شهدت الساحة العراقية السياسية تناقضات عديدة، كان لها تداعياتها على الوضع السياسي والاجتماعي في البلد، نتيجة لغياب كثير من الموازين التي يتعامل وفقها السياسيون مرة والناخبون مرة أخرى، لذلك كانت هذه التناقضات ماثلة في المرحلة السابقة ووصلت الى ذروتها.
فالسياسيون الذين استلموا دفة الحكم وإدارة الدولة، قد خالفوا ما وعدوا به جماهيرهم، ووعودهم التي القوها على المنصات بأصوات جهورية وخطب رنانة ذهبت أدراج الرياح حين الجلوس على سدة الحكم، فلا فساد تم التصدي له بل المفسدون ازدادوا شيطنة وثراءا، وارض عاث فيها الإرهاب حتى كاد يمزق وحدة البلد ويستولي عليه، وبطالة متفشية وقانون غائب، وأصبح البلد يشبه غابة تحكمها الذئاب، والمسئول المتصدي يتفرج فاقدا للحلول والمعالجات.
أحزاب باتت تعتاش على صنع الأزمات في البلاد، وبث روح التشائم والخوف من التغيير، لتبقى جاثمة على الحكم وسط إحباط الجماهير التي تدفع ثمن هذه الأزمات المصطنعة، التي وصلت الى حروب طائفية وإرهاب يصول ويجول مستغلا الصراعات السياسية، وآخرون صاروا يتقاسمون الكعكة فيما بينهم جهارا نهارا دون خوف أو وجل، وسط هالة إعلامية حزبية وطائفية تطبل لهم ليل نهار.
آخرون اتخذوا الإصلاح شعارا لمخاطبة العقول المتلهفة للتغيير واللعب على مشاعر الجماهير، فتحول هذا الشعار الى مساومات في الغرف المغلقة وتسويف من اجل مصالح ضيقة، لم ينتفع منها من كان يقف في الشمس الحارقة، وبح صوته من الهتاف بإنشودة ” شلع قلع كلهم حرامية “، فإرتدت السهام على أصحاب هذا الشعار، وبانت عورتهم وزيف دعواهم وظهر فسادهم الذي يزكم الأنوف.
بعضهم كان يلعب على الوتر الطائفي، ووضع يده بيد الإرهاب من اجل قتل أبناء بلده، وعاد اليوم بوجه بريء يتباكى على النازحين في الخيم والمهجرين في البلدان، ونسي صنع يده دون أن يستحى أو تعرق جبهته، وهو يلاقي الأطفال اليتامى والنساء الأرامل والسبايا التي اختطفها داعش الإرهابي، بينما اخذ بعضهم الطابع القومي محاولا أن يقتطع جزءا من العراق، يريده ضيعة له ولعشيرته، مقامرا بمصير شعب كامل من اجل أحلامه التسلطية.
اقترب موعد الرد على فعال هؤلاء جميعا، وحانت اللحظة لتغيير الوجوه التي لم تجلب الخير للبلد، وبحت الأصوات مطالبة إياهم بتغيير منهجهم في إدارة الدولة، ومراعاة شعب أنهكته الحروب وتناهشته ذئاب الفساد، فكانوا هم داعمي الإرهاب وسندا للفساد والمتاجرين بقوت الشعب الذي جعلوه نهبا بينهم، حارمين اليتامى والأرامل متنعمين يدورون في البلدان يسكنون البروج المشيدة، وعوائل الضحايا تسكن بيوت الطين على بطون خاوية.
حانت لحظة التغيير التي ستكتبها الأصابع البنفسجية، والتي كان العراقيون ينتظروها منذ أربع سنين، ويمسحوا جيلا أكل الدهر عليه وشرب، فشباب العراق هم أولى بقيادة بلدهم بعد أن أعطوا دمائهم دفاعا عنه، وصارت أدوات التغيير بادي العراقيين مرة أخرى، وإفهام من حكموا البلاد بأنهم على خطأ، وان العراق فيه من الطاقات ما هو قادر على إدارة الدفة، وصنع غد زاه مشرق.