17 نوفمبر، 2024 6:49 م
Search
Close this search box.

إدراك الأردنيين للعدالة

إدراك الأردنيين للعدالة

تحولات واسعة في الاقتصاد والمجتمع وفي سلوك الدولة تستدعي التساؤل حول الطريقة التي يدرك من خلالها الأردنيون مفهوم العدالة، فالسؤال اليوم لا يعني أولئك الذين يدفعون ثمن السياسات الحكومية وثمن التحولات التي تضغط بقوة على المالية العامة، وتنال من قدرة القطاع العام على تقديم الخدمات وعلى القدرات التوزيعية لهذا القطاع، ولا تعني فقط أولئك الذين يموتون كل يوم على الطريق الصحراوي، ولا أولئك الذين ينتحرون في أحياء عمان الفقيرة، بل تنال الفئات الصغيرة التي تتحكم بالأسواق وبرأس المال وبالسلطة أيضا. ويعني أكثر من كل أولئك، القاعدة العريضة من الفقراء العابرين، أي الناس الذين قد يتحولون إلى فقراء بسرعة، أي الفئة الدنيا من الطبقة الوسطى الأكثر عرضة للتهشيم والإفقار السريع.
لا يوجد لدينا تصور دقيق حول الآثار الاجتماعية لحزمة القرارات الاقتصادية في الأسعار والضرائب التي لجأت اليها الحكومة مؤخرا. آخر دراسة حول الفقر تعود إلى العام 2008، وأُعلنت نتائجها في 2010، لذا تزداد التوقعات بأن ارقام الفقر والبطالة والإعالة وجودة ما يستهلكه الناس من سلع وما يقدم لهم من خدمات في تراجع، ولا يمكن أن تجرؤ المؤسسات الرسمية التعبير عنه بموضوعية.
في المقابل لا بد من الإشارة إلى أن سواد المجتمع الأردني بات في السنوات الأخيرة يتفهم حجم الأزمة وبعض مصادرها، وأحيانا يتعايش معها، ولو مؤقتا، وهو الأمر الأخطر في المعادلة، لأن التناقض الكبير ما يزال قائما بين قدرة المجتمع على التكيف مع الأزمة وبين إدراكه للتشوهات العريضة في العدالة بمفهومها العام، بدءا من نفاذ القانون على الجميع إلى توزيع الموارد وضمان شروط الحياة الكريمة.
تطورَ إدراك الأردنيين للعدالة على مدى العقود الثلاثة الأخيرة بسرعة، ويمكن رصد ثلاث مراحل؛ الأولى: المعادلة التقليدية في تقاسم الأدوار بين من يمتلك السلطة ويتحكم في توزيع الموارد العامة وبين من يمتلك الأسواق ويتحكم بالثروات، تراجعت هذه المعالة ولكنها لم تنتهِ. والثانية: التقاسم الوظيفي الظالم بين طرفين؛ الأول تحالف سياسي اقتصادي يمتلك السلطة والثروة، والثاني مجتمعات كفاف تقبل سياسات التحيز الإيجابي المحدودة التي نالتها في مجالات محدودة، مثل التعليم الجامعي وبعض الخدمات الرديئة، والتي خلقت حالات من التكيف قصير المدى. وما تزال هذه المرحلة قائمة، ولكن الوعي بما أحدثته من تشوهات ازداد بقوة. الثالثة: اليوم، يدرك الجميع وبدرجات متفاوتة أن هذه التشوهات لا يمكن أن تستمر أكثر من ذلك، ولكن لم يلد النموذج الجديد بعد، والمهم أن ثمة خطوطا مشتركة بين النخبة السياسية وبين المجتمعات المحلية وبين بعض نخب السوق تدرك الحاجة الماسة لترسيم خطوط جديدة لممارسة العدالة أكثر من أي وقت سبق.
على مستوى المجتمعات المحلية التي طالما تضررت أكثر من غيرها من هذه التشوهات، انتقل الناس في المحافظات، على سبيل المثال، من العلاقة الريعية التقليدية إلى سؤال الإنصاف، ومؤخرا باتت التعبيرات الاجتماعية والسياسية المحلية أكثر وعيا بالتحول نحو وعي الحقوق، بمعنى مغادرة فكرة الرعاية والناس القصّر التي أمعنت بعض مؤسسات الدولة في ممارستها، ليس لأهداف اقتصادية اجتماعية تصب في عدالة التنمية، بل لأهداف سياسية بحتة.
إن السنوات القليلة القادمة سوف تضغط بشكل غير مسبوق على الطريقة التي ندير بها تصوراتنا للعدالة مع ازدياد الضغوط الاقتصادية والصدمات التي تواجهنا من الإقليم، ومع استمرار المزيد من الهشاشة الاجتماعية. النقطة المضيئة المهمة هي أن أغلب من هم في الطبقة السياسية وفي المجتمع والأسواق يدركون حجم الأزمة، والجميع يدركون أن مصلحتهم في تجاوزها، والأغلب يعون، بشكل او بآخر، دور التشوهات الاجتماعية والاقتصادية في كل ما يحدث، ولكن لا أحد لديه حل، ما يلح بقوة على حجم حاجتنا إلى ميثاق أو عقد اجتماعي سياسي جديد للعدالة، يدير السياسات الاقتصادية والاجتماعية بوعي العدالة والعدالة فقط.