23 ديسمبر، 2024 12:23 ص

إثر المحاصصة في ترسيخ المكوناتية السياسية والفساد الحالة العراقية

إثر المحاصصة في ترسيخ المكوناتية السياسية والفساد الحالة العراقية

تعد المحاصصة أبرز متغير سلبي صعد مع تغيير النظام الاستبدادي في العام 2003على يد قوى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، فبعد حكم الحزب الواحد ذو النزعة العسكرية الشمولية المناطقية، جاءت التجربة مختلفة في اطرها العامة، من المعلومات في ادبيات الديمقراطية انها ترتكز على الانتخابات، والتداول السلمي للسلطة، ومنح الشعب حرية الاختيار، وانتخاب ممثلية بصورة دورية لكل اربع سنوات على مستوى المجلس النيابي وكذلك الحكومات المحلية، ومنح حرية تأسيس الأحزاب والكيانات السياسية، لكل هذه المرتكزات وغيرها من العناصر السياسية التي نظمت وفق ما جاء في دستور عام2005والذي هو احد العناصر الجديد التي وضعت بعد تغيير النظام الاستبدادي الغير قانوني ، وهس وان كانت في التقييم العام مبادى إيجابية للغاية، شوهت ومن الملفت أيضا ان هذه المبادئ في بيئة جيوجغرافية وجيوسياسية شهدت لعقود من زمن الشمولية السياسية، وسيطرة حكم الحزب الواحد، وانعدام الثقافة السياسية المواطناتية، وشيوع ثقافة الهويات الفرعية المكوناتية والطائفية، بمعني ان الحكم تحت ضلال الحزب الواحد، وسيطرة حكم الرجل السياسي العسكري.
جعل من المواطنين في العراق يقدمون الانتماءات الاثنية والهوية الفرعية على هوية الوطن والدولة الدستورية الجامعة، وليس مستغربا عندما ترى المواطن بعد التغيير في العام 2003يقدم هويته المكوناتية والطائفية على الهوية السياسية الوطنية كرابطة جامعة ينضوي تحتها كل المواطنين وتكون كل الروابط الأخرى منصهرة كالرابطة الدينية والرابطة المكوناتية والرابطة العرقية منصهرة تحت الرابطة السياسية القانونية الوطنية، ولدت صعود الروابط الدينية والمكوناتية والطائفية تداعيات كثيرة منها على المستوى السياسي صعود طبقة سياسية الى دفت السلطات التنفيذية والتشريعية وحتى القضائية تعبر عن حالة الانقسام المجتمعي وصعود الهويات الفرعية المكوناتية والعرقية، ساهم ذلك بان يحكم العراق من قبل هذه الهويات، وعندما تحكم الهويات الفرعية فالنتيجة تغييب حكم القانون، وانعدام سيادة الدولة الوطنية، وتقاسم للمواقع السيادية والسياسية والوزارية.
وهنا تستعمل قوى المكونات والطوائف الديمقراطية كاليه للوصول الى السلطة وتدعس عليها في سلوكها السياسي فالديمقراطية باتت تطبق بصورة مشوهه فلا هي ديمقراطية اغلبية سياسية ولا ديمقراطية توافقية ولا حتى ديمقراطية مجتمعية، فالديمقراطية او حكم الأغلبية او الأكثرية، وهو مصطلح شائع في الحياة السياسية الديمقراطية، ويعني النزعة أو التوجه الأعم للناخبين في اقتراع ما، ويُعبر عنها من الناحية الإجرائية بحصول حزب أو تحالف سياسي على الكم الأكبر من الأصوات المعبَّر عنها مقارنة بمنافسيه كل على حدة، وفي هذه الحالة نتحدث عن أغلبية نسبية أو بسيطة. وحين يحصل حزب أو تحالف سياسي على كمٍّ من الأصوات يفوق ما حصل عليه جميع منافسيه مجتمعين، فإن الأغلبية المحصل عليها تسمى أغلبية مطلقة.
ويشير باحثون الى ان حكومة الاغلبية السياسية يفترض بها وجود شروط واضحة ثابتة لا يمكن التجاوز القفز عليها لاي سبب من الاسباب والا لا حكومة اغلبية سياسية ولا ديمقراطية ولا تعددية والشروط كما يرى الباحث مهدي المولى ومن هذه الشروط مايلي: يجب ان ينقسم السياسيون وفق الخطط والبرامج وفق وجهات نظر فكرية وفق رؤية عراقية تستهدف خدمة العراق والعراقيين بناء العراق وسعادة العراقيين لا يجوز ان ينقسموا بعيدا كل البعد عن الدين والطائفة والقومية والعشيرة والمنطقة فأي انقسام من هذا النوع يعني الغاء الديمقراطية والتعددية والغاء حكومة الاغلبية السياسية، ثانيا ان ينقسم السياسيون الى فئتين الى مجموعتين الاغلبية تحكم والاقلية تعارض وفق الدستور ثالثا من الطبيعي ان الانتخابات ستثمر ستنتج قائمتين متقاربتين مثلا اذا حصلت قائمة ما على 90 مقعد وأخرى حصلت على مقاعد اكثر اقل ومن المفروض كل قائمة لها خطة لها برنامج خاص بها وبما انه لا يمكن لاي قائمة من هاتين القائمتين بمفردها ان تشكل الحكومة لهذا على القوائم الاخرى التي اقل عددا ان تتحرك للتحالف مع اي من الكتلتين وفق قربها من برنامجها وخطتها من الخطأ بل من الخيانة ان يكون التحالف او التقارب من قائمة من اجل مصالح خاصة منصب ونفوذ مال رابعا على القوى السياسية ان تنطلق من خلال خططها وبرامجها الفكرية والسياسية.
اما الديمقراطية التوافقية التي هي من المفترض ان تكون الأقرب للحالة العراقية لا تعبر عن سمات هذه الديمقراطية من حيث تشكيل الائتلافات السياسية كتلك المعمول بها في سويسرا على مستوى العالم المتقدم او ماليزيا على مستوى دول العالم الثالث، ولعل ديمقراطية العراق التوافقية المشوهة هي الأقرب للديمقراطية لبنان اذ تسوده حكم الطوائف والمكونات منذ اتفاق الطائف لكن الفارق ان العراق لم ينص دستوره على التوافقية المكوناتية والطائفية، واصبح تقاسم وتوزيع السلطة عرفاً سياسياً أدى الى تداعيات كثيرة مثلما ذكرنا منها المحاصصة والتي هي الأخرى نجم عنها الفساد المالي والإداري بحكم سيطرة حالة المحاصصة وتغييب دور القانون، وصلاح ذلك ليس مستحيلا لكنه يحتاج الى تضافر الجهود السياسية والثقافية والمجتمعية، يساهم في ذلك الرغبة المجتمعية الشعبية في الإصلاح والتغيير ومنها حركات الاحتجاجات الشعبية وأول معالم الإصلاح والتغيير هي التغيير السياسي عبر صناديق الانتخابات ومن ثم يأتي دور المجلس النيابي، وتطبيق القانون من قبل السلطة التنفيذية بعد اقراره من قبل السلطة القضائية.