المشاكل الاقتصادية على اختلاف أنواعها عندما تحدث في أي بلد فان آثارها تبدو واضحة على جميع مفاصل الحياة ولكنها تكون أكثر وضوحاً وقساوةً على المواطن البسيط نظراً لمحدودية دخله, فتبدأ معاناته تزداد مع ازدياد حجم المشكلة الاقتصادية فيعاني من عدم استطاعته خلق التوازن بين وارداته المالية وبين نفقاته الحياتية الضرورية من مسكن وملبس ومأكل وأجور الخدمات الرئيسية كالماء والكهرباء والمولدة وأجور النقل والاتصالات والمستلزمات الدراسية وغيرها, لذا من العدل والانصاف فانه على أي حكومة عادلة أن تبعد مواطنيها جهد الإمكان عن دائرة الحلول التي تنوي اتخاذها لمعالجة أية مشكلة إقتصادية تعصف بالبلد كي لاتحملّه أعباءً جديدة فوق أعبائه.
مايحدث في بلدنا مع الأسف فان حكومتنا لاتراعي هذا المبدأ مع مواطنيها فنجدها مع كل حل تفكر به لمعالجة المشاكل الاقتصادية فانها تطرق بقوة على رأس المواطن البسيط وتستنزف موارده المتواضعة, فالعجز الذي تعاني منه الموازنة المالية منذ سنوات معروفة أسبابه للجميع وهي كثيرة ولاأريد التطرق لها هنا ولكن لو بحثا بتمعّن في هذه الأسباب فسنجد بأن المواطن لم يكن أحدها لامن قريب ولامن بعيد, فلماذا تحملّه الحكومة نتائج أخطاء لم يرتكبها؟
وهنا أتسائل لماذا تم رفع نسبة الاستقطاع في رواتب الموظفين والمتقاعدين في موازنة 2017 من 3% الى أكثر من 4,5 % ولماذا تركت الحرية للوزارات والمؤسسات الحكومية بفرض الضرائب والرسوم على الخدمات الرئيسية التي تقدمها للمواطن وكما يحلو لها, ولماذا يتم فرض الضرائب والرسوم يومياً على السلع والبضائع والخدمات الرئيسية؟ فهل فكرت حكومتنا الموقرة ولو للحظة واحدة عن كيفية تمكن المواطن بدخله المتواضع أن يقف أمام هذا الاستنزاف اليومي لموارده البسيطة وكيف سيتمكن من تليبة احتياجاته واحتياجات عائلته الضرورية في هذه الحياة المريرة؟
دعوتي للحكومة ولمجلس النواب أن يفكروا ألف مرة قبل التوقيع على أي قرار أو حل لمعالجة أي مشكلة اقتصادية ويدرسوا تأثيراته ونتائجه على حياة المواطن البسيط ويتقوا الله فيه, وأن يستبعدوا المواطن عن حساباتهم وحلولهم المقترحة لسد العجز في الموازنة وأن يفكروا بمئات الحلول المتاحة لذلك والتي بإمكانها أن تقلص هذا العجز بعيداً عن جيب المواطن الذي أصبح بحالة يرثى لها في وسط كم هائل من المعاناة اليومية في جميع تفاصيل حياته (وارحموا جيب المواطن يرحمكم من في السماء).