ما أحوجنا اليوم لأن ندير أزماتنا بذكاء، فالتعامل بردات الفعل، لا يجلب سوى المزيد من تعقيد الازمة، بل يخلق ازمة جديدة، فالرأس الذي يريد الحياة، لابد وان يكون موضوعياً وواقعياً بكل شيء، يخص تحديات المرحلة الراهنة، والذي سيلقي بظلاله على وحدة النسيج الاجتماعي، ولذلك بات بعض المعتدلين في الوطن يحملون شعار:(همنا الوطن وغايتنا المواطن)، إيماناً منه بأنه لا شرف أعظم من خدمة الناس وتضميد جراحاتهم.
الإرهاب الذي عصف ويعصف بالعالم، والفساد المستشري في مؤسسات دول العالم، إنما يعملان بمنهجية واحدة، وبينهما حلف واحد، وهو زعزعة إستقرار العالم، والتحكم بموارد الشعوب، وإشاعة الرعب للتخلي عن القضايا المصيرية، حيث تقع في مقدمتها: حرية وكرامة وحقوق الإنسان، فالمال خادم فاسد لمَنْ يسيء إستعماله، فكيف بالأموال تسيل على العقل الإرهابي، ليتلذذ بمنظر الدم والدمع في الوقت نفسه، ولينشر الخراب والفوضى بهذا الفكر المتطرف العفن.
المرحلة القادمة بعد تحرير داعش ستكون أخطر من سابقتها، فالإرهاب أخذ يوسع من دائرة عملياته التكفيرية، والعالم يشهد يومياً أعمالاً إرهابية أشد عنفاً، تثير الفزع والرعب بين الأبرياء، مما يحتم على أصحاب القرار، أن يتكاتفوا لوقف وطمر هذه العين الشيطانية، التي لم تتدفق على الشعوب من فراغ، بل أن هناك مَنْ حفر لها وأبرزها الى السطح، (فبعض العقول كورق الخريف جاف لا يخضرُّ مهما سقيته).
(عقارب الساعة واعظ جليل صامت، تعلمنا أن الزمن لا يعود ولا يتوقف)، وما أشار اليه السيد عمار الحكيم، رئيس التحالف الوطني قبل أشهر مضت،( من أن الأحداث الإقليمية والدولية، تعيش مرحلة ملتهبة ومفتوحة الجهات، وهناك تنافس حرج وخطير من قبل الخصوم والأعداء، وتتداخل مصالحهم على أرض العراق)،وهذه اشارة قوية الى أنه يجب على قادة العراق أن يعوا المرحلة، وإستحقاقات المستقبل، فمرحلة التشظي سيخسر فيها الجميع.
(القيادة مبادرة، وعزيمة، وقدوة، وليست منصباً، وجاهاً، وسلطة)،فبعض مدن العالم عندما تتعرض لأعمال إرهابية، تلاحظ أنهم يستشعرون الخطر الحقيقي، ويقفون يداً واحدة للدعم والمساندة، ويمارسون عملهم بدرجة كبيرة من الوعي والمسؤولية، ويبتعدون عن ردات الفعل العنيفة خارج أطر حكوماتهم، لكيلا تشيع حالة من الفوضى السياسية، كما يحدث في بعض البلدان العربية، التي تشدقت بالربيع العربي المزعوم، حتى أصبح ديننا الإسلامي، في نظر العالم مثاراً للتشكيك.
الإرهاب مهما كان نوعه، عندما يحدث على أراضيهم، يعني الإشارة بأصابع الإتهام للإسلام، وهذا يفرض علينا مزيداً من الجهود، نحو إيجاد أرضية مشتركة، للحوار بين أبناء العالم أجمعه، وتطويق نقاط الإختلاف، مع البدء بحل المشاكل الداخلية لكل منطقة من قبل أهلها، لأنه مدخل مهم لحسم الملفات الإقليمية والدولية، عندها سيشيع السلام والوئام، وإلا فالحروب والأزمات تخلق جروحاً، وتبذر بذور الفرقة والتمييز، فملف الدين خطير للغاية.
الإرهاب جمرة من الشيطان، فلا يتركوه يفرح بقتل البشرية، في دائرة تطرفهم الأهوج، فهم يثيرون الفرقة والتناحر على الأرض ويسعون لفسادها، أنهما وجهان لعملة واحدة، إعتماداً على الورقة الطائفية، وهم وإن إختلفت عناوينهم، لكنهم يرتبطون بسقيفة واحدة، لذا تجدهم يتنقلون بين جيوب الفاسدين، سواء أكانت(أمريكا، إسرائيل، السعودية، قطر، الامارات، وتركيا، وغيرها من الدول الداعمة، والراعية، والممولة للإرهاب)،وإعلم أيها القارئ الكريم:أن الرجال فانون بينما الأوطان باقية!