إدعاء (التغيير) ومن يرددون ادعاءها من غير تقليب الرأي فيه بامعان، من أن القلاقل والأضطرابات عمت وتعم اقليم كردستان العراق، يفتقر إلى الدقة، واشبه ما يكون برمي حصوة في الظلام، إذا اخذنا بالبال، ان القلاقل والاضطرابات التي تمثلت بحرق مقرات للحزب الديمقراطي الكردستاني PDK ورجمها بالحجارة والاحذية ورميها بالرصاص فقتل وجرح العديد من المتواجدين فيها، تنحصر فقط في بعض من اجزاء محافظة السليمانية لا كلها كما أن زمراً من الغوغاء والمراهقين لم تكن أعدادها تتجاوز عشرات من الاشخاص، لايمكن أن تمثل مئات الالوف من اهالي المحافظة نفذت الاعتداءات والتخريب. عليه من الخطأ القول ان شعب السليمانية برمته هب للتظاهر بوجه PDK هناك. فتلك الزمر لا يمكن أن تمثل كل شعب هذه المحافظة مثلما لم يكن بعض من المراتب في الجيش التي كانت تنفذ الأنقلابات العسكرية في بعض من البلدان، تمثل كل الجيش، فتواجد نحو (50) ضابطاً عند مقر الحكومة ومن ثم استيلاءهم على محطة الأذاعة والتلفزيون كما كان يحصل سابقاً، ولاجل انتزاع السلطة بالقوة بمعزل عن الشعب والاكثرية من الجيش كذلك، لا يعني انهم اي الانقلابيين كانوا يمثلون كل الجيش. لهذا فأن رماة مقرات PDK في السليمانية، يقيناً لا يعبرون عن الضمير الحي والحكيم لأهاليها، ان كل الأقليم بخير عدا السليمانية التي آراد لها بعض من المتنفذين فيها تحويلها إلى بؤرة للتوتر والقتل والفوضى.
ان المنفذين للانقلابات العسكرية لا يمثلون كل الجيش إنما جزءاً جد ضئيل منه، كما ان المتظاهرين على شاكلة المتظاهرين المراهقين من مهاجمي مقرات PDK لا يمثلون بدورهم شعب السليمانية الواعي والمثقف.
وأن إدعاء بعض آخر، من أن الوضع في الأقليم يتجه صوب الدكتاتورية، باطل بدوره، حين نرى كيف أن وسائل PDK المرئية والمسموعة والمكتوبة تجري المقابلات مع ممثلي (التغيير) وحلفائها للأدلاء بارائهم عبرها وبشكل شبه يومي، هنا بودنا أن نطرح السؤال: ايهما يشكلان تربة لنشوء الدكتاتورية، بقعة كالسليمانية غارقة في المصادمات الدموية والحرائق والقتل، أم أربيل التي تنعم بالهدوء والاستقرار والأمان؟. الكل يعلم ان السليمانية التي أرغمها متنفذون فيها على ان تتحول إلى ساحة للأضطراب والافتتال، هي التي تشكل أرضية وتربة خصبة لقيام الدكتاتورية وعصابات الجريمة المنظمة، بالمقابل فأن الديمقراطية الحقة لا تقوم إلا في بقعة يسودها الوئام والسلام، وأربيل كما نعلم يضرب بها المثل من حيث الأمن والأستقرار والبناء والأعمار.
ومما يدعونه ايضاً، ان الرئيس مسعود البارزاني لم يعد رئيساً للأقليم، هنا ايضاً فان الاكثرية في الداخل والخارج لايجارونهم الأدعاء، فالبارزاني هو رئيس الاقليم لدى اصحاب القرار في أمريكا واوروبا وغيرهما، وان الذين يعود اليهم الفضل في قيام الكيان الديمقراطي الكردي في كردستان العراق اي امريكا وبريطانيا وفرنسا مع بقاء البارزاني في رئاسة الأقليم وليس العكس. وحتى الاحزاب التي سبق وان اؤتلفت في الجبهة الكردستانية 1987 – 1992 فان جميعها باستثناء حزب واحد هي مع PDK، بل أن بعضاً منها أندمجت فيه مثل الشعب وباسوك وظلت اخرى على أتم وفاق معه مثل الاشتراكي والشيوعي و الحركة الديمقراطية الاشورية والحركة الاسلامية.
ومن ادعاءاتهم شبه الصبيانية، ان حكومة الاقليم فقدت شرعيتها على خلفية منع دخول رئيس برلمان كردستان الى اربيل واعفاء وزراء التغيير من مهامهم، ناسين أو متناسين ان الحكومات لا تفقد شرعيتها بطرد وزراء أو سحب وزراء، فهكذا حوادث تتكرر في المحافل الدولية بين حين وحين من غير ان تفضي الى انتزاع الشرعية من الجكومة.
ويدعون من بين ما يدعون، ان التظاهرات في السليمانية واحتجاجات بعضهم ضد PDK حصلت بدرجة اولى بسبب من عدم صرف الرواتب للموظفين، حسناً إذا كان هذا صحيحاً، فهل كانت تظاهرات شباط 2012 أمام مقر PDK في السليمانية للسبب نفسه، في وقت كانت الرواتب جارية عامذاك، وهل ان الصبية الذين رجموا المقرات واحرقوها كانوا موظفين في الحكومة وقطعت الرواتب عنهم؟
ان ما جرى في السليمانية في تشرين الأول الماضي وافعال مشابهة له قبل ذلك، سياسي بحت استهدف ويستهدف إنهاء تواجد تنظيمات PDK في السليمانية، وعندي ان اعمال انهاء وجود PDK هناك ستستمر. وفي هذا ضررا كبير يلحق عن عمد بالحركة التحررية الكردية سيما اذا علمنا ان PDK من اضخم الاحزاب القومية الكردية واعرقها ناهيكم لقيادتها للحركة القومية الكردية وتحقيق مكاسبة كثيرة لشعب الكردي.
وما يشبه الضحك على الذقون وذر الرماد في العيون تدعي التغيير براءتها من الوقوف وراء تظاهرات السليمانية أو التخطيط لها، ومثل هكذا ادعاء لن ينطلي على احد، فتمة دلائل لا تحصى على تخطيط التغيير لتلك التظاهرات، وهل في العالم تظاهرات لا يقف وراءها حزب أو جهة سياسية؟