في الساعات الأولى من فجر كل يوم ومعظم الناس نائمون في فراشهم ويتوسدون أغطيتهم الدافئة.. يتجول عمال فقراء لكنهم متميزون بين الأزقة والشوارع والبيوت غير مبالين بحر في الصيف أو برد في الشتاء أو مطر أو تراب ليجمعوا النفايات ويضعوها في سيارات معدة لهذا الغرض وتجميعها ومن ثم ردمها في مناطق بعيدة عن تواجد سكان المدن.. سألت واحدا منهم عن المشاكل التي تواجههم فأجابني بأنهم لايأبهون بتأخير دفع رواتب عقودهم لأشهر عدة أو عدم تزويدهم بملابس مناسبة وكفوف وكمامات خاصة بالنفايات بل بتعامل الناس معهم ومايواجهونه من تهكمات بعض المواطنين والنظر إليهم كمواطنين من الدرجة الثانية! أجبت هذا العامل المجاهد الشريف قبل كل شيء بأنهم مواطنون من الدرجة الأولى وعملهم من الأعمال المشرفة التي تزيل الكثير من أسباب تكاثر وإنتشار الأمراض والأوبئة..
ففي بلدان العالم المتقدمة يكافأ عمال النظافة معاملة خاصة ويمنح الكثير منهم حوافز مالية منتظمة وزجهم في دورات تدريبية وتثقيفية وتزويدهم بمعدات فنية وسيارات خاصة تستبدل كل عام فضلا على إخضاعهم للمراقبة والعلاج الصحي المجاني وهي دوافع تشجيعية تضاف إلى التعامل الإنساني لمواطني تلك المدن معهم لأنهم يقدمون هذه الخدمة الإستثنائية.. في العراق ومع شديد الأسف تعامل هذه الطبقة الكادحة معاملة ظالمة من الدولة وحكوماتها المحلية،فمعظم هؤلاء لم يعينوا على الملاك الدائم بل تم تعيينهم بعقود جائرة ورواتب شهرية قليلة جدا لاتتناسب وحجم المهمة النبيلة المكلفين بها ولاتدفع لهم بانتظام.. أما المعدات واللوازم الفنية فبقيت على حالها منذ عشرات السنين.. هي دعوة للحكومة العراقية والمسؤولين في المحافظات والمواطنين على حد سواء بإعادة النظر بهذه الطبقة العاملة ولنتخيل معا ماذا سيحل بشوارعنا وأحيائنا ومدننا لو إمتنع عمال النظافة عن رفع النفايات لأسبوع واحد ! إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.. أيها الأخوة …
ولله الأمر