23 ديسمبر، 2024 3:11 م

إرادة طهران فوق الجميع

إرادة طهران فوق الجميع

قبل اسبوعين تقريبا، خرج قائد بارز في الحرس الثوري الايراني بتصريح يؤکد فيه مامعناه بأن إرادة النظام الايراني کانت فوق کل الارادات الاخرى في سوريا من خلال بقاء نظام الاسد، وقبل يومين، خرج قائد بارز آخر في الحرس الثوري ليؤکد بأن نظام بشار الاسد يقاتل بالنيابة عن النظام الايراني ويزف خبر تشکيل حزب الله الثاني في سوريا في إشارة الى حزب الله اللبناني بمعنى أن هذا الحزب سيکون بقوة حزب الله الاول، ومن خلال خلط و إدافة التصريحين ببعضهما تتوضح الصورة في سوريا و توضع النقاط على الحروف.

النظام الايراني الذي قاد حربا صعبة و معقدة في سوريا ليس ضد إرادة الشعب السوري فقط وانما ضد الارادة الدولية برمتها و سلك مختلف السبل و الطرق و قام من أجل تحقيق هدفه بإبقاء النظام السوري(الذي هو إبقاء لنفسه)، بتجويع و تفقير الشعب الايراني و تأزيم الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية أکثر فأکثر في بلاده، نتسائل في ضوء ذلك، هل أن النظام الايراني الذي ضحى بالغالي و النفيس في حربه الضارية بسوريا من أجل الابقاء على نظام الاسد، لايتمکن في ظل ظروف رخوة و هشة کالتي في العراق حيث تکاد أن تکون کل خيوط اللعبة بيده من خلال نفوذه الاقوى من القوي من إعادة المالکي لولاية ثالثة؟

ستکون هناك الکثير من السيناريوهات و الکثير من الالاعيب السياسية و المناورات المثيرة للسخرية والدهشة معا، لکنها ستنتهي کلها عند مفترق عودة المالکي الى ولايته الثالثة التي لايمکن أن(ينطيها)النظام الايراني لغيره أبدا، وان قواعد اللعبة التي يعتمد عليها لعب النظام الايراني في سوريا و لبنان تتطلب(وليس تعتمد)تواجد المالکي في کرسي رئاسة الوزراء، أما لماذا تتطلب وليس تعتمد فإن السبب يعود أن النظام الايراني لايسمح أبدا أن يعتمد مشروعه الاستراتيجي على شخص وانما يجعل الاشخاص مجرد أحجار او مدرجات للصعود و بلوغ غاياته.

کان صعبا على حاکم العراق و سوريا و لبنان المطلق قاسم سليماني أن يعود من زيارته الى العراق في آذار المنصرم بخفي حنين و ان يصطدم برفض قوي من وجوه يراها رمادية في حضوره و في ظل سلطان و نفوذ نظامه، ولذلك فإن الذي سيجري خلال هذه الايام و الايام القادمة ستؤکد لهؤلاء مثلما ستؤکد للمجتمع الدولي و تحديدا لمجموعة خمسة زائد واحد، ان ارادة النظام الايراني هي الارادة التي تدير و تصنع شکل و مضمون القرار السياسي في العراق، تماما کما کانت بريطانيا أيام إنتدابها على العراق، وان العراق قد صار قطعة شطرنج بيد النظام الايراني يلعب بها و يحرکها بالاتجاه و السياق الذي يريده.

کل تلك التصريحات و الخطب و الکلمات و المواقف المتشددة و النارية ضد عودة المالکي لکرسي رئاسة الوزراء لولاية ثالثة ستضحو مجرد غبار أمام مخططات و ألاعيب و سيناريوهات النظام الايراني، لکن، وکما حملت الولاية الثانية کوابيسا و کوارثا للعراق و شعبه و حتى لسوريا، فإن الولاية الثالثة ستکون الاسوأ من کل النواحي، لأنها ستشهد فترة نفاذ صلاحية المالکي و إنتهاء دوره ومن يدري لعل النظام الايراني سيجعل من حزب الله العراقي الثالث و يمنحه نفس القدرة و الدور و النفوذ الذي يتمتع به حزب الله اللبناني، أما مايخص الاطراف العراقية فإنها ستبقى تنتظر مطرا لن يهطل أبدا!

*[email protected]