23 ديسمبر، 2024 4:25 ص

إحتمال التغيير قائم في إيران

إحتمال التغيير قائم في إيران

نظام الشاه الذي کان يمتلك خامس أقوى جيش في العالم، وکان بمثابة شرطي أمريکا في المنطقة، کان له دور بارز و مؤثر على مستوى الخطين العامين و الخاصين للأوضاع في المنطقة، وکان يبني و يؤسس لنظام سياسي يکون له الکلمة و القول الفصل في المنطقة، ولم يدر بخلد أحد ان هکذا نظام قوي و ذو علاقات دولية قوية متعددة الجوانب مع اوساط القرار الدولي، سيتهاوى و ينهار و يغدو مجرد رکام و أثر من الماضي.
سقوط الشاه وان کان بفعل ثورة شعبية عامة عارمة، لکن لادخان من دو نار، و لامطر من دون غيوم و رعد و برق، حيث أن الذي مهد و أسس للثورة هو تحرك و نشاط القوى السياسية المناهضة للنظام الملکي و التي وظفت حالة الضجر و السخط الشعبي لصالح التغيير، وقد کان على رأس تلك القوى منظمة مجاهدي خلق التي تميز دورها بطابع خاص جدا و أثبتت حضور فاعل و مميز و قوي جدا لها على خارطة الاوضاع السياسية في إيران حتى أجبرت النظام على الاعتراف بدورها، ولم تکن المنظمة من التنظيمات و الاتجاهات السياسية التي تقبل بأنصاف الحلول و ترضى او ترضخ للمساومة على حساب مبادئها النابعة أساسا من صميم واقع الشعب الايراني و معاناته، بل وانها کانت وفي ظل أحلك الظروف خصوصا عندما تمکن النظام الملکي من إعتقال قادة المنظمة وقام بإعدامهم، تطرح نفسها کمشروع بديل سياسي و فکري جاهز قائم للنظام و تتصرف على هذا الاساس.
عندما نفذ نظام الشاه حکم الاعدام بحق قادة المنظمة، کان يتصور وقتها بأن هذه المنظمة قد إنتهت و إنهارت بفعل هذه الهزة السياسية التي لايمکن لأي تنظيم سياسي معارض من تجنب تأثيراتها القوية جدا، لکن، أثبتت الايام و الاحداث، بأن المنظمة قد استمرت في نضالها و ضاعفت من قوة تأثيرها و دورها و حضورها على الساحة حتى إنتهى بها المطاف الى أن تکون من أبرز و أکبر القوى السياسية الايرانية التي مهدت للثورة و ساهمت بصنعها و إندلاعها و إنجاحها.
الغريب ان الثورة الايرانية و بعد نجاحها في إسقاط الشاه، إلتف عليها رجال الدين بقيادة الخميني و قاموا بمصادرتها و إفراغها من أبعادها و عمقها النضالي و الفکري المتميز و جعلوها تبدو ذات طابع و ماهية دينية بحتة، ومن أجل ذلك قاموا بالقضاء على کل القوى السياسية الاخرى المناهضة لهم او إقصائها، وبديهي أن يکون على رأسها منظمة مجاهدي خلق التي عارضت و رفضت نظام ولاية الفقيه و إعتبرته إمتدادا و ممهدا للدکتاتورية.
النظام الديني و بعد ان إستتب له الامر في إيران، تبين للعالم بصورة عامة و للمنطقة بصورة خاصة من أنه لايختلف عن النظام السابق من حيث عدوانيته و ميله للبطش و التوسع على حساب الاخرين بل وانه قد فاق نظام الشاه و تجاوزه عندما منح لمشروعه السياسي ـ الفکري طابعا و مضمونا دينيا يؤسس لإمبراطورية مترامية الاطراف يهيمن عليها رجال الدين من تلاميذ الخميني، وقد بذلت ازاء ذلك منظمة مجاهدي خلق جهودا جبارة من أجل کشف و فضح الدکتاتورية الجديدة في إيران و التي تسربلت برداء الدين و إتخذت منه ستارا لتنفيذ مآربها و غاياتها المشبوهة، وقد دفعت المنظمة ثمنا باهضا جدا لموقفها هذا الذي کلفها عددا کبيرا من الضحايا وکانت مجزرة صيف1988، التي راح ضحيتها 30 ألف سجين سياسي من أعضاء و أنصار المنظمة، أکبر مثال على ذلك، لکنها مع ذلك لم تمل او تکل من نضالها وانما استمرت في مقارعتها للاستبداد الديني في سبيل إقامة نظام سياسي بديل يکفل حقوق الشعب المشروعة في الحرية و الديمقراطية و السلام و الامن والاستقرار.
سقوط النظام الحالي في إيران التي تعيش حاليا ظروفا أشبه ماتکون بظروف عام 1978، أي السنة التي سبقت الثورة الايرانية مضافا إليه الموقف الامريکي المتشدد الذي يسير بإتجاه مساير نوعا ما لتإييد نضال الشعب الايراني من أجل الحرية و لرفض دول المنطقة له، هو في واقع الامر سيحدث دويا هائلا في المنطقة و العالم إذ سينهي أکبر عامل سياسي ـ فکري يهدد أمن و سلامة و استقرار المنطقة و العالم و سيقضي على أوکار تصنيع و تصدير و تمويل الارهاب المنظم، وقطعا بأن ذلك اليوم ليس ببعيد.