التوجس العربي و الخليجي من الغزل الامريکي ـ الايراني کان في محله خصوصا عندما إنتهى بصفقة تآمرية بحتة أعطت المزيد من الوقت الثمين و الفرص النادرة للنظام الايراني کي يستمر في مشروعه النووي الذي يظهر أن الغرب قد بدأ يفکر في تأهيل هذا النظام لمرحلة جديدة هي لن تکون أبدا في خدمة دول و شعوب المنطقة مثلما لاتخدم السلام و الامن العالمي بالجدية المطلوبة.
الغرب الذي کان أسرع مايکون في طريقة و اسلوب تعامله في حسم ملفي اسلحة الدمار الشامل في العراق و ليبيا، نراه بطيئا جدا الى الحد الذي يبعث على الشکوك في طريقة و اسلوب تعامله مع الملف النووي للنظام الايراني، خصوصا وان حجم و مدى و مستوى المشاکل و الازمات التي إختلقها و يختلقها هذا النظام يوجد فرق شاسع بينها و بين تلك المشاکل والازمات التي إفتعلها النظامين السياسيين السابقين في العراق و ليبيا، إذ أن للنظام الايراني ليس حصة وانما حصص الاسد قياسا الى غيره.
الذي يبعث على الشك و الريبة أکثر من أي شئ آخر، هو أن المعارضة العراقية لنظام صدام حسين، کانت تقدم معلومات کاذبة و لاأساس لها من الصحة للغرب لکن الغرب کان يتلاقفها بشوق غامر و يعمل في ضوئها، لکن المعارضة الايرانية المتمثلة بالمجلس الوطني للمقاومة الايرانية، ومع تقديمها معلومات دقيقة و حساسة لم يکن هناك أي شك بمصداقيتها، فإن الغرب کان يحاول جهد إمکانها تجاهلها او حتى التقليل من شأنها، بل الاغرب من ذلك أن المجلس الوطني للمقاومة الايرانية وفي غمرة المحادثات النووية في جنيف خلال الايام السابقة قد أعلن عن معلومات سرية جديدة بخصوص البرنامج النووي للنظام، لکن کالعادة تلقاها الغرب ببرود يبعث على ألف شبهة و ريبة!
التصريحات التي أدلى بها الرئيس الامريکي اوباما و وزراء الخارجية للبلدان التي شارکت في هذا الاتفاق(الفضيحة)، تجنبوا او بالاحرى تعمدوا أن يشيروا الى موافقتهم على حق النظام في تخصيب اليورانيوم، مثلما غضوا النظر أيضا عن أن المساحات الکبيرة التي سمحوا للنظام بالتحرك فيها من جراء هذا الاتفاق، سوف يستغله أيما إستغلال من أجل تحقيق هدفه، وان الذين يصدقون روحاني وهو يؤکد بأن نظامه لايسعى للاسلحة النووية، عليهم أن يرجعوا بذاکرتهم قليلا للوراء ليروا فتوى لمرشد النظام بتحريم الاسلحة النووية، لکن و على الرغم من هذه الفتوى(ذات البعد الفقاعي)، فإن النظام استمر في برنامجه السري حتى إنتبه الغرب الى أن الماء يجري من تحت أقدامهم من دون أن يشعروا به، ومن أجل هذا، فإن تصريح روحاني قبالة فتوى خامنئي لايساوي شيئا!
لو فرضنا جدلا بأن النظام الايراني ليست لديه نوايا لإمتلاك اسلحة نووية وانه صادق في مزاعمه بإستخدام الطاقة الذرية لأهداف غير عسکرية، فإن السؤال الاکبر الذي يطرح نفسه هو: لماذا کل هذه السرية و التکتم على المشروع؟
[email protected]