في إنتخابات 2018 البرلمانية فإن 20% من الشعب العراقي باعوا أصواتهم للأحزاب الحاكمة، أما البقية الأكبر 80% من الشعب العراقي فإنهم لم يشتركوا في الإنتخابات بحجج شتى، منها أن الجميع حرامية و و و .. إلخ. و هذه العقيدة التي يعتنقها غالبية الشعب العراقي الساكتة عن نهج الأحزاب الحاكمة جعلت هذه الأحزاب الحاكمة تتصور بأنها تسير على النهج الصحيح و أنها غير مسئولة عن الخراب الذي يعم العراق و تردي حالته من سيئ إلى أسوأ. و لقد جاء في الأثر مقالة “حين سكت أهل الحق عن الباطل توهم أهل الباطل أنهم على حق” و معنى المقالة بأنه إذا تُرك الباطل قَوي و استأسد و إذا تصدى له أهل الحق تلاشى و اضمحل.
في 1 تشرين الأول 2019 إنتفض جيل يافع على الواقع المزري الذي وجد نفسه يعيش فيه ضاربا ً بعقيدة شعبه القابع تحتها عرض الحائط معتمدا ً على الإرادة للتغيير. و هذا الجيل اليافع قوبل بشتى أنواع القوى المميتة و لكن ذلك لم يفت من عضده شيئا ً، بل زاده إرادة و إصرار و حماسة، و أزاء هذا لم تجد الأحزاب الحاكمة إلا ّ أن تقدم لهذا الجيل بعض التنازلات و لو من باب التهدئة أو التسويف لإنهاء إنتفاضته.
دستور جمهورية العراق لسنة 2005 في المادة 48 منه ينص بأن “تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد”، و في المادة 49 – أولا ً منه ينص بأن “يتكون مجلس النواب من عدد من الأعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة ألف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي بأكمله، يتم انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر، ويراعى تمثيل سائر مكونات الشعب فيه”، أما مجلس الإتحاد فإن الدستور في المادة 65 منه ينص بأن “يتم إنشـــاء مجلــس تشـــريعـــي يُدعى بـ (مجلس الاتحاد) يضم ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، و ينظم تكوينه، و شروط العضوية فيه، و اختصاصاته، و كل ما يتعلق به، بقانون يُسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب”، و بما أن مجلس النواب لم يَسن قانون لإنشاء مجلس الإتحاد فلذلك يبقى مجلس النواب هو السلطة التشريعية الوحيدة في العراق و لها السلطة الأعلى في الدولة. أما التظاهرات الوارد ذكرها في المادة 38 – ثالثا ً من الدستور ” تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام و الآداب، حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون” فإن الدستور لم يعطيها أي قوة للتغيير في نظام الدولة، و التغيير فقط يكون بالإنتخابات، و الأحزاب الحاكمة مجبرة على التغيير عندما تجد بأن قوة إرادة و إصرار و حماسة الجيل اليافع أقوى من تحملها، و على هذا الجيل اليافع أن يستثمر هذه الإرادة و الإصرار و الحماسة في الإنتخابات القادمة لإحداث التغيير في نظام الدولة لإنقاذ العراق و نفسه و شعبه من الخراب الذي يعم أرجاءه.