كشف وزير الخارجية الدكتور إبراهيم الجعفري أن عدد السفراء الذين هم من مزدوجي الجنسية 32 سفيرأ من بين 66 سفير يمثلون العراق في مختلف دول العالم. هذا الإعلان أثار موجة من ردود الفعل المتباينة لاسيما في مواقع التواصل الإجتماعي والعديد من وسائل الإعلام بين رافض ومؤيد. لكن في الوقت الذي أعاد الى الأذهان حكاية عراقيي الداخل والخارج خلال السنوات الأولى من سقوط النظام السابق عام 2003, فإنه فجّر من جديد الحديث عن إزدواجية الجنسية لدى كبار المسؤولين ممن إحتلوا مواقع سيادية في الدولة والحكومة على حد سواء.
ولكوني أحمل الجنسية العراقية فقط فإني أملك مساحة أوسع في تناول هذه القضية من أكثر من زاوية, لاسيما إنني لاحظت من خلال متابعتي للحوار بين الطرفين سواء عراقيي الداخل وأنا بالضرورة من بينهم أوعراقيي الخارج ممن إكتسب بعضهم جنسية أجنبية بينما رفضها او لم يحصل عليها آخرون, لاسيما أولئك الذين قضوا فترة معارضتهم للنظام السابق في بلدان لاتمنح الجنسية لأجنبي لأي سبب كان أن كلأ منهم متخندق خلف قناعات شبه ثابتة بشأن الأحقية من عدمها.
في الواقع لا أجد ربطأ بين إكتساب جنسية بلد أجنبي قوانينه تسمح بذلك وبين الولاء له. كما أن من إكتسب جنسية أجنبية لم يتخل عن جنسيته الأم وهي الجنسية العراقية, وهذا يعني على أكثر الفروض منطقية وإذا تعاملنا مع الامر وفق مبدأ حسن النوايا فإن إكتساب العراقي لجنسية أجنبية إنما هي في الغالب حالة إما ظرفية تمليها ظروف معينة وقد تكون قاهرة للحصول على تسهيلات وربما إمتيازات أو مسعى لتأمين مستقبل أولاد هؤلاء وعوائلهم في وقت كان الكثير منهم يأسوا من إمكانية العودة الى بلادهم.مع ذلك فإن هناك مسألة حساسة وهي التي تزيد من حساسية الأمر وهي كيفية الموائمة بين الجنسية الأجنبية وتسلم المواقع السيادية التي لايجيز الدستور بموجبها إزدواجية الجنسية. لا أعرف إن كان الدستور يجيز للسفراء أم لا لكن في حال لم يجز لهم فإن تعيين 32 سفير مزدوج الجنسي يعد مخالفة دستورية وفي حال أجاز ذلك فإنه لابد من الإلتزام به حتى لو أخذنا بالإعتبار العديد من وجهات النظر التي تذهب الى القول ان دستورنا فصله في الغالب عراقيو الخارج على مقاسهم.
وتبقى مسألة في غاية الأهمية وهي أيهما أخطر إزدواجية الجنسية أم الهوية؟ في تقديري أن الثانية أخطر. ففي الوقت الذي لايوجد دليل على أن من إكتسب جنسية اجنبية موال للدولة الثانية التي يحمل جنسيتها فإن هناك المزيد من الأدلة الثبوتية عن وجود ولاءات أخرى تتصل بالهوية ومنها الولاء للهويات الفرعية (الدينية, والعرقية, والطائفية) وهي للأسف باتت منتشرة في وقت لايحمل أصحابها سوى الجنسية العراقية. ولعل مكمن خطورة ذلك تتمثل في أن إزدواجية الهوية قد تترتب عليها حمل أجندات خارجية طبقأ لمعيار الإنتماء للهوية الفرعية مع فقدان الهوية الوطنية في وقت نعتز فيه كل الإعتزاز بهوية .. الأحوال المدنية.