18 ديسمبر، 2024 6:46 م

إحذروا من المجنون ترامب!

إحذروا من المجنون ترامب!

الملك عقيم، كلمة خرجت من فم الملك هارون السفيه، فتداولتها الألسن جيل بعد جيل، وهي حقيقة تعبّر عن النفس الإنسانية السلطوية.
العالم النفسي الفرنسي الشهير( فيليب)يؤكد هذه الحقيقة بمقولته: إذا أُعطيت للنفس البشرية سلطة مطلقة فأنها تظهر أسوأ ما لديها.
هذه المقولة ليست صحيحة بالمطلق، وإنما في الأعم الأغلب، ومن هنا تكون النظرية الشيعية في الحكم، هي الأصح من باقي النظريات، فالشيعة( الفقهاء) ترى ان الحكومة أو السلطة المطلقة يجب ان تكون للمعصوم المنصوص عليه فقط في حال وجوده، وقد اختلفوا حال غيابه، والمسألة فيها تفاصيل.
غالباً ما تظهر النفس السلطوية، أسوأ ما لديها في الأنظمة الدكتاتورية، والوراثية، وسرعان ما تكشف عن كوامن نفسها فتطلق عبارات:(انا ربكم الأعلى- انا القائد الضرورة- اذا قال صدام قال العراق- الملك عقيم)وهلم جرا، بل حتى السلطة في الأنظمة الديمقراطية المقيدة بالبرلمانات، تجد هناك بعض الحكام تمردوا على السياقات القانونية، والأعراف الدولية فخالفوها، كالرئيس بوش الأبن مثلا، أو ترامب في أعتدائه على سوريا، ولنا نموذج بالعراق رئيس الوزراء السابق، فقد تمرد كثيرا على القوانين، وهذا الشيء يعود الى طبيعة التفاوت في الصفات النفسية بين شخص وآخر.
بشار الأسد، رجل دموي، ارهابي، اجرامي، دكتاتوري، يتصف بحب الملك والسلطة، والأنا والغرور والتكبر، ولو كان لديه بذرة من صفات الخير، لتنحى عن السلطة من بادئ الأمر، وتركها للشعب هو من يختار، ولما تسبب في تشريد 5 ملايين سوري، وقتل مئات الألوف، ويتّم الملايين من الاطفال، فليس بغريب عنه ان يستخدم الأسلحة الكيمياوية لقتل الناس، وقد استخدمها عام 2013، إلا ان إدارة الرئيس أوباما كانت ضعيفة، أو غير جادة في حسم القضايا المتعلقة بالمنطقة، أو كانت تمارس سياسة الفوضى الخلاقة.
ترامب الرئيس الأمريكي، أتسمت شخصيته منذ الصغر بصفات غير ايجابية، كان شرساً، جموحاً، مشاكساً، صعب المراس والقيادة، حتى ان والده أرسله في شبابه الى احدى الكليات الحربية، لترويضه وتعليمه على الإنضباط، ولم ينفع معه وبقى على تلك الشخصية لهذه اللحظة، حتى انه اعترف بذلك، وقال: انا جموح ومايك بنس -نائبه الحالي- هو من يكبح جماحي!!
رجل شديد، قوي، مغرور، متكبر، صلب، ماكر مراوغ، يعشق التحديات والمواجهات والمغامرات، هذا ما عرف عنه من صفات، وبالتأكيد هكذا صفات ستظهر عليه في إدارته للدولة، وفي سياسته، فقانون الهجرة الذي أراده، وقفت ضده المحكمة الاتحادية العليا، وأبطلته، وعاده مرة ثانية عليها ولم توافق عليه، ويحاول مرة ثالثة إعادته. كذلك قانون( اوباما كير)، الذي لم يصوت عليه الكونغرس الامريكي، ويريد اعادته مرة ثانية بأمل التصويت، وقانون الطاقة الذي يحضره للتصويت عليه في الكونغرس، ومن المرجح ان هذا القانون أيضاً لا يمرر من قبل الكونغرس، رغم ان هذه القوانين الثلاثة ترتقي بالاقتصاد الأمريكي الى الإمام، ولا اعرف لماذا يعارضونه، هل يريدون أن يغتالونه سياسياً، لإنه غير مرغوب به من قبل الجمهوريين والديمقراطيين، وكما ترون انه رجل عنود يصر على قراراته ومشاريعه، ولا ننسى انه تحدى الجمهوريين والديمقراطيين في الانتخابات وأطاح بهم.
الحديث عن اخلاقيات ترامب، وصفاته النفسية، الغرض منه معرفة ما يصدر عنه من افعال، أو التوقع بها، فدراسة الشخصية جانب مهم، وخاصة ان الرجل يمسك بزمام أعظم وأقوى سلطة في العالم.
ترامب أشد من بوش الأبن، وقد ظهر ذلك عليه في سرعة اتخاذه للقرار وتنفيذه، عندما وجه ضربة عسكرية مباغتة للنظام السوري، ولم يكترث بروسيا، ولا بمجلس الأمن، ولا بمخالفته للقوانين الدولية، وبذلك هو يبعث برسائل لدول العالم، ويقول لهم أنا لست كأوباما فأحذروني!
رسالته الى روسيا، لا تتفردي بسوريا فأمريكا هي صاحبة كلمة الحسم في سوريا، وفعلاً التاريخ المعاصر أثبت ان روسيا تتراجع الى الوراء وتقف متفرجة، خاصة عندما تقوم أمريكا بتشكيل تحالف مع دول أوربا، فروسيا لا تستطيع مواجهة تحالف كبير بقيادة أمريكا، وهذا ما ستفعله أمريكا بقيادة ترامب، للقضاء على الإرهاب في سوريا، والاطاحة ببشار الأسد.
كما بعث ترامب بهذه الضربة، رسالة الى ايران وكل الفصائل الموالية لها، كأن يقول لهم: لا تتدخلوا في دول المنطقة، والشؤون الداخلية لها، وإلا صواريخنا ستنال منكم.
بشار الأسد، خلاص حسم أمره بالنسبة للإدارة الأمريكية، وانه زائل لا محالة، وهذا ما أكده الرئيس الفرنسي يوم أمس، إذا المرحلة المقبلة حرجة جداً ويجب على الحكومة العراقية التعامل معها بكل حذر ويقظة، وعلى الفصائل العراقية الموالية لإيران، ترك الاستماع للسيمفونية الإيرانية( امريكا الشيطان الأكبر)، فالسياسة كما يقولون واقعيات وليس فرضيات أو ظنيات أو تمنيات، والعراقيون يقولون بالمثل الشعبي( الأيد الما تگدر تلويها بوسها)، أي بمعنى استخدم السياسة معها، وعلى الكل ان يعرف حجمه وقدره، والاّ ماذا جنينا من العداء لإمريكا غير الويلات والمصائب؟!
إذن: على الحكومة العراقية، وجميع الساسة، وقادة الفصائل المسلحة، ان يحسنوا التعامل مع إدارة الرئيس ترامب، فهذا الرجل حسب سخصيته وطبيعته النفسية، لا يعرف سوى لغة القوة، ولا يبالي بالدبلوماسية، رجل مصاب بجنون العظمة فأحذروه!!