إذا اتفقوا سرقونا، وإذا اختلفوا فجَّرونا، مقولة وحقيقة يعرفها ويوقن بها المواطن العراقي، وقد أثبتها الواقع والتجربة التي تمخضت عن تسلُّط الكتل والأحزاب الفاسدة على مقدرات العراق وشعبه، ومنهجٌ تتمسك به تلك الكتل ومن يقف ورائها، وهو اليوم يتجلى في اتفاق تلك الكتل المتصارعة والمتخالفة والمتنافسة على كلمة واحد وهي سحب الثقة عن رئيس الحكومة فضلاً عن عدم التصويت على الكابينة الوزارية التي قدمها للبرلمان المتكون من تلك الكتل، الأمر الذي يكشف بكل وضوح عن إنه لا يوجد أمل في إي إصلاح ممكن أن ينبثق من المنظومة السياسية ومن يقف ورائها، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، والفساد لا ينتج إلا فسادا، والإصلاح والفساد ضدان لا يمكن أن يجتمعان، ولأن الإصلاح يعني وبكل بساطة إزالة الفساد، وحيثما وجد الفساد انعدم الإصلاح، والنتيجة الحتمية هي أنها ستغيب المعايير المهنية في تقديم واختيار المرشحين والتصويت عليهم، حيث أنه ستقدم كل كتلة المرشح الذي يحقق لها مصالحها، وستوافق على مرشحي بقية الكتل شريطة أن تضمن موافقتها على مرشحها، يعني بين قوسين (إذا وافقت على مرشحي سأوافق على مرشحك)، ورحم الله من قرأ سورة الفاتحة على الإصلاح.اتفاق المتخالفين والمتصارعين هو امتداد لسلسلة الإتفاقات التي جرت سابقا والتي لا تخدم سوى مصالح تلك الكتل وأسيادها، وهذا يعني الرجوع إلى المربع الأول، مربع الدستور المُهلك والتوافق السياسي المدمر بين الكتل والدول المحركة لها، وهذا ما كشفت عنه الاجتماعات واللقاءات والمشاورات التي تجري بين الكتل المتصارعة حيث أفضت إلى أن تقدم تلك الكتل مرشحيها إلى رئيس الوزراء (الخائف على منصبه) لتشكيل الحكومة الجديدة وبعدها سيتم التصويت عليها، وهو أمرٌ كشف عنه ونبَّه إليه المرجع العراقي الصرخي الحسني في سياق جواب له على استفتاء رفعه إليه متظاهرو ساحة التحرير تحت عنوان: ” عاجل عاجل: اعتصام وإصلاح….تغرير وتخدير وتبادل أدوار”، حيث كان مما جاء فيه ما نصه:((ـ وأدنى التفاتة من أبسط انسان تجعله يتيقّن أنه لا يوجد أمل في أيِّ اصلاح لان كل المتخالفين المتنافسين المتصارعين قد اتّفقوا على نفس التهديد والتصعيد وهو سحب الثقة من رئيس الحكومة وحكومته!!! وهذا التهديد ونتيجته الهزلية يعني وبكل وضوح الرجوع الى المربّع الأوّل في تشكيل حكومة جديدة حسب الدستور الفاشل وتوافقات الكتل السياسية نفسها والدول المحرّكة لها،))