قيل انه عندما توفي كبير اللصوص في العهد العباسي , ” أدهم بن عسقلة” وجدوا في وصيته لأتباعه اللصوص التي قال فيها : ” لا تسرقوا امرأة ولا فقيراً ولا جارا وإذا سرقتم بيتا فاسرقوا نصفه واتركوا نصفه ليعتاشوا عليه ولا تكونوا انذالا أو ظلمة أو قتلة” , ونحن اليوم نقول لك يا ابن عسقلة ان أتباعك القيميين على بلدنا العراق قد خانوا الوصية وسرقوا الملايين والمليارات من الدولارات , وأكلوا الاخضر واليابس وخرجوا من السجون وهم يعيشون بنعيم مما تبقى لهم من تلك المبالغ الطائلة , ليشتروا بها فللاُ وقصوراً فارهة وشركات واندية رياضية , بأسماء غير أسمائهم وقد سجلوا تلك الممتلكات باسم اهلهم وذويهم خارج العراق , ولطالما مثلت تلك الأموال العراقية المسروقة والمهربة إلى الخارج محور اهتمام العراقيين وحديث الساعة ،نستهل بعض قصص تلك السرقات , فعلى سبيل المثال لا الحصر, أن وزير التجارة العراقي الأسبق عبد الفلاح السوداني قد أفرج عنه بكفالة تبلغ 50 مليون دينار عراقي بعد أن سرق أكثر من ثلاثة مليارات دولار من قوت الشعب العراقي حيث كان عليه بهذه الأموال شراء مواد غذائية لشعبه على شكل دفعات شهرياً لكنه وعلى مدار ثلاث سنوات كان يأخذ أموال تلك المواد الغذائية لحسابه الخاص دون أن يقوم بشرائها , ولكنه هرب الى لندن بعد ان اتصل بالسفارة البريطانية كونه يحمل الجنسية البريطانية وحاول أن يشتري نادياً رياضياً لكنه اكتشف من قبل المحكمة بانه سارق ولص , نموذج سيء آخر هو وزير الكهرباء الاسبق أيهم السامرائي الذي دبر أمره بالهروب من سجن الصالحية وتبين انه يمتلك قصرً في منطقة “اوك برووك ” احدى ضواحي ولاية شيكاغو الامريكية و شقتين خاصة في منطقة “ساوث لووب” وتبين من الوثائق المسربة ان السامرائي اشترى القصر الاول بقيمة 9.1 مليون دولار واشترى قصراً آخر في ” اوك بروك ” وتقدر قيمة المنزلين في مدينة ” لوب” بنحو,840.000 مليون دولار. أما محور ومضمون مقالنا هذا هو ” سرقة القرن ” وأبطالها اللصان “نور زهير وهيثم الجبوري ” فقد سدد المتهم الاول ما يقارب 400 مليار دينار من أصل تريليون و600 مليار دينار”، وعلى أساس أن المبلغ المتبقي يسدد وفق جدول زمني , أما المتهم الثاني هيثم الجبوري فقد سددت زوجته اربع مليارات دينار من اصل سبع عشرة مليار دينار ومن المنتظر تسديد بقية المبلغ خلال الفترة القليلة المقبلة وشر البلية ما يضحك . لقد تزايدت في الفترة الأخيرة الانتقادات الساخرة وعجت مواقع التواصل الاجتماعي بتلك السرقة التي تشبه نهاية الافلام الهندية . “سرقة القرن ” المضحكة المبكية مع تفاقم الإشكالية المالية والازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، حتى أصبحت بشكل عام محط اهتمام ومطلب رئيسي بالنسبة للعراقيين جميعاً ، مع الحجم الكبير لتلك الأموال وإمكانية أن توفر حلولاً جذرية للمأزق المالي الكبير الذي يمر به العراق من ارتفاع للأسعار الغذائية والمنزلية وتجاوز ورقة الـ “100” دولار حاجز ال “165” ألف دينار لغاية كتابة هذا المقال , ويبدوا أن حيتان الفساد أقوى من الدولة وان جميع الحكومات العراقية المتعاقبة لم تستطع ايقاف عمليات السرقة الممنهجة وتهريب الاموال والاضرار بسمعة العراق , وعدم ثقة الناس بجهود السلطة التنفيذية في اتخاذ قرارات حازمة وجريئة وشجاعة بحق هؤلاء السراق , حيث ان الفساد في العراق لا يمكن أن ينتهي دون صولة فرسان على تلك الحيتان الكبيرة من الفاسدين ومن يدعمها ، لان المشكلة تتعلق بالسياسيين الكبار , حيث اصبحت السرقات قضية سياسية بحتة, لان بعض الأحزاب في العراق هي التي أوجدت تلك الحيتان الكبيرة لتستفيد من سرقاتهم بتمويل مشاريعهم الخاصة وهي التي تستمر بحمايتهم, لذلك ” إذا أردت أن تصبح ” ملياديراً ” في العراق فأسرق وسدد نصف المبلغ وتخرج من السجن بكفالة” .