الفرحة لا توصف، والمشاعر لا يمكن التعبير عنها، فبعد شد وجذب، وإنتظار وترقب، وتوجس وأمل، تم التصويت على قبول ملف العراق، الخاص بإنضمام الاهوار والآثار للائحة التراث العالمي في اليونسكو، بتصويت غالبية الأعضاء.
ضم الأهوار إلى اللائحة كمحمية طبيعية، هو إنتصار لهذه البيئة المظلومة، والتي طالما عمل الظالمون على طمسها، وإخفاءها، فجرائم النظام السابق، مازال جفاف الاهوار شاهدا عليها، ونزوح أهلها في أكبر ظاهرة نزوح جماعي مازالت قائمة.
حلاوة الفرحة، ومشاعر الإنتصار، ستخبوا قريبا، ليبدأ السؤال المهم، هل سنكون كعراقيين، وخصوصا الحكومة، قادرين على الإرتقاء بمستوى الأهوار والآثار، إلى مكانتها اللائقة؟ وهل ستعمل حكومتنا، على تفعيل الإستثمار السياحي وتشجيعه، وبناء مرافق سياحية تعمل على جذب السواح من كل بلدان العالم؟ وهل أعد القائمون على الملف، رؤية مستقبلية لإدارة هذه الموارد؟.
المسؤولية كبيرة، وليست بالمهمة السهلة، في التعاطي مع موضوعة إدراج الأهوار والاثار، على لائحة التراث، فالمرحلة المقبلة -ما بعد الانضمام- هي ليست مرحلة اهازيج وتهاني، ووهج إنتصار، المرحلة القادمة هي مرحلة عمل دؤوب، ومرحلة وضع إسس لمشاريع تنموية في هذا القطاع، والعمل على جذب رؤوس الأموال والمستثمرين، للارتقاء بمستوى الأهوار والاثار، لتكون نقطة جذب سياحي عالمي، كباقي المناطق السياحية في العالم والمنطقة.
الموافقة على ادراج اهوار العراق واثاره، على لائحة التراث العالمي هي ليست نهاية المطاف، بل هي نقطة الشروع للعمل، فاليونسكو حتما لن تترك الملف لحاله، بل ستقوم بارسال لجان ومتابعة ادارة العراق لهذه المواقع، وآلية العمل على حمايتها، وهذا الأمر يجعل المسؤولية كبيرة، والمهمة جسيمة على المعنيين، لغرض وضع مسارات وإسس رصينة، لمشاريع التطوير في هذه المناطق. حماية الأهوار والآثار مسؤولية تضامنية، بين المواطن والحكومة، على إن الدور الأكبر والأهم للحكومة للعمل بهذا الإتجاه.
كما إن هذا الإنظمام سيولد تقطعات كبيرة مهمة، مع بعض الموارد والمشاريع العملاقة الأخرى، وأهمها مشاريع الإستثمارات النفطية، فالأهوار ومناطق الآثار زاخرة بهذه الثروة الكامنة، ولا نكاد نرى موقع آثاري أو موقع للأهوار إلا وقربه حقل نفطي، وهذا التقاطع يجب أن يؤخذ بنظر الإعتبار، والعمل على حلحلة التقاطعات بما يخدم القطاعين، وبنفس الوقت يحقق مصلحة العراق كبلد وكشعب. كذلك سيعرقل هذا الإنضمام مشاريع مهمة، ابرزها على سبيل المثال، مطار ذي قار المدني، وكذلك مشاريع الطرق والكهرباء والإتصالات، وهذه المشاريع في القادم تحتاج موافقات
خاصة لغرض تنفيذها، وهذا الأمر يلقي بالمسؤولية على عاتق المسؤولين، وتقليل البروقراطية والروتين الناجم عن هذا التداخل.
إنضمام الأهوار والآثار مسؤولية، وعمل، وليست فرحة عابرة، وعلى المسؤولين الإنطلاق والشروع بالعمل من هذه اللحظة، لإنجاح ادارة هذا الملف لنحوز ثقة اليونسكو، لكي توافق على ادراج مواقع الأهوار والآثار المتبقية