تابع ابناء شعبنا باهتمام بالغ استمرار وتصعيد التظاهرات الحاشدة في بغداد وجميع المحافظات وباعداد غفيرة باجواء سلمية خلت من جميع مظاهر العنف ومن جميع الشرائح المجتمعية المطالبة بالاصلاحات الشاملة والقضاء على الفساد ومحاسبة المتورطين به واحالتهم للقضاء ودعم جهود السيد رئيس الوزراء بتحقيق الاصلاحات التي حظيت بموافقة المرجعيات الدينية والبرلمان ولا بد لنا من التعرض الى مفهوم الفساد ومظاهره واشكاله واسباب تفشية والآثار السلبية المترتبة عنه فالفساد خروج عن القانون والنظام من اجل تحقيق مصالح سياسية او اقتصادية او اجتماعية للفرد او لجماعة معينة من خلال الواجبات الرسمية للمنصب العام تطلعا لتحقيق مكاسب خاصة مادية او معنوية او كما عرفته منظمة الشفافية الدولية هو كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مكاسب لنفسه او لجماعته وبصورة عامة كل ما من شأنه الحاق الضرر بالمصلحة العامة وتتجلى مظاهره بمجموعة من السلوكيات يقوم بها بعض من يتولون المناصب العامة وتتلخص بالرشوة من خلال تنفيذ عمل ضمن الواحب او الامتناع عن تنفيذه والمحسوبية من خلال تنفيذ اعمال لصالح فرد او جهة ينتمي لها الشخص كحزب او عائلة لا يكونوا مستحقين لها والمحاباة اي تفضيل جهة على اخرى في الخدمة بغير حق للحصول على مصالح معينة والواسطة اي التدخل لصالح فرد ما او جماعة دون الالتزام باصول العمل والكفاءة اللازمة كمنح منصب معين لاسباب تتعلق بالقرابة او الانتماء الحزبي رغم كونه غير كفوء او مستحق والاهم من ذلك نهب المال العام اي الحصول على اموال الدولة والتصرف بها من غير وجه حق تحت مسميات مختلفة وكذلك من خلال الابتزاز اي الحصول على اموال من طرف معين في المجتمع مقابل تنفيذ مصالح مرتبطة بوظيفة الشخص المتصف بالفساد وتتلخص الاسباب العامة للفساد ( انتشار الفقر والجهل ونقص المعرفة بالحقوق الفردية وسيادة القيم التقليدية والروابط القائمة على النسب والقرابة ، عدم الالتزام بمبدأ الفصل المتوازن بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية في النظام السياسي وطغيان السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية مما يؤدي الى اضعاف الرقابة المتبادلة كما ان ضعف القضاء وعدم استقلاليته ونزاهته سببا للفساد ، ضعف اجهزة الرقابة وعدم استقلاليتها ، تزداد فرص ممارسة الفساد في المراحل الانتقالية والفترات التي تشهد تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية وعدم اكتمال البناء المؤسسي والاطار القانوني للدولة ، ضعف الارادة لدى القيادة السياسية لمكافحة الفساد ، ضعف وانحسار المرافق والخدمات والمؤسسات العامة التي تخدم المواطنين ،تدني رواتب العاملين في القطاع العام وارتفاع مستوى المعيشة، غياب قواعد العمل ومدونات السلوك للموظفين ، غياب حرية الاعلام ، ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الخاصة في الرقابة على الاداء الحكومي ، غياب التشريعات والانظمة التي تكافح الفساد ،وآخرها الاسباب الخارجية
للفساد من خلال مصالح وعلاقات تجارية مع شركاء خارجيين او منتجين من دول اخرى ) ينتج عن ذلك خلخلة القيم الاخلاقية والاحباط والى عدم المهنية وفقدان قيمة العمل والتفريط في معايير اداء الواحب الوظيفي والآثار السلبية على التنمية الاقتصادية والفشل في جذب الاستثمارات الخارجبة والمساعدات الاحنبية وهجرة الكفاءات الوطنية ومن ثم غياب الديمقراطية وشفافية النظام وعدم المساواة وتكافئ الفرص والصراعات المجتمعية واستشراء النفاق السياسي مما يسيئ الى النظام السياسي وعلاقاته الخارجية
ان جمبع ما تم تشخيصه اعلاه يتطابق تماما مع الحالة العراقية هناك اسباب عديدة لتفشي الفساد اهمها الترهل الاداري في المؤسسات العامة والضعف الواضح في مؤسسات مراقبة الاداء من خلال تعدد الجهات الرقابية يسبب ارباكا في تنفيذ مشاريع الوزارات ومهامها الاساسية فتعدد دوائر الرقابة واقسام التدقيق المالي في كل وزارة اضافة الى دائرة المفتش العام وهيئة النزاهة والرقابة المالية والبرلمان و القضاء ممثلا بالمدعي العام كل تلك الجهات تجتهد حسب وجهة نظرها ودوافعها سواء كانت شخصية او حزبية او غيرها تؤدي الى فقدان الرقابة الحقيقية من خلال تباين الاراء لكل منها وعدم احترام الموظف وزجره وطرق استقدامه وتقصيره تؤدي الى فقدان روح الابداع والتميز ما يؤدي الى التهرب عن الواجب بالاضافة الى قصور الدولة في المحاسبة والتجاوز عن المفسدين فالمطلوب اختصار الجهات الرقابية وتوسيع صلاحيات الادعاء العام واعادة رسم سياسة هيئة النزاهة والحرص على الجانب التثقيفي ومتابعة حركة اموال الدولة وكشوفات الذمة المالية وعمليات غسيل الاموال ومراقبة الفساد الاداري المدخل للفساد المالي والتركيز على معايير الكفاءة والاختصاص وتقويم اداء الموظفين وبناء قدراتهم باستمرار ومنع الانحرافات الوظيفية ومنع المحسوبيات والمحاباة وتحديد ساعات العمل اليومية والمحاسبة عن الاخلال بها وتقليل الاحتكاك مع المراجعين ومحاسبة المقصرين في انجاز واجباتهم والاهم من ذلك احالة المقصرين والفاسدين الى القضاء المختص حالا بدون مداهنة ولا محاباة معهم انسجاما مع المطالب الشعبية وتوجهات المراجع الدينية وان تطبق العدالة في محاسبة الفاسدين صغارا وكبارا كما نهيب بابناء شعبنا ومراجعنا الاستمرار بالدعم والمطالبة لتحقيق المزيد من الاصلاحات ومطالبة هيئة النزاهة والقضاء بملاحقة ومحاسبة سراق المال العام حتى يتحقق العدل والمساواة والتدقيق المستمر لكافة الملفات العسكرية منها والمدنية .