يا شعب العراق إدفع الفاتورة وإلا ستنهار المنظومة , مرة أخرى مع الكهرباء , هي نعمة أنعمها الباري على خلقهِ إلا على شعب العراق وأهله فقد حولها من أتى بعباءة الخدمات الجهادية الى نقمة وبلاء , ومن قراءة أستباقية لعدادات وموازين قطاع الكهرباء فقد تنبأ الاختصاصيون بأنهيار منظومة الكهرباء ما لم تُحال الى القطاع الخاص عن طريق ألاستثمار , فبعد ثلاثة عشرة عام وبعد أن توالى على ذلك القطاع من تسلموا الحقيبة الوزارية والتي تكون مملؤة في بداية التسليم بالوعود بال (سوف) والذمة والفرج قريب , سنتان أو ثلاث وتنعمون بتلك النعمة ومنهم من قرر تصديرها ولكننا نتفاجأ أن الكهرباء قد تنهار طبقا لمحتويات الحقيبة الوزارية , ورغم المبالغ الانفجارية التي صُرفت على تلك النقمة والبلاء ورغم ما توالى علينا من الوزراء نرى أننا في تراجع وتناقص في الكهرباء .
و قد خضعت تلك المنظومة الى مفهوم المكونات حالها حال الشعب العراقي بعد الديمقراطية الجديدة , فالكهرباء لها ثلاث مكونات أساسية هي التوليد , والتوزيع , والتجهيز , وهناك بعض الاقليات كالمولدات والمحولات والاسلاك وغيرها وهي أيضا خضعت لمبدأ المحاصصة السياسية والطائفية وأخذت كل من تلك المكونات بالعمل بمنأى عن المكون الثاني مما أدى الى أزمة كهربائية ونتيجة لذلك ظهرت عدة أتجاهات وتيارات كالتيار المستمر والتيار المتناوب وأخذت تضغط على المنظومة وحسب حجم التيار فالكتلة الاكبر بالضغط العالي والكتلة الاصغر بالضغط الواطئ , وتبعاً لتلك الضغوطات أرتفعت الحماوة لدى عامة الاجهزة الكهربائية وصعدت من مستوى الخطاب الاعلامي الى التهديد والوعيد , ونظراً لقلة الموارد الفولتية وذلك لأنخفاض أسعار النقمة الثانية في الاسواق العالمية (النفط) , فقد نشات تكتلات وتحالفات عديدة , وكلها كانت على أساس أختصاصي وتصنيعي , فتحالفت أجهزة التبريد المختلفة تحت عنوان تحالف السبلت يونت , وظهر تيار معارض من أجهزة التدفئة المختلفة تحت عنوان كيزريون , أما الاجهزة المرئية والصوتية والموبايلات والحاسبات فقد أنطوت تحت كتلة تقنية , وشكلت تراكيب الاضاءة على أختلاف أنواعها وأشكالها حزباً أسموه حزب الانوار , أما باقي المكونات الكهربائية فقد قررت ألا تُشارك في الحكومة وتبقى في المعارضة وتنزل مع المتظاهرين في الاحتجاجات التي تقوم بها التكتلات الصغيرة كالسويج والبلكات والوايرات وعامة المكونات الاخرى .