تحولات واسعة في الاقتصاد والمجتمع وفي سلوك الدولة تستدعي التساؤل حول الطريقة التي يدرك من خلالها الأردنيون مفهوم العدالة، فالسؤال اليوم لا يعني أولئك الذين يدفعون ثمن السياسات الحكومية وثمن التحولات التي تضغط بقوة على المالية العامة، وتنال من قدرة القطاع العام على تقديم الخدمات وعلى القدرات التوزيعية لهذا القطاع، ولا تعني فقط أولئك الذين يموتون كل يوم على الطريق الصحراوي، ولا أولئك الذين ينتحرون في أحياء عمان الفقيرة، بل تنال الفئات الصغيرة التي تتحكم بالأسواق وبرأس المال وبالسلطة أيضا. ويعني أكثر من كل أولئك، القاعدة العريضة من الفقراء العابرين، أي الناس الذين قد يتحولون إلى فقراء بسرعة، أي الفئة الدنيا من الطبقة الوسطى الأكثر عرضة للتهشيم والإفقار السريع.
لا يوجد لدينا تصور دقيق حول الآثار الاجتماعية لحزمة القرارات الاقتصادية في الأسعار والضرائب التي لجأت اليها الحكومة مؤخرا. آخر دراسة حول الفقر تعود إلى العام 2008، وأُعلنت نتائجها في 2010، لذا تزداد التوقعات بأن ارقام الفقر والبطالة والإعالة وجودة ما يستهلكه الناس من سلع وما يقدم لهم من خدمات في تراجع، ولا يمكن أن تجرؤ المؤسسات الرسمية التعبير عنه بموضوعية.
في المقابل لا بد من الإشارة إلى أن سواد المجتمع الأردني بات في السنوات الأخيرة يتفهم حجم الأزمة وبعض مصادرها، وأحيانا يتعايش معها، ولو مؤقتا، وهو الأمر الأخطر في المعادلة، لأن التناقض الكبير ما يزال قائما بين قدرة المجتمع على التكيف مع الأزمة وبين إدراكه للتشوهات العريضة في العدالة بمفهومها العام، بدءا من نفاذ القانون على الجميع إلى توزيع الموارد وضمان شروط الحياة الكريمة.
تطورَ إدراك الأردنيين للعدالة على مدى العقود الثلاثة الأخيرة بسرعة، ويمكن رصد ثلاث مراحل؛ الأولى: المعادلة التقليدية في تقاسم الأدوار بين من يمتلك السلطة ويتحكم في توزيع الموارد العامة وبين من يمتلك الأسواق ويتحكم بالثروات، تراجعت هذه المعالة ولكنها لم تنتهِ. والثانية: التقاسم الوظيفي الظالم بين طرفين؛ الأول تحالف سياسي اقتصادي يمتلك السلطة والثروة، والثاني مجتمعات كفاف تقبل سياسات التحيز الإيجابي المحدودة التي نالتها في مجالات محدودة، مثل التعليم الجامعي وبعض الخدمات الرديئة، والتي خلقت حالات من التكيف قصير المدى. وما تزال هذه المرحلة قائمة، ولكن الوعي بما أحدثته من تشوهات ازداد بقوة. الثالثة: اليوم، يدرك الجميع وبدرجات متفاوتة أن هذه التشوهات لا يمكن أن تستمر أكثر من ذلك، ولكن لم يلد النموذج الجديد بعد، والمهم أن ثمة خطوطا مشتركة بين النخبة السياسية وبين المجتمعات المحلية وبين بعض نخب السوق تدرك الحاجة الماسة لترسيم خطوط جديدة لممارسة العدالة أكثر من أي وقت سبق.
على مستوى المجتمعات المحلية التي طالما تضررت أكثر من غيرها من هذه التشوهات، انتقل الناس في المحافظات، على سبيل المثال، من العلاقة الريعية التقليدية إلى سؤال الإنصاف، ومؤخرا باتت التعبيرات الاجتماعية والسياسية المحلية أكثر وعيا بالتحول نحو وعي الحقوق، بمعنى مغادرة فكرة الرعاية والناس القصّر التي أمعنت بعض مؤسسات الدولة في ممارستها، ليس لأهداف اقتصادية اجتماعية تصب في عدالة التنمية، بل لأهداف سياسية بحتة.
إن السنوات القليلة القادمة سوف تضغط بشكل غير مسبوق على الطريقة التي ندير بها تصوراتنا للعدالة مع ازدياد الضغوط الاقتصادية والصدمات التي تواجهنا من الإقليم، ومع استمرار المزيد من الهشاشة الاجتماعية. النقطة المضيئة المهمة هي أن أغلب من هم في الطبقة السياسية وفي المجتمع والأسواق يدركون حجم الأزمة، والجميع يدركون أن مصلحتهم في تجاوزها، والأغلب يعون، بشكل او بآخر، دور التشوهات الاجتماعية والاقتصادية في كل ما يحدث، ولكن لا أحد لديه حل، ما يلح بقوة على حجم حاجتنا إلى ميثاق أو عقد اجتماعي سياسي جديد للعدالة، يدير السياسات الاقتصادية والاجتماعية بوعي العدالة والعدالة فقط.

نقلا عن الغد الاردنية

أحدث المقالات