الطريق لمعرفة العالم بأسره هو معرفة نفسك التي بين جنبيك أولاً ، فالإنسان مفتاح المعرفة ومنبعها ومستخدمها. فإذا لم يعرف الإنسان نفسه ولم يتعرف على إمكاناتها ، بقى أبد الدهر يدور حول بيئة محدودة مما حوله ، لا يتجاوزها الى غيرها مما خلق الله وأنعم ، وبهذا تعطل قدراته من ناحية ، ويجهل حدود إمكاناته من ناحية اخرى.
فإذا أراد الإنسان أن يكون ناجحاً ، عليه أن يتعرف على نفسه بأقصى ما يستطيع وأن يدير ذاته بشكل كفء وفعال ، حتى يستطيع أن يدير الآخرين بكفاءة وفاعلية.
أولاً- مفهوم إدارة الذات: إدارة الذات هي إحدى أشكال الإدارة ، ويمكن تحديد مفهوم إدارة الذات على انه:
* كيف يدير الشخص ذاته ؟
* كيف يتحكم في نفسه ؟
* كيف يتحكم في مشاعره ، حتى تصبح إيجابية ؟
* كيف يعدل اتجاهاته ، حتى تصبح إيجابية ؟
* كيف يعدل سلوكه ، حتى يصبح سلوكه اجتماعياً وإيجابياً؟
* كيف يدير وقته بشكل أفضل ؟
* كيف يشعر بالسعادة في عمله ؟
* كيف يزيد كفاءة وفاعلية ادائه في العمل ؟
يعتقد الموظف العادي أن إدارة الذات هي إدارة الوقت ، التي تسمح له بتقسيم المهام المطلوبة منه على كمية الوقت المتاحة له. أما الموظف النجم فلديه رؤية مختلفة تماماً. فهو ما يزال يجد الوقت الكافي لأداء مزيد من المهام والمبادرات. فنتيجة للتغيرات التي طرأت على التنظيم الإداري الهرمي ، ونتيجة لطفرات التقنية التي سمحت للعاملين بحرية اكثر ، ولتغيرات أساليب الحياة بشكل تطلب مرونة جداول العمل ، ولتغير طبيعة العمل نفسه ، ضعفت خطوط الإدارة والرقابة التقليدية على الجماعة ، مما حتم على كل الموظفين تطوير قدراتهم على إدارة ذواتهم. ولكي تتمكن من إدارة ذاتك جيداً ، عليك أن:
1- أعرف نفسك جيداً.
2- تتعَرف على نوع العمل الذي تتقنه وترغب في تنفيذه.
3- تسيطر على مسار مستقبلك الوظيفي بوضع خطة تربط بها نفسك الى العمل الذي تؤديه مع ربطه بالتالي بربحية الشركة.
4- تخطط للمشروع بالكامل.
5- تجدول وقتك – ضع خطة زمنية لتنفيذ المشروع.
6- تتابع مدى تقدمك في التنفيذ.
7- تختزن وتسترجع المعلومات الهامة للإفادة منها.
8- تستطلع المشكلات قبل حدوثها.
9- تضع خطة بديلة تنفذها عند فشل الخطة المبدئية.
10- تُعلم من يهمهم الأمر- العملاء ، الرؤساء ، الزملاء- بمدى تقدمك في عملك وبما تحققه من نتائج.
إن ما يميز النجوم عن غيرهم هو سلبية الغير في إدارة تدفق عملهم أو في رسم مسار مستقبلهم الوظيفي. فأي مشروع يطلب منهم يتقبلونه برضى ، دون أن يدرسوا انعكاساته على ربحية الشركة أو على مستقبلهم الوظيفي ، ولا يخطر ببالهم التفكير فيما يخططون عمله بعد خمس سنوات.
تقوم استراتيجية النجوم لإدارة الذات على تقويم العمل المعروض عليهم ، والشخص الذي سيعملون تحت إمرته. وهم يفكرون في مهمتهم التاليةقبل انتهاء مهمتهم الحالية بوقت طويل. وينظرون للأعمال الصغيرة التي يقومون بتنفيذها كلبنات في بناء أكبر.
ولا تتحقق إدارة الذات عن طريق برنامج تدريبي وهمي ، بل تنتج عن معرفتك لنفسك ، وتحديد ما يصلح لك. وعند اكتمال تنفيذك لهذه المفاهيم ، تخف قبضة الإدارة في متابعتك ، وتمتلك القدرة على السيطرة على مقاليد حياتك العملية.
ثانياً- أهمية إدارة الذات:
أن إدارة الذات وسيلة الانسان لإدارة يومه ، وقيادة حياته نحو النجاح. وان الادارة الفعالة للذات تؤدي الى توفير الوقت واستثماره والاستفادة من الفرص من خلاله ، لهذا السبب بالتحديد فإن الفعالية الشخصية لا تعني إنجاز اكبر قدر من العمل كل يوم ، وإنما إنجاز أهم الاعمال في أقل وقت وبشكل صحيح وبجودة عالية.
أن حُسن إدارة الذات يجعل الشخص ذو شخصية قوية وإيجابية وفاعلة بما يسهل وييسر عملية إدارة الآخرين وقيادتهم بشكل سليم ومناسب. وعلى العكس فإن فاقد الشئ لا يعطيه ، بمعنى أن الذي لا يستطيع إدارة ذاته لا يستطيع أن يدير الآخرين. أن حُسن إدارة الذات والاعتماد عليها هو أساس تحقيق النصر الشخصي وهو الطريق الى تحقيق النصر الجماعي.
اوضح ستيفن كوفي احد ابرز علماء الادارة المعاصرين في كتابه ” قواعد إدارة الذات لأكثر الناس فاعلية“ كيف تتكون العادات لدى الانسان ، والشكل التالي يوضح ان العادات لدى الانسان
تتكون بداية من وجود الرغبة لدى الانسان بتعلم هذه العادة ، ثم يبدأ بتكوين المعرفة عنها ، ثم يحول هذه المعرفة الى سلوك من خلال اكتساب المهارة على ممارسة هذه العادات.
ثالثاً- مبادئ إدارة الذات:
1- لا تستنفذ طاقتك في إصلاح القديم فحسب ولكن ركز على ابداع الجديد.
2- التعلم والاستفادة من تجارب الفشل والنجاح على حد سواء.
3- المرونة وليس الجمود تكسبك الفاعلية.
4- نقص الألفة والتعاون تقود الى المقاومة.
5- النوايا تختلف عن السلوك.
6- الأفراد في حاجة الى نتيجة التغيير .
7- ماهو ممكن لشخص ما ، فهو غير ممكن للآخرين.
8- أنا مسؤول عن قراراتي ونتائجها.
رابعاً- قواعد إدارة الذات:
هناك محاور عديدة لأدارة الذات بالشكل المتميز نذكر منها المحاور التالية:
1. قبول الذات.
2. معرفة / ادراك الذات.
3. الثقة بالذات.
4. حفز الذات.
5. تنمية الذات.
6. ادارة الذات.
والاتي شرح لكل من هذه المحاور:
اولاً- قبول الذات:
يشعر كل شخص طبيعي بدرجة اكبر او اقل بتقديره لذاته وشعوره بالقيمة الذاتية وقبوله لها. وعادة ما يشعر بالارتياح لوجوده مع غيره ، كما يسلك بتلقائية ودون تصنع في المواقف الاجتماعية مع شعوره بأنه غير مجبر على اخضاع رأيه لرأي الاخرين. وعادةً يكون الشعور بالاغتراب عن الذات وعدم قبول الفرد لذاته وشعوره بعدم قبول الاخرين له وعدم قبوله هو لهم مؤشرات لا يمكن تجاهلها كأعراض للاضطراب.
ثانياً- معرفة / إدراك الذات:
الإدراك بصفة عامة هو عملية استقبال المثيرات الخارجية وتفسيرها بواسطةالعقل تمهيداً لترجمتها الى معاني ومفاهيم تساعد في اختيار رد الفعل او السلوك المناسب.
وادراك الذات Self Awareness or Perception او المعرفة بالذات يقصد بها الوعي الى حد ما للفرد من مشاعر وحاجات ودوافع.
ويعرف انج تن زيت ادراك الذات بأنه ان ترى نفسك كما يراك الاخرون. ويفضل دانيال جولمان Danial Goleman مصطلح الوعي بالذات ، بمعنى الانتباه الى الحالات الداخلية التي يعيشها الانسان ، وبهذا الوعي التأملي للنفس ، يقوم العقل بملاحظة ودراسة الخبرة بما فيها من انفعالات.
ورغم انه قل أن يوجد من يفهم تماماً نفسه ويعرف دوافع ما يقوم به من سلوك او حقيقة ما يشعر به من مشاعر ، الا ان الشخص الطبيعي عادةً ما يكون واعياً بدوافعه وانفعالاته من اي شخص مضطرب.
والاتي مجموعة من الاسئلة التي يمكن ان تساعد الشخص على معرفة ذاته:
1. مالذي يملكه من حواس ؟ ودرجة كفاءتها.
2. مالذي يملكه من مشاعر ؟ سواء كانت ايجابية او سلبية.
3. ماالذي يملكه من خبرات ؟ سواء في العمل او في الحياة .
4. ماالذي يملكه من مهارات ؟ سواء مهارات فكرية او فنية او انسانية او قيادية او ادارية … ودرجة إجادتها لها.
5. مالذي يمكله من اهداف ؟ ومدى توافر مقومات / صفات الاهداف الجيدة بها (SMART).
6. ماالذي يملكه من دوافع ؟ سواء كانت دوافع غريزية ، كالرغبة في المأكل والمشرب والتكاثر او دوافع نفسية او اجتماعية.
ويحدد هندري ويزنجر Hendrei Weisinger في كتابه “الذكاء العاطفي في العمل” بعض ادوات للارتقاء بمستوى معرفة او ادراك الذات كالاتي:
1) اختبار موضوعية تقييم الانسان لنفسه وللاخرين وللظروف التي تواجهه.
2) معرفة الانسان لحواسه لأنها المسؤولة عن امداده بالمعلومات عن العالم المحيط به.
3) معرفة الانسان بحقيقة مشاعره وعدم تجاهلها او انكارها او اخفائها.
4) معرفة الانسان بحقيقة نواياه والانماط السلوكية التي تسيطر على ردود افعاله تحت مختلف الظروف والمواقف.
أهمية ادراك الذات:
حددت كاتي هيسك Kate Hesk اهمية ادراك الذات في ان هذه العملية او الخطوة تساهم في تحقيق ادراك الاخرين وادارة الذات بشكل افضل ، وهذا بدوره يساهم في تحسين مهارات القيادة لدى الانسان ،
ان الشخص الذي يراجع نفسه ويبذل الجهد لتطويرها هو شخص شجاع مع نفسه ، ولديه الرغبة والارادة لتطوير نفسه وتنمية قدراته ومعارفه …
هذا ولقد جعل الله فينا ميزة الادراك الذاتي لما يختلج في صدورنا وعقولنا ، وخصنا عز وجل بذلك من بين المخلوقات الاخرى ، حيث قال الله تعالى: { بل الانسان على نفسه بصيرة ولو القى معاذيره }.
وادراكك لذاتك يوصلك الى معرفة هل نظرتك لذاتك سلبية ام ايجابية ؟ فإذا كانت نظرتك سلبية عن ذاتك فإنك ترى نفسك سئ وفاشل ولا تستطيع عمل شئ نافع .. اما إذا كانت نظراتك ايجابية عن ذاتك فإنك ترى نفسك ممتاز وناجح وقادر على عمل اشياء كثيرة نافعة .. فأي نظرة تود ان تحملها عن ذاتك !!.
ثالثاً- الثقة بالذات EfficacySelf
الثقة Trust في النفس تعني الاحساس والشعور بالقوة والقدرة والجرأة في انجاز الاعمال المطلوبة بالمستوى المطلوب ، وهي من مقومات النجاح في الحياة ، والحافز الذي يدفع الانسان لتحقيق النتائج المنشودة.
وعندما تَقل الثقة في النفس لدى الانسان نجده متردداً وغير شجاع ويعاني الخوف ، وعندما تزداد يتحول الى شخص متكبر ومغرور ومن النوع الذي يحب السيطرة على الاخرين وعندما لا يثق الانسان في نفسه ، فغالباً لا يثق في الاخرين .. ففاقد الشئ لا يعطيه.
ويشير كل من روبت روزين Robert Rosen وبول برون Poul Brown في كتابهما عن ” قيادة الناس ” الى ان الثقة بالنفس والثقة في الاخرين احد المبادئ الثمانية الهامة للقيادة الناجحة.
رابعاً- تنمية الذات:
تنمية الذات Self Development عملية يقصد بها تحسين الذات وتطويرها وتفعيلها لتحقيق الاهداف المطلوبة.
ومن وسائل تنمية الذات نذكر:
1. القراءة.
2. الملاحظة.
3. الاستفادة من خبرات الاخرين.
4. التفكير الايجابي.
5. ممارسة الرياضة.
6. معرفة جوانب الضعف في الذات والعمل على التغلب عليها.
7. معرفة جوانب القوة في الذات والعمل على تدعيمها.
8. مكافأة الذات عند الاداء الجيد.
9. عتاب النفس على الاداء السيء.
10. المرونة والقدرة على التكيف.
خامساً- حفز الذات Motivating Oneself:
لا يمكن تحقيق اي هدف عظيم من دون حماسة متقدة ، فالتحفيز الذاتي Self Motivation هو أحب متطلبات الذكاء العاطفي او الوجداني ، كما انه احد نتائجه ، ان التحفيز الذاتي هو الذي
يجعل العاملين منتجين ومبتكرين دون الحاجة الى إشراف إداري مباشر دائم. ورغم أن الذات هي المصدر الأساسي للتحفيز ، إلا أن هناك عوامل اخرى تلعب دوراً مساعداً في التحفيز الذاتي مثل: البيئة المحيطة والاصدقاء والعائلة وزملاء العمل والمديرين والملهم العاطفي ، والاخير قد يكون شخصية حقيقية او شخصية خيالية.
وتنطلق طاقة التحفيز حينما تتفاعل مصادر التحفيز مع منظومة عواطف الانسان لتنمو بعض المشاعر المعروفة مثل مشاعر الثقة والتفاؤل والامل والحماس والإقدام والإصرار.
يبدأ التحفيز الذاتي حينما يتحول الانسان الى مفكر إيجابي يستخدم حواراً داخلياً مشجعاً وصوراً ذهنية محفزة. كما يقوم على نقد ذاته إيجابياً بناء. وينبعث التحفيز الذاتي تلقائياً متى أشبع العمل الرغبات الانسانية الثمان للفرد ، ويشتق من هذه الرغبات ما يمكن أن نسميه القوى الحافزة ، وهي ظروف العمل التي يمكنها حفز الفرد. ويمكن تحديد هذه الرغبات كالتالي:
1- رغبة النشاط.
2- رغبة الملكية.
3- رغبة السلطة.
4- رغبة الانتماء.
5- رغبة الإحساس بالتمكن.
6- رغبة الإنجاز.
7- رغبة الاحترام.
8- رغبة المعنى.
وبإختصار فن الانسان عليه حفز ذاته لمزيد من النشاط والعمل والتوافق النفسي والاجتماعي والاداري ، وان لا يضخمها أو يحقرها أو يغلق عليها.
سادساً- ادارة الوقت:
يقول بيتر دركر ” ان الشخص الذي لا يستطيع ادارة وقته … لا يستـطيع ادارة اي شئ “. كما يقول صمويل جونسون ” ان فن الحياة الاكبر هو الانتفاع بالوقت احسن انتفاع “.
وينصحنا بورتر سوماس بأن ” الوقت هو الحياة ، والحياة هي الوقت . فإذا اضعت وقتك فإنك تضيع حياتك ، وإذا سيطرة على وقتك فإنك تسيطر على حياتك “.
وتقديراً لقيمة الوقت تقول الامثال الشعبية: الوقت من ذهب ، الوقت مال ، الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك.
* والسؤال المهم هنا هو كيف تدير ذاتك بما يساعدك في تحقيق النجاح في الحياة والعمل؟
للإجابة عن هذا التساؤل لابد من أن نعرف أولاً ما هو النجاح …
ان النجاح شئ مهم وضروري في حياة كل انسان ، من منا لا يتمنى تحقيق النجاح ؟ النجاح يحقق الشعور بالرضا والسعادة ، ويدفعك الى مزيد من العمل والجهد. ان تحقيق النجاح قد يكون سهلاً اما الحفاظ عليه فهو امر صعب.
أذن ما هي مفاتيح النجاح ؟
1- الحافز القوي والدائم والدوافع هي محرك السلوك الانساني.
2- الطاقة اللازمة لحياتك المهنية وحياتك الشخصية هي وقود الحياة.
3- المعرفة قوة وسلاح تنافسي خطير.
4- الرؤية الواضحة هي الطريق الى النجاح.
5- الالتزام.
6- المرونة.
7- الصبر.
8- الانضباط اساس التحكم في النفس.
وهنا لابد من التسلح بالقواعد الاتية لتحقيق النجاح في الحياة العملية من خلال:
* ان تكون لديك إرادة قوية.
* ان تحدد اهدافك بوضوح.
* ان يكون شعارك في الحياة التخطيط والتنظيم لكل شئ.
* ان تبذل الجهد والوقت قدر استطاعتك لتحقيق اهدافك.
* الاخلاص في كل شئ.
* التعاون مع الزملاء.
* ابحث عن التعلم والتعليم.
* لا تخف من المسؤوليات الكبيرة.