23 ديسمبر، 2024 3:58 م

إحياء عاشوراء إحياء للانسانية بكل معانيها

إحياء عاشوراء إحياء للانسانية بكل معانيها

“إنّ كلّ ما لدينا هو من عاشوراء” جملة قالها الامام الخميني /قدس سره/ قبل أكثر من ثلاثة عقود، سمعها وقرأها الغالبية المطلقة منا والرأي العام الاسلامي والعالمي في الصحف والمجلات وعبر الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي ومن على المنابر مراراً وتكراراً، لكن الكثير منا لم ولن يتوقف أمامها ويتأنى لمفهومها ومغزاها وما تحتويه هذه الجملة القصيرة من معانٍ كبيرة وشاملة وبالغة وذات مفاهيم تكتب من خلالها عشرات المجلدات كونها حاضرة منذ 1375 عاماً ليس بين أتباع أهل بيت النبوة والامامة عليهم السلام فقط بل بين جميع أتباع المذاهب والاديان السماوية وحركات التحرر والحرية وحتى المكاتب الدنيوية أي بمعنى انها حاضرة لدى كل البشرية والانسانية جمعاء .

 المعنى المراد لكلمة عاشوراء كان يُطلق ـ وحسب ابن منظور في لسان العرب ـ بالخصوص على اليوم العاشر من شهر محرّم الحرام لخصوصية ما حصل فيه من قتل سيّد الشهداء عليه السلام وابنائه وأهل بيته واصحابه المنتجبين الميامين وأصبحت فيما بعد تسمية تُطلق على أيّامنا الحاضرة على العشر الأوائل من شهر محرّم الحرام حيث تُقام فيها مآتم ومجالس العزاء الحسينيّ لسيّد الشهداء الإمام الحسين بن على بن أبي طالب عليهما السلام وهو حفيد رسول الله وخاتم النبيين محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم والذي قال عنه الكثير ومنها ” حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الْأَسْبَاطِ” – رواه الترمذي (3775) وابن ماجه (144) وأحمد (17111) وأبن أبي شيبة إستاذ البخاري في كتابه “المصنف” نقلاً عن عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، عَنْ يَعْلَي الْعَامِرِيِّ.

إن شهري محرم وصفر هما سبب الحفاظ على الاسلام ومجالس العزاء فيهما انما هي مدرسة لتبليغ الفكر الاسلامي الذي قدم فيه قائد أباة الضيم الامام الحسين (ع) أغلى ما لديه : دماؤه الزكية وروحه الطاهرة وأبناؤه الابرار وأصحابه الاوفياء”.. ان مفهوم شعار “كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء”، هو كبير للغاية، فما الذي صنعته كربلاء؟ وما هو الدور الذي أدته كربلاء في واقعة عاشوراء ؟ يجب أن تصبح كل أرض كربلاء التي شهدت واقعة وقف فيها سيد الشهداء مع ثلة من اصحابه وأهل بيته، أمام ظلم يزيد، وصمدوا بوجه حكمه الظالم وامبراطورية ذلك الزمن، وضحوا بأنفسهم لينالوا درجة الشهادة، وانهم رفضوا الظلم و الحقوا الهزيمة بيزيد. يجب أن يصبح كل مكان بهذا الشكل ويصبح كل يوم بهذا النوع، وعلينا أن نقف أمام الظلم كما وقف هؤلاء في عاشوراء وهنا الآن كربلاء التي يجب أن نؤدي دورها”.. ان “البعد السياسي لهذه المجالس أسمى من كل الابعاد الاخرى ، و ليس من قبيل الصدفة أن يقول بعض ائمتنا عليهم السلام : “ارثوني في منابركم” أو “من بكى أو أبكى فله كذا من الثواب والأجر”. فالقضية ليست مسألة بكاء أو تباكي، بل ان القضية هي سياسية كما كان ائمتنا عليهم السلام ينظرون اليها وأرادوا بذلك تحصين الشعوب من الآفات والانحرافات” – الامام الخميني /قدس سره/.

ما يدور اليوم في العالم الاسلامي من مصائب وحروب ودمار وويلات وقتل وسبي ونهب وانتهاك للمقدسات على يد حكام جبابرة طغاة يعيد صورة عاشوراء عام 61 للهجرة وأسباب نهوض الامام الحسين بن علي عليهما السلام بفئة قليلة ضد الظلم والطغيان والكفر والعودة الى الجاهلية التي نراها اليوم في السعودية وأخواتها من إصرار الى نبذ كل ما جاء به الصادق الأمين (ص) والالتفاف حول العصبية القبلية والظلام والجهل والخنوع والركون والركوع لإرادة القوي كما كان على عهد الجاهلية الأولى قبل البعثة النبوية الشريفة التي جاءت رحمة للعالمين، ليعيد التاريخ نفسه وتزعهق دماء الأبرياء حفاظاً على كراسي وسيادة الأقوياء وينعق وعاظ السلاطين والجهلة مع كل ناعق بفتاوى لا تنم للاسلام بصلة لا من قريب ولا من بعيد والدين لعق على ألسنتهم يحوطنه أينما تدر معايشهم، يغسلون بكذبهم عقول أبناء الأمة الخامدة في ظلام الجهل الدامس الذي أرادوه ردعاً للمطالبة بالاسلام المحمدي الأصيل والحرية والتغيير والاصلاح الذي جاء به خاتم الأديان السماوية .

لابد من الالتفات الى هذه الحقيقة أنه لو لم تكن نهضة عاشوراء لما استطعنا اليوم أن نحقق النصر على الأعداء رغم قلة عددنا وعدتنا في العديد من سوح القتال من جنوب لبنان وحتى بين النهرين ومن سوريا وحتى اليمن، على أمل توحيد الصف والكلمة ليحقق أخوتنا في السعودية والبحرين ايضاً مبتغاهم فهم صامدون رغم عنف وشقاوة حكامهم وكثرة أعداد شهدائهم وقادتهم وشبابهم وحرائرهم المعتقلات في سجون آل سعود وآل خليفة عملاء أميركا والصهيونية العالمية.. أليس الصبح بقريب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

فلا عجب أن تقتحم عاشوراء كلّ هذا الطود المتراكم من السنين، وتعْبُر حدودها الضيّقة إلى رحاب عالمية فسحة ، تحمل مفاهيم فكرية معقَّدة ومتغيِّرة ومختلفة؛ فهذا مرجعه إلى مجموعة السمات والخصائص التي امتازت بها عاشوراء والتي جعلت منها يوماً نادراً في تاريخ البشرية .

لقد علمتنا عاشوراء أن الدم اذا سقط بيد الله فانه ينمو ويتكاثر، وأن الموقف سلاح والمصافحة اعتراف ، وأن الوصية الأساس هي حفظ المقاومة الاسلامية .. كما أ، عاشوراء علمتنا كيف نقدم أنفسنا وأبنائنا قرابين على مذابح الحرية، وكيف نصرخ عالياً بكلمة لا وننهج كفى.. لا لكل غاز ومحتل لا للتسليم ذلا وهوانا، وكفى ظلما وجورا.. وعلمتنا عاشوراء أن الشهادة هي الحياة ، وأن الحياة مع الظالمين ذل وهوان، وأمثال أنصار الحسين من حزب الله النجباء هم والظلم نقيضان لا يلتقيان

“عرّفوا أميركا للناس، على أي منبر صعدتم وأي حديث تحدثتم، بيّنوا للناس يزيد هذا العصر وشمر هذا العصر ومستعمري هذا العصر.. فحتماً هذا الدرب سيوصلنا للنصر عما قريب” – القائد الخامنئي .

[email protected]