14 أبريل، 2024 9:17 م
Search
Close this search box.

إستذكار واقعة الطف… العراق على طريق التغيير أم البديل؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

إعتاد العراقيون على إحياء مراسم عاشوراء في كل عام مع بدايات شهر محرم الحرام إستذكاراً لواقعة الطّف وإستشهاد الإمام الحسين بن علي (عليه السلام)، لكن يبدو أن شعائرهم هذه المَرّة سيتخلّلها ذلك الترقب والحَذر وإنتظار القادم المجهول الذي لايُعرف إن كان خيراً أو شراً أُريد بهم، حتى أن البعض من العراقيين إسترجع هذه اللحظات مع ذكريات الساعات والأيام التي كانت تسبق دخول البلد في إتجاهات الفوضى والإرباك في حروب الخليج الأولى والثانية وحتى الثالثة التي شهدها العراق ويُخشى من تكرار سيناريو أزمانها.

ما أعلنه السيد مقتدى الصدر عن النيّة لإقامة صلاة مليونية موحدة لأنصاره وتحشيدهم يوم الجمعة الموافق 15/ 7 والتي ينظر لها البعض على أنها ستكون إعلاناً للإنتفاضة ضد الفساد والفاسدين كما يسميها الصدر وماتبِعها من تغريدات وإيحاءات لمقربين منه عن جهوزيتهم وإستعدادهم التام لتنفيذ أوامر زعيمهم من المؤكد أنه يرسم الصورة بوضوح بوجود شيء ما يحدث خلف الكواليس خصوصاً مع ماتم العثور عليه من منشورات في شوارع بغداد وبعض المحافظات العراقية بعنوان (البديل قادم) و (التغيير قادم) وذلك التعثر الواضح للإطار التنسيقي بتشكيل الحكومة القادمة الذي إنقسم مابين راغب لعودة الصدر إلى التشكيلة الحكومية وبين من يُريد الإستئثار بالسلطة بمفرده كما يُريدها نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق والغريم السياسي الأبرز لمقتدى الصدر في تولّي رئاسة الوزراء لولاية ثالثة وهو موقف إستفزازي يُعتبر للصدر الذي كان يُنادي بتشكيل حكومة أغلبية وطنية مع بعض شُركائِه من السنّة مثل محمد الحلبوسي رئيس البرلمان العراقي والشريك الكردي الآخر مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتنافس مع الإتحاد الوطني الكردستاني على منصب رئاسة الجمهورية، حيث يصرّ الأخير على برهم صالح رئيس جمهورية العراق مُرشحاً للإتحاد الوطني لولاية رئاسية ثانية فيما يُطالب مسعود بارزاني لهذا المنصب لمرشحه ريبير أحمد وزير الداخلية في إقليم كردستان، لكن موقف رئيس الجمهورية برهم صالح الأخير الذي رفض التوقيع على مرسوم رفض التطبيع مع إسرائيل الذي أقره البرلمان العراقي مؤخراً زاد من الطين بلّة في إستفزاز الصدر الداعم الأساسي لمشروع هذا القرار وجعله يُعيد حساباته من تبعات العملية السياسية ونتائج إنسحابه منها مع أعضاء نوابه من البرلمان العراقي وإستبدالهم بنواب خاسرين لتعويض مقاعدهم على أمل أن يُساعد ذلك الإطار في وضع اللمسات لتشكيل الحكومة أو يُحقق الغاية من تشكيلها بغياب الصدر، ويبدو أن المفاوضات كلما تقدمت إلى الأمام خطوة تراجعت إلى الخلف خطوتين لأن متتاليات المشاكل بدأت تتوالى حول شكل الحكومة القادمة إن كانت طويلة الأمد ذات الأربع سنوات أو حكومة مؤقتة لمدة عام أم عامين تُهيء لإنتخابات مبكرة جديدة، وهوية رئيس الوزراء القادم ومايراه البعض بضرورة إختيار شخصية غير جدلية أو ورقة محروقة جربها الشعب وأثبتت فشلها لقيادة المرحلة القادمة للبلاد على أن لاتُثير حفيظة مقتدى الصدر الذي رشح إبن عمه جعفر الصدر لرئاسة حكومة الأغلبية حين كان ينوي تشكيلها لولا رفض الإطار التنسيقي لهذه الغايات ماتسبب بإعتذار جعفر الصدر عن تولي المسؤولية.

الخلافات العميقة المُتجذرة في المكونات السياسية بالعراق المتمثلة بين الأحزاب الشيعية بنوعية الحكومة القادمة ومن يرأسها وذلك التناحر والتنافر الكردي على منصب رئيس الجمهورية والإنشقاقات السنيّة التي بدأت تتزايد وتظهر إلى العلن في الإختلاف على زعامة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان ومدى مقبوليته وشرعيته لقيادة المكون السني وحتى لرئاسة البرلمان وإحتمالية عدم إعطاء الشرعية الدولية والأمميّة للحكومة القادمة وإعتراف المجتمع الدولي بها بعد إنسحاب الصدر الفائز الأول في الإنتخابات من تشكيلتها ربما يؤشر أن الخلطة الجديدة التي ستنتجها أيادي العطّار ستكون مختلفة وذات مذاق يختلف عن السابقات خصوصاً إذا كان العطّار من خارج المشهد السياسي أو حتى من وراء الحدود لتغيير صبغة وتركيبة الخلطة إلى أشكال ونماذج مختلفة.

ما صَرّح به رئيس تحالف الفتح هادي العامري بإتهام جهات خارجية لإثارة الفوضى وماتبعه من تصريح لقيادات في الإطار التنسيقي عن وجود مؤتمر تحضيري للإنقلاب في العراق وحديث بعض السياسيين عن وجود نيّة للتغيير في هذا البلد مع دعم أمريكي لذلك النشاط وتلك القيادات وإحتضانها لمؤتمر قادته خلال الأيام الماضية وإعادة إحياء بعض القيادات المعارضة إلى العراق من خلال مؤتمر آخر عُقد في الأردن والإمارات من أجل الأخذ بزمام المبادرة بالعملية السياسية لتكون في المحصلة أن الصورة التي يتم الإعداد لملامحها النهائية لغرض عرضها على المشاهدين ستكون ذات ألوان متداخلة وخطوط متمازجة يصعب التفريق بينها لكنها بالتأكيد صورة قاتمة وموحشة لبلد لم يعرف الإستقرار ومواطن لم يعد يهتم بما هم آت لأنه وصل إلى مرحلة الإستسلام للأمر الواقع وأصبح من المهم لديه أن يجد من يُعينه على مشاكل الحياة وصعوباتها وإنتقلت حياته من مرحلة التذمر إلى الإنفجار الذي ينتظر ساعته، لكن هل يكون شهر مُحرّم الحرام يحمل كل تلك الأحداث الحُبلى بالمتغيرات أو المفاجآت التي ستكون مختلفة عن السابقات؟… نقول إنتظروا إنّا معكم من المُنتَظِرين.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب