هل تسمعون أصواتنا يا أعضاء مجلس النواب ممثلي شعب العراق؟؟ هل يسمعنا رئيس مجلسكم المحترم ؟؟ أليست السلطة القضائية هي إحدى السلطات الثلاث في هذا البلد؟؟ لم إذن هذا الإستخفاف بها ومنحها ميزانية لاتصل في مقدارها الى ميزانية أبسط وزارة ؟؟

لقد وصل السيل الزبى…لم نعد قادرين على إحتمال كل هذا السكوت على الإمتهان المتعمد لكرامة القضاة والإستخفاف بحياتهم وأمنهم وسلامة أسرهم….لقد دفعنا دما غاليا فالعشرات منا قد تساقطوا مضرجين بدمائهم في كل أنحاء العراق وأنتم ساكتون. فحذار حذار من الحليم إذا غضب ولكم من مصر ورجال قضاءها وما فعلوه أسوة حسنة، ونحن إن سكتنا اليوم فإن غدا لناظره قريب.

ملاحظة:أدعو كل من يقرأ هذا المقال الى المشاركة ونشره إكراما للقضاء العراقي.