23 ديسمبر، 2024 10:57 ص

إجابة خاصة في اليوم العالمي لحقوق الإنسان!

إجابة خاصة في اليوم العالمي لحقوق الإنسان!

سئلت طالبة في المرحلة الأولى، بأحدى الكليات التربوية، عن كيفية ترتيب حقوق الإنسان في العالم، بناءً على معطيات الأوضاع الحالية في العراق، والإجابة النموذجية عن هذا السؤال، كانت كفيلة بحصولها على درجة النجاح، لأن المتعارف عليه دولياً، أن الدولة عندما يتغير نظامها من دكتاتوري قمعي، الى نظام ديمقراطي برلماني، يجب أن يُعتَرف وتُطبق هذه الحقوق المغيبة عن الشعب العراقي، عقوداً من الزمن الغابر، لكنها كتبت حقوقاً لم تكن في حسبان بعض الناس!
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أقر في العاشر من كانون الأول عام 1948 ،حقوقاً عالمية أبرزها الحق في الحرية والمساواة، والحياة والعيش بكرامة، والامن والملكية، والمواطنة والمشاركة، والعمل والتعليم، وتحمل المسؤولية، والمعاملة على أسس التسامح والتعايش، والتضامن والتعاون وتكوين الأسرة، والمعاملة الإنسانية، واللجوء خلاصاً من الإضهطاد، والمقاضاة القانونية والحماية، وتشكيل الأحزاب والمنظمات، والتظاهر وعدم التمييز بغض النظر عن اللون، والعرق والجنس، والقومية والإصل، والدين والمذهب، فما أجملها من حقوق، وما أروعها من إنسانية!
العودة الى إجابات الطالبة، حيث حازت على إهتمام مدرسي هذه المادة، التي باتت تشكل مادة دسمة، للتدخل في شؤون الدول الفتية، والحديثة على التجارب الديمقراطية، ولكي تطبق تلك الدول تجربتها، لابد من وصاية خاصة من قبل الدول المتحضرة، والمتقدمة كما تسمي نفسها، لضمان سريان مفعول تطبيق حقوق الإنسان على الشعب، خاصة العراقي الذي يتمحور سلوك شعبه، حول كلمتين لا ثالث لهما بعد عام 2003 ،(حرية وديمقراطية)،لكن جواب الطالبة عالق بذاكرة الأستاذ المسيحي!الإسلام دين ختامي لكل الأديان السماوية، ونبيه المصطفى مرسل للبشرية جمعاء، دون الإقتصار على شعب بعينه، أو منطقة محددة، أو حقبة من التأريخ، فلقد أقر الإسلام بشريعته السمحاء حقوق الإنسان، وبأسمى تفاصيلها منذ أكثر من أربعة عشر قرناً، وإكتسبت هذه الحقوق قدسية، وباتت هبة إلهية ترتكز الى الشريعة والعقيدة الإسلامية، لذا هل يمكن الإتكال على حقوق كتبت بأيادٍ غربية، منتصف القرن العشرين ونقيم لها وزناً، مع أنها غير مطبقة بالمرة في بلداننا؟! المعجزات كثيرة في الدنيا، لكن كرامة الإنسان أعظمها، فلقد خُلق الإنسان بأحسن تقويم، ومنحه حقوقاً أعطاها قوة إلزام، يتحمل مسؤولية حمايتها كل فرد، فالباريء عز وجل صاغ هذه الحقوق، ونظم داخلها واجبات الإنسان، وأسلوب ممارسته لحرياته، وأولها الحق في الحياة، فلايحق لأحد الإعتداء عليه، بقوله تعالى:”ولاتعتدوا إن الله لايحب المعتدين”(الأية 190 سورة البقرة)،وقوله تعالى:”ولاتقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق”(الأية 151 سورة الأنعام)، “ولاتلقوا بأيديكم الى التهلكة”(الأية 195 سورة البقرة).حرية التفكير والإعتقاد والتعبير، من أكثر الحقوق التي شغلت بال المفكرين، لكن الإسلام أقرها لبني البشر، فقال:”لكم دينكم ولي دينِ”(الأية 6 سورة الكافرون)، فالإنسان حر في عقيدته ودينه، وقوله تعالى”:لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي”(الأية 256 سورة البقرة)، و(الأية 38 من سورة الشورى)،تقر حق الإنسان في المشاركة بالحياة العامة، بقوله:”وأمرهم شورى بينهم” ،وأورد حق العلم والعمل بقوله تعالى:”إقرأ بإسم ربك الذي خلق”و”إمشوا في مناكبها وإليه النشور”، وحق التملك في قوله:”ولاتأكلوا أموالكم بينكم بالباطل”
عندما قرأ الأستاذ إجابة الطالبة المتميزة، والتي كانت تحتوي على أكثر من ثلاث صفحات، عن حقوق المرأة، والطفل، والأسرة، والعامل، والأقليات الموجودة في المجتمع الإسلامي، والميراث، والتجارة، والزواج، والطلاق، والمساواة، ومعاقبة المجرمين والفاسدين، وجميع الحقوق المرتبطة بالحرية الشخصية، أيقن هذا المدرس المسيحي، بأن مكانة الإنسان في الإسلام رفيعة جداً، فهو خليفة الله في الأرض، وحقوقه جزء أساسي من الدين، لايمكن تعطيلها، أو خرقها، أو تجاهلها، وسألت:هل سيحصل العراقيون على حقوقهم يوماً ما؟!