قلت لها: سأتوقف عن النشر؟!
قالت: لا!!
وأضافت: وهل من سبب؟
فقلت: ومالفائدة؟
فقالت: ليست العقول سواسية وليس كل مَن يقرأ لا يستفيد أو لا يقدم شيئا , فهذا الجيل يريد التغيير نحو الأفضل!
قلت: وكيف؟
قالت: إتحاد الأفكار والعقول!!
أيقظني جوابها من غفلتي ونسياني لحقيقة التنافر القائم ما بين الأفكار والعقول , وكيف تتحقق المواءمة ما بين الإدراك والإعتقاد والسلوك المناقض لهما؟!
فواقعنا العسير يتمتع بطاقات تنافرية تتسبب بعدوانية ذاتية وموضوعية.
والجيل الناشيئ يرى ذلك ويتفهمه , ويشخصه بدقة , وصوابية عالية , تستدعي النظر والإنتباه , والتفاعل الإيجابي مع المنطلقات المعرفية , والنظرات المستقبلية المعتملة في أعماق الواعدين , الذين يتوطنهم حلم الحياة الأفضل , والإنطلاق الإنساني الحضاري الأسرع.
كان هذا الصوت يتوافد من بلدي إلى وعيّ , على لسان روح شبابية متطلعة للأرقى والأفضل, فيلهب مداركي ويشحذ همتي , بالإصرار والتواصل على العطاء.
ففي كل مرة أهِمُّ بالإنقطاع والتوقف , تشدّني إلى السطور نداءات إنسانية حقيقية ذات تأثيرات أصيلة , تطهّر ظلمات الأعماق , وتوقد مشاعل الإصرار والعزم والتجدد , في مسارات الرجاء والأمل والتفاؤل والصدق والنقاء.
نعم , يا عزيزتي , لا بد للعقول أن تتحد بأفكارها , لا أن تعيش تنافرا وتصادما وصراعا , وإضطرابا ينعكس في واقعها القائم , ويترجمه السلوك المتخاصم مع الذات والموضوع والمُلائم.
وما يجري في واقعنا أن الأفكار لا تتحد مع العقول , وإنما العقول ترفضها , ولكي يكون لهذه الأفكار دورها وتأثيرها في الحياة , لا بد من تمترس العقول خلف أسوار الإنفعالات والعواطف الهوجاء , التي تمنع رأي العقل وتعتقل إرادته في أقبية ضلالها وقهرها الإدراكي!
بينما الشعوب الصاعدة تمضي على سكة الإتحاد العقلي بكل ما فيها وما يعتريها , وتعتصم بحبل المودة والتعاون والتفاعل الإيجابي الصالح, الذي يراعي مصالح العباد والبلاد , ويؤدي للتمسك براية المحبة والأخوّة الوطنية الإنسانية , اللازمة لتحقيق الرقاء الحضاري المشرق.
بلى , يا عزيزتي , بإتحاد أفكارنا بعقولنا نكون الأقوى والأروع , وبتنافرهما نكون الأوهى والأضيع!
فهل من راشدٍ يعي رؤيتكِ , ويفهم نظرتكِ الحضارية المنيرة في آفاق مدارات نكون؟!!