وكان لهذا تأثيراً كبيراً على الاداء الكهربائي وقد وصل الى مرحلة خطيرة نتيجة الازمة الاقتصادية ولذلك قررت الوزارة المعنية بالضغط بأتجاه دفع فواتير الكهرباء والتي أمتنع الجمهور من تسديدها ولأسباب عديدة أهمها أن الكهرباء غير موجودة في موسم الصيف عند الحاجة القصوى لها , وأن على الحكومة أن تجهز الكهرباء بدون أنقطاع لكي ينتهي التجهيز من قبل المولدات الاهلية وتحويل المدفوعات الى الكهرباء الوطنية كما تسمى , كما أن الجميع يعرف أن الاموال التي صُرفت على ذلك القطاع قد بلغت 38 مليار دولار والكهرباء بقيت بل تراجعت في ساعات التجهيز , ألا أن الحكومة تصر بأن ذلك أستحقاق شرعي يجب دفعة وهو متوافق مع الخطاب التشريعي , ومع أن الجمهور يقبل بتلك الرؤيا ألا أنه يرى أن من الواجب تطبيقه بشكل متساوي وهو متأكد أن كل مكونات الحكومة لاتدفع الفاتورة الضخمة نتيجة لحجم الاستهلاك في القصور والقاعات الرئاسية والمكاتب الخاصة والمزارع ودور الاستراحة والدواوين والى آخر ما نجهله ولا نعرفه , وتعدى الامر بان المواطن يدفع أجور مُبالغ بها لعدد قليل من الامبيرات في حين يتنعم الكبار بمجانية الوقود لمولداتهم وعلى مدار الساعة وبطاقة انتاجية كبيرة , وهنا بدأت لعبة جر الحبل بين الجمهور وبين الحكومة الكهربائية التي حاولت ولعدة مرات أن تستحصل مبالغ الفواتير ألا أنها في كل مرة تُجابه بسيل غاضب فتتراجع , الى أن قررت أنها ستحيل ملف الجباية وتسلمه الى أصحاب الاوراق الخضر ( الدولار ) وهي مجموعات من المتنفذين الذين يمتلكون وسائل عديدة تمكنهم من أجبار المواطن على تسديد المبالغ المترتبة عليه مقابل الابقاء على مجانية التجهيز لكبار القوم وسادتهم وعلّامهم ومن حولهم من المتأرجحين لصالح منافعهم ومصالحهم .
وحقيقة الامر أن هذا الملف خطير جدا ونحن مقبلون على صيفٍ حارٍ وملتهب ومتقشف وقد يكون حاسماً كون الاحتجاجات التي خرجت في بداية الامر كانت تطالب وتركز على خدمة الكهرباء وقد راح بعض الشباب ضحية نتيجة لذلك , ومن هنا نسأل ونقول أذا كانت هناك كتلة برلمانية وطنية تكون عابرة للمحاصصة الكهربائية , أو هل من الممكن أن تتشكل جبهة أنقاذ وطني كهربائي تأخذ على عاتقها تخليص المنظومة مما علق فيها من هدر مالي وفشل كبير في الاداء , أو ربما نحن على أعتاب ثورة على الفساد تشمل أعلى رأس توليدي الى أصغر مولدة أم الامبيرين , والى ذلك الوقت يجب أن نتهيأ حتى لا نتفاجأ بالانهيار المتوقع وأن نكون على أهبة الاستعداد لتقبل الوعود السّوفية والتصديرية والانسجام التام مع الحرّ الشديد , ولايوجد حلّ غير ذلك فحتى لو قمنا بتسديد ما علينا من ديون متراكمة فلن يستطيع من على رأس السلطة الكهربائية أن يُحسَن من الخراب الذي أصاب كل المنظومة بلا أستثناء , ولذلك سوف يتم بيع هذا القطاع الى المستثمرين وعلى أختلاف الوانهم الاخضر والاصفر والاحمر وغيرهم من ذوي الالوان السوداء والبيضاء وبهذا تنأى الحكومة من المسؤولية القانونية والشرعية تُجاه تلك الخدمة , ولاشك أن الجمهور سوف لن يسكت على ذلك وسيطالب بكل دينار صُرف على ذلك الملف وبكل وسيلة يرى فيها الخلاص فالشعب قد دفع فواتير كانت عليه كارثية , وقد يكون على الحكومة أن تراعي تلك المشاعر الغاضبة وأن تراجع ذلك بكل واقعية وموضوعية وأن تخفف الوطء فما أديم أنقطاع الكهرباءِ ألا من ذلك الفشلِ والفسادِ وأن ترى بأن ما ستأخذه بغير وجه حق سوف يُسترد منها أضعاف مضاعفة يوم لاينفع مالٌ ولا بنون ألا من أتى الله بقلبٍ سليم , فأسألوا أنفسكم عن سلامة قلوبكم قبل فوات الاوان .