لا يعني المواطن العراقي كثيراً أسم رئيس مجلس الوزراء القادم، بقدر أمنية الحصول على حقوقه أصبحت كالأحلام، لا تحققها الأسماء الرنانة والخطابات الطنانة، وهي لا تملك رؤية إستراتيجية ومشروع ومشروعية ومقومات مغيبة بفعل الصراع السياسي، الذي أنهى مؤثرات فاعلة في انتاج حكومة عراقية بمعنى كلمتها.
تحتم حساسية المرحلة وضع مواصفات خاصة للحكومة القادمة، ولكن بعض المؤثرات السلبية لا تطابق متطلبات المرحلة، وخمسة عوامل رئيسية هي ركائز تشكيل الحكومة القادمة: القوى السياسية المؤثرات الخارجية، نتائج الإنتخابات، المرجعية الدينية، الشعب.
المرجعية قالت قولتها بأن يكون رئيس مجلس الوزراء حازم وقوي وشجاع، وقادر على محاربة الفساد المحمي حزبياً حتى يستطيع تشكيل حكومة خدمة، للشعب متطلبات تتلخص بحقوق خدمية وسياسية.
القوى السياسية فهي منقسمة على شكل الحكومة شراكة أم أغلبية، وربما سيذهب الأغلب الى الأولى بذريعة المشاركة في صنع القرار أو الإستحقاق الإنتخابي، دون التفكير بالذهاب للمعارضة، وبذلك تعقد القوى إتفاقات شكلية سرعان ما تنهار عند الدخول بالتفاصيل والعمل الفعلي بعد تشكيل الحكومة، ويكتفي كل طرف بما يحصل عليه من مغنم حكومي.
الأغلبية السياسية أو الوطنية، فتحتاج إجتماع برنامج، وإختبار لمصادقية القوى السياسية وهذا غائب في ظل التسابق على تشكيل كتلة أكبر تظفر برئاسة الوزراء والمناصب المهمة، رغم حاجة المعارضة القوية لتبني مطالب المتظاهرين ورقابة عمل الحكومة بصرامة، وهذا ما تتحكم به نتائج الإنتخابات، أن أحسن إستخدامها في تنمية الديموقراطية، وتلبية مطالب الشعب.
إن الضاغط الدولي سيسعى لإنتاج حكومة ذات تبعية، ولا يعول على شخصيات بذاتها كما تصور المنافسة السياسية بعض الأشخاص، ولا يجازف محور دولي بدعم شخصيات محترقة محلياً وسياسياً، ومن السهولة في ظل الصراعات التي تخرج كثيراً عن دائرة الوطنية، أن يجد المؤثر الخارجي بديل وبموصفات أكثر تنازلاً ربما، وحساسية المرحلة تتعلق بالفساد وسوء الإدارة الذي نخر جسد الدولة وأثر بشكل مباشر على مواطن يحاول إستعادة دوره في صنع القرار.
الشعب هو أضعف الحلقات في تشكيل الحكومة القادمة، وستحاول قوى سياسية إقناعه، أن الحكومة بالشكل الذي رسمته هو الأسلم.
قائمتي سائرون ودولة القانون في مرحلة أختبار مصداقيتهما، فإن شكلت الأولى الحكومة فعلى الثانية أن تكون بالمعارضة وبالعكس، لتكون المعارضة فاعلة والحكومة تحت المراقبة الصارمة، وأن إلتحقت أحدهما بالآخرى لتشكيل حكومة مشاركة ومحاصصة تحت أي مسمى أو أية ذريعة، فلا مصداقية لشعار ولا رغبة لتحقيق مطالب شعب، ومن يدعي أنه مختلف مع آخر في الثوابت لا يمكن أن تجتمع معه بحكومة معرضة للفشل، ومهددة بتطوير أساليب الشعب السلمية الإحتجاجية، وبقية القوى السياسية أمامها طريقين أما حكومة شراكة وتعني عودة المحاصصة سيئة الصيت، وأما الأغلبية وتعني إجتماع المشاريع الوطنية، لا إجتماع حول السلطة للحصول على مغانمها، وهو إختبار لبقية القوى، في تحديد تحالفاها ضمن المصلحة الوطنية